حين تلتقي إيران الإسلامية والصين الشعبية..
موقع الصين بعيون عربية ـ
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي*:
تابعنا خلال الأيام الأخيرة، الزيارة التاريخية التي قام لها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المنطقة، وكانت تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة, لأنها أظهرت مكنونات العلاقات القديمة والأصيلة بين الشعب الصيني والشعوب العربية والإسلامية، العامرة بمختلف المنجزات المشتركة, زد على ذلك أنها علاقات متجذرة، وليست جديدة كما درج البعض على الترويج بهدف التضليل .
في التاريخ نقرأ، أنه وقبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، إي قبل الإسلام، كانت القوافل العربية والفارسية وغيرها من قوافل الشعوب، تتنقل من بلاد فارس والجزيرة العربية وبلاد الشام إلى الصين، وبالعكس. وبعد إنتشار الإسلام، إستمرت تلك القوافل بالانطلاق من نفس البلدان المذكورة الى الصين, لكنها صارت تحمل وتـُظهر الطابع الإسلامي والإنساني المنهجي السليم والصادق في التجارة وتبادل النفع والسِّلع، ومَهر العهود وتوقيع الإتفاقيات بين الشعب الصيني والشعوب الاسلامية برمتها.
ولنتذكر هنا وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام في حسن المعاملة والصدق والوفاء بالعهود والمواثيق والإتفاقيات, ولا ننسى كذلك حين أوصانا رسولنا الكريم محمــــد صلى الله عليه وســـلم (إطلبوا العلم ولو في الصين). فتاريخنا العربي والإسلامي من جهة، والصيني من جهة أخرى مرتبطان ببعضهما البعض منذ القديم، ولا يستطيع أحد أن يُشكك أو يُدبلج أو يكذّب بهذا الخصوص أبداً, وطريق الحرير القديم المُتجدّد دليل صادق على عُمق تلك الروابط والتاريخ الحضاري والإرث الإنساني والصِلات الإقتصادية والتجارية والعلمية بيننا بين الصين.
حين تلتقي إيران الإسلامية مع الصين- ذات الرؤيا العالمية والاستراتيجية، يتنادى البعض للرفض والفبركة. ولولا الأحداث في سوريا لقام الرئيس الصيني بزيارتها وزيارة أكثر من دولتين عربيتين، وإضافتها الى برنامج زيارته للمنطقة. وسوريا بلا شك دولة محورية أيضاً، لكنني اعتقد بأن الأحداث المأساوية الجارية فيها، والحرب الدائرة عليها منذ خمس سنوات, كانت عائقاً جاداً أمام إضافتها لبند زيارة الرئيس شي لمنطقتنا.
لقاء قادة ايران والصين في طهران هو “لقاء الأقوياء”، الذين اجترحوا الكثير من أجل شعوبهم. والبلدان يعملان على خدمة شعبيهما للوصول بهما إلى أعالي القمم، وتأمين حياة كريمة وسعيدة لهما, برغم كل المؤامرات والعقوبات التي كانت وماتزال تفرض من هنا وهناك عليهما.
وبرغم مختلف المؤامرت الدولية على الشعبين الصيني والإيراني, إلا أنهما صمدا وصبرا وتحملا، إلى أن أصبحا من الدول العلمية والتكنولوجية والإقتصادية والعسكرية الكبرى، التي لا تستطيع أية دولة مهما كانت قوتها، أن تواجههما.
خطاب الرئيس الصيني شي في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، هام جداً للمنطقة والعالم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف سيتم التعامل لاحقاً مع مكنونات الخطاب الصيني عربياً واسلامياً؟!، لكن ايران تعاملت مع خطاب الرئيس الصيني ومع زيارته إليها على مستوى تحالفي وتفعيلي ورفيع، برغم واقعهما الفكري المختلف.
زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المنطقة وإلى إيران بالذات – الدولة القوية والكبرى في كل المجالات, هي زيارة تاريخية ومرحّب بها كل الترحيب، وستجدّد فتح أبواب مرحلة قديمة جديدة، لزيادة وتوثيق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية, والثقافية والسياحية والطاقة، ومجال التنسيق الدولي. وستستمر تنمية العلاقات بين الدولتين في السنوات القادمة الى آفاق مُذهلة كما كُشف عن ذلك، لإحياء وتفعيل طريق الحرير الجديد، الذي سيكون حِزاماً إقتصادياً للدول كافة, لذلك تم توقيع 17 إتفاقية ومذكرة تفاهم بين الصين وايران، شملت كل المجالات التي تهم الشعبين الصيني والإيراني, ورفع مستوى التعاون الإقتصادي إلى (600) مليار دولار خلال فترة عشرة سنوات قادمة, مما سيؤدي إلى حقبة تقدّم وإزدهار للشعبين الصديقين، تمتد إلى أجيال قادمة.
نتمنى على مختلف الدول العربية والإسلامية أن تمتّن علاقاتها مع الصين الشقيقة والصديقة، لأنها دولة لم تستعمرنا عسكرياً أو إقتصادياً، ولأنها لم تتخلف يوماً عن تقديم أسباب القوة والمَنعةِ لنا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مايَصبُ في صالحنا وصالح مستقبلنا، وتأكيد سياسة الندّية بين صداقة الدول والشعوب، في عالم جديد شرعت الصين ببنائه بهدوء وبصيرة ثاقبة.
*عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب حُلفاء الصين، وكاتــــب وباحــــــــــث أردنـــــــــــــــي.