مسلمو الصين.. إخلاص للدين والوطن (الجزء الثالث والأخير)
موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:
تنشط الجمعية الخيرية الإسلامية في الصين ومنذ تأسيسها لخدمة المسلمين في مناطق البلاد كافة، برغم ان الكثافة السكانية الاسلامية متركزة عملياً في الغرب الجغرافي الصيني، وفي منطقة نينغشا. ويتباين عديد المسلمين في الصين بين منطقة واخرى، لكن المسلمين كافة يُجمِعون على أنهم متساوون في الحقوق والواجبات مع جميع غير المسلمين، برغم أنهم مجموعة صغيرة بالنسبة لمجموع الشعب الصيني، ولعددٍ من قومياته الكبيرة، بخاصة قومية “هان” التي هي الاولى من حيث حجمها العددي.
في الصين يعاملون الجميع بسواسية كأسنان المشط، وكل المواطنين في كل انحاء البلاد، من شرقها الى غربها، من شمالها الى جنوبها، متساوون أمام قانون واحد، وامام دولة واحدة، وضمن شعب واحد، بغض النظر عن قوميات الشعب الصيني الواحد، والأديان التي ينتمي إليها، والألسن التي يتحدث بها، والتقاليد والعادات التي ينتهجها ويَسلكها، ولون بشرة قومياته وسحن وجوههم المتباينة، وغيرها من الاختلافات.
لهذا، وإذ يَشعر مسلمو الصين بالمساواة الكاملة، يشاركون أقرانهم في الصين بالدفاع عن بلادهم، وتوطيد صداقة قومياتها، وإحراز نجاحات متصلة في خططها الاقتصادية والاجتماعية، والتألق بين الجميع بإنجاز اعمال متميزة، وانسجامهم السيكولوجي والحضاري مع بقية الصينيين، ما يؤكد فاعليتهم الاجتماعية والمهنية على كل الأصعدة.
وفي هذا المجال، نقرأ ما صرّح به المستشار الصيني الوطني ونائب رئيس الجمعية الإسلامية الصينية “قوه تشنغ تشن”، في مارس عام 2012، من أن الحرية الدينية للمسلمين الصينيين محمية بشكل فعّال فى جميع أنحاء الصين. بل انه زاد على ذلك لتأكيد حريات مسلمي الصين بقوله، إنه يوجد حوالي (40) ألف مسجد في الصين حاليًا، من بينها نحو (24) ألفًا في منطقة شينجيانغ الواقعة فى شمال غربي الصين.
وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة، الشعب اليومية الصينية الواسعة الانتشار، أنه وبسبب توافد أعداد كبيرة من المسلمين من مناطق الصين الغربية إلى شانغهاي ونانجينغ وغيرهما من المدن الواقعة في شريق الصين في السنوات الأخيرة لممارسة التجارة أو العمل، فقد أدى هذا إلى ازدحام المساجد فى أيام الجمعة، لذا قامت هذه المدن بإنشاء أماكن مؤقتة للعبادة وضمان الأنشطة الدينية الطبيعية للمسلمين.
وأشار إلى أنه ومن أجل تلبية الرغبة القوية لدى المسلمات الصينيات في المشاركة في الأنشطة الدينية، بذلت الجمعية الاسلامية في الصين جهودًا كبيرة لتشكّل لهن ظروفًا مريحة، وكشف عن وجود “أكثر من مئة مسجد خاص للمسلمات”، ما يعتبر شيئا فريداً من نوعه في العالم. ولم تقف جهود الجمعية عند هذه الحدود، بل تعدّتها الى غيرها، ومنها كما يَستطرد تشن، تطوير التبادلات الدينية الخارجية للمسلمين الصينيين والتي أصبحت أكثر نشاطًا على نحو متزايد، حيث نظمت الجمعية الإسلامية الصينية معارض وعروضًا فنية عديدة في سنغافورة وإندونيسيا وتركيا والسعودية وبلدان أخرى كثيرة، وتنشر مطبوعات التي منها مجلة “المسلمون الصينيون” باللغات الإنجليزية والتركية والعربية للتعريف بوضع المسلمين الصينيين للعالم بصورة شاملة، ويقدر عددهم بـ23 مليون شخص. (المرجع، موقع العربية نيوز: http://www.alarabyanews.com/178073)
من ناحية أخرى، يقدّر رؤساء العالم اهتمام حكومة جمهورية الصين الشعبية وعلى كل الأصعدة الرسمية والاجتماعية بأوضاع المسلمين فيها. لذا، كان جلالة الملك عبدالله الثاني حريصاً على زيارتهم والعلاقات معهم والحديث إليهم عن قضايا مسلمي العالم. وفي إحدى زياراته للصين، أشاد جلالته في لقائه مع رئيس واعضاء الجمعية الاسلامية الصينية، بجهود الجمعية في الصين وعرض أنشطتها على صعيد عالمي، وأكد أنه سيُبقي المسلمين الصينيين على اطلاع على أية خطوات قد يتخذها الاردن مستقبلاً خدمة للاسلام والمسلمين، خاصة وان على المسلمين المعتدلين الذين يمثلون غالبية مسلمي العالم ان يتحدوا معا حماية لمصالح الامة. (المرجع: موقع جلالة الملك عبدالله الثاني على الانترنت وهو التالي: http://kingabdullah.jo/index.php/ar_JO/news/view/id/3945/videoDisplay/1.html
والجمعية الإسلامية الصينية منظمة تلعب دورا مهماً على صعيد الصين وبين مسلميها ولحماية مكتسبات الدولة والشعب الصيني في كل الميادين، وبذلك يؤكد المسلم على وطنيته للدولة الصينية وواقعها ومستقبلها..
وقد تناولنا في مقالات سابقة الجمعية الاسلامية الصينية، وعرضنا لقوانينها ومبادئها ولغير ذلك من وقائعها، واليوم ننشر ما تبقّى عنها، وهو يتصل بمهامها الرئيسية وأقسامها وأجهزتها وتعليمها وغيره..
المهمات الرئيسية للجمعية الإسلامية الصينية:
(1) مباشرة النشاطات الدينية الإسلامية في الإطار الذي يحدّده الدستور والقوانين واللوائح القانونية وسياسات الدولة؛
(2) القيام بالتعليم الإسلامي بهدف إعداد الأكفاء المتخصّصين في مجال التعليم الديني؛
(3) استكشاف وترتيب التراث الثقافي الرائع للدين الإسلامي، والقيام بدراسات أكاديمية للحضارة الإسلامية، وترجمة وإصدار المؤلفات الإسلامية الكلاسيكية؛
(4) وضع واستكمال مختلف الأنظمة واللوائح الإدارية للشؤون الدينية الداخلية؛
(5) توجيه الأعمال الدينية في الجمعيات الإسلامية المحلية على مختلف المستويات، وتنظيم التبادلات فيما بينها حول خبرات العمل؛
(6) دفع الجمعيات الإسلامية المحلية والمساجد في مختلف الأماكن إلى تطوير مشاريع وأعمال تهدف إلى خدمة المجتمع والمصالح العامة؛
(7) تعزيز التبادل الودي مع الاخوة المسلمين في دول العالم ومنظماتها الإسلامية، وزيادة التفاهم والتعاون معها.
الجهة القيادية العليا للجمعية هي المؤتمر الوطني للدين الإسلامي في الصين، الذي يُعقد مرة كل خمس سنوات، واللجنة الدائمة التابعة للمؤتمر الحالي تقرر، عن طريق المناقشات والمشاورات، موعد انعقاد المؤتمر الوطني التالي وعدد النواب لمختلف المناطق وطرق انتخابهم. ومهمات المؤتمر هي: الاستماع إلى تقرير العمل المعد من الجمعية ومراجعته؛ مناقشة مشروع قرار المؤتمر تجاه عمل الجمعية وتعديل لائحة العمل للجمعية وإجازتها؛ تحديد أهداف عمل ومهمات الجمعية؛ انتخاب أعضاء لجنة الجمعية. وتعقد لجنة الجمعية جلستها كل سنتين لتدرس وتناقش مهمات عملها، وتعالج مقترحات أعضائها وتدفع تنفيذ قراراتها المعنية. وتؤسس الجمعية لجنتها الدائمة، على أن يتم انتخاب أعضائها في جلسة لجنة الجمعية. وتتحمل اللجنة الدائمة للجمعية مسؤولية تنفيذ القرارات لكل من المؤتمر الوطني ولجنة الجمعية، وتناقش الأعمال ذات الأهمية الكبيرة وتتخذ قرارات بشأنها، وتعقد اللجنة الدائمة جلستها كل سنة. وبتكليف من اللجنة الدائمة يقود رئيس الجمعية ونوابه وأمين عام الجمعية الأعمال اليومية للجمعية.
أقسام العمل التابعة للجمعية الإسلامية الصينية:
(1) قسم التعليم: يتحمل مسؤولية التربية الدينية على نطاق البلاد، ويشمل ذلك، تنظيم مسابقات تلاوة القرآن ومسابقات الوعظ، واختيار المساجد النموذجية على النطاق الوطني، ومعالجة رسائل المسلمين حول الشؤون الدينية، ومراقبة إنتاج الأطعمة الإسلامية والمستلزمات اليومية للمسلمين.
(2) قسم العلاقات الدولية: يتحمل مسؤولية إجراء الاتصالات الودية والتبادلات الثقافية مع المسلمين ومنظماتهم في العالم، وتنظيم سفر المسلمين الصينيين للحج، وتقديم الخدمات الشاملة لهم داخلياً وخارجياً، وينظم هذا القسم كل سنة آلافاً من المسلمين لأداء فريضة الحج في مكة المكرمة.
(3) قسم دراسة الثقافة الإسلامية: يتحمل مسؤولية تعميق الدراسة حول الثقافة الإسلامية الصينية والعالمية، واستكشاف وترتيب التراث الإسلامي الصيني، وتأليف وإصدار الكتب الدينية والمعطيات الأكاديمية والألبومات الخاصة بالمسلمين، وتنظيم الندوات والمناقشات حول العلوم الإسلامية بهدف تنشيط التبادل العلمي بين المسلمين في داخل البلاد وخارجها.
(4) هيئة تحرير مجلة“المسلم الصين“: تتحمل مسؤولية تحرير وإصدار مجلة》المسلم الصيني《باللغتين الصينية والويغورية، وهي مجلة شاملة تشرح الشريعة الإسلامية وتقدم حياة المسلمين الصينيين والأبحاث العلمية واتجاهاتها الجديدة حول العلوم الإسلامية في العالم. وتصدر المجلة كل شهرين وتوزع في كل أرجاء الصين.
(5) مكتب الجمعية: يتحمل مسؤولية معالجة الشؤون الداخلية والإدارية للجمعية ومتابعة المشروعات العمرانية لها.
الجهاز التعليمي الأعلى التابع للجمعية – المعهد الصيني للعلوم الإسلامية
يعمل المعهد الصيني للعلوم الإسلامية تحت قيادة الجمعية الإسلامية الصينية مباشرة، وهو أعلى جهاز تعليمي إسلامي على المستوى الوطني. تأسس المعهد في عام 1955، ويتحمل مسؤولية إعداد أجيال جديدة من الأئمة والعاملين المتخصصين في العلوم الإسلامية في الصين. ويفتح المعهد حاليا فصولا للطلاب الجامعيين، وفصولا للطلاب على المستوى فوق المتوسط، وأيضا دورات تدريبية للأئمة العاملين في المساجد بالأماكن المختلفة. وتوجد في المعهد مكتبة كبيرة خاصة للكتب الإسلامية، وهي الوحيدة في كل البلاد في تخصصها، ويوجد بها أنواع متعددة من أمهات الكتب الدينية النفيسة، فضلا عن الكتب والمؤلفات الهامة في العلوم الاجتماعية والفلسفية.
ويتوافر في مكتبة الجمعية الإسلامية الصينية، الكثير من نسخ ((القرآن الكريم)) المخطوطة باليد وبالنقش، ومعظم النسخ ذات تاريخ يتراوح بين 300 و 500 سنة، وكلها محفوظة بحالة سليمة، وهذا يحظى بتقدير كافة الزوار المسلمين من أنحاء العالم. (المرجع: نقابة معلمي القرآن الكريم – ليبيا – فيسبوك).
ومن أجل تقوية الروابط مع المسلمين في كل أنحاء البلاد وإجادة أعمال توجيه الأعمال الدينية في الجمعيات الإسلامية المحلية، تقيم الجمعية الإسلامية الصينية اتصالات واسعة مع جمعياتها الفرعية على مستويات المقاطعة والبلدية المركزية والمنطقة الذاتية الحكم والولاية الذاتية الحكم للأقليات القومية والمحافظة، وترسل إليها بين حين وآخر فرق عمل أو عاملين متخصصين ليساعدوها في حل مشكلات المسلمين المحليين.
*مسؤول متابعة المطبوعات والنشر والملف الاسلامي بالصين للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.