بحر الصين الجنوبي: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟
بقلم: فو يينغ ـ وو شي تسون
أصبحت قضية بحر جنوب الصين واحدة من “المهيجات” الرئيسية في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، حيث وصل الرأي العام في البلدين لمرحلة حرجة، وهناك خلافات في البحر بين القوتين البحريتين للبلدين.
ويبدو أن بحر الصين الجنوبي “متنفسا” للتنافس والمواجهة التي تكونت في الآونة الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، يتحتم على الجانبين إعادة تقييم نوايا بعضهما البعض على المستوى الاستراتيجي، حيث تناولت آخر التصريحات موضوع “عسكرة بحر الصين الجنوبي”، كما حملت إشارات الولايات المتحدة تنفيذ “تأكيدات حرية الملاحة”.
ازدادت الأصوات المتشددة علوا في الدول المطلة على المحيط الهادئ، فهذه الخلافات المحيطة بها في بحر الصين الجنوبي تؤدي إلى مزيد من عدم الثقة الإستراتيجية والعداء. وكان الباحث الأميركي ديفيد ام. لامبتون، صريحا عندما تحدث بقلق في إشارة إلى الوضع القائم، قائلا “نقطة تحول العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، تقع على عاتقنا”. ومن الواضح أن قضية بحر الصين الجنوبي هي المحفز الرئيسي للعلاقات المضطربة بين الصين والولايات المتحدة، إن لم تكن العامل المساعد.
وتختلف الآراء في البلدين حول الأسباب التي أوصلت إلى الوضع الحالي في بحر الصين الجنوبي. ففي الصين، يعتقد على نطاق واسع أن إستراتيجية الولايات المتحدة لإعادة التوازن في منطقة آسيا/الهادئ، تسببت في إشعال النزاعات في منطقة بحر الصين الجنوبي، وتدخلها المباشر تسبب في تصاعد التوترات وجعل القضية أكثر تعقيدا.
أما في الولايات المتحدة، توجه اتهامات حادة لتحدي الصين للقانون الدولي، وإكراه جيرانها الصغار بالقوة ومحاولة منع وصول الولايات المتحدة، في سعي منها (الصين) للسيطرة على بحر الصين الجنوبي تدريجيا من خلال إستراتيجية “تشريح السلامي”، وتحويله في نهاية المطاف إلى “بحيرة” صينية.
ومن الواضح من الحوادث والأحداث التي وقعت في بحر الصين الجنوبي على مدى سنوات، تتركز جميع المنازعات على السيادة والحقوق على جزر نانشا والمياه المحيطة بها. وفي الواقع، كانت هذه النزاعات ليست استثنائية في بلدان العالم الثالث خلال التاريخ الحديث، بما في ذلك حقبة الحرب الباردة، ولكن اكتشاف احتياطيات نفطية وفيرة في مياه نانشا في أواخر عام 1960، وإدخال ترتيبات دولية بشأن المناطق الاقتصادية الخالصة أو الجرف القاري، مثل إتفاقية الجرف القاري والولايات المتحدة لقانون البحار، قدمت حوافز جديدة للمدعين الآخرين للطمع والاستيلاء على جزر نانشا الصينية.
بعدها امتد النزاع من تلك الجزر والشعاب إلى المناطق البحرية على نطاق أوسع، ولكن من دون أن تخرج عن نطاق السيطرة، وكدليل جيد على ذلك، كان “العصر الذهبي” للعلاقات بين الصين والآسيان من عام 1991 حتى نهاية عام 2010، حيث ازدهر التعاون الثنائي وتضخمت التجارة لما يقرب من 37 ضعفا، من أقل من 8 مليارات دولار إلى نحو 300 مليار دولار. وخلال هذه الفترة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين بسرعة، وارتفعت معظم اقتصادات جنوب شرق آسيا لأكثر من خمسة أضعاف.
بدأت التوترات تتراكم في عام 2009، وتصاعدت منذ عام 2012، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، كيف تفاقمت الأمور على خلفية من السلام والتنمية، وبعد فترة طويلة من التعاون الإقليمي؟.
من الواضح أنه لا يوجد حدث واحد أو سبب لتصاعد الوضع والتحول في المنطقة، لذلك يستحق الأمر دراسة السلوك والحوادث التي وقعت، وردود الفعل التي نجمت، والآثار التي ترتبت عليها، لتصل الأمور إلى الوضع الراهن.
وقد حاولت هذه المقالة أن توفر لمحة عامة عن سلسلة من الأحداث التي ساهمت في تصعيد التوتر في بحر الصين الجنوبي، فضلا عن السياق الذي وقعت فيه والصلات المحتملة. ومن المؤمل أن تساعد هذه المادة المعنيين لرؤية النزاعات بصورة أكبر، وفهم لماذا حدثت الأمور بهذه الطريقة. كما أنها بمثابة تحذير ضد مزيد من تعميق سوء الفهم وتصاعد التوترات لجميع البلدان المعنية.
المصدر: شبكة الصين