الإستراتيجية الصِّينية مع العَالَمِ العَرَبَي في ضوء إجتماع الدّوحة
موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتورة شيه يانغ – هيفاء*:
كان توصيف وزير الخارجية الصيني “وانغ يى” للعلاقات الصينية – العربية الراهنة، في كلمته التي ألقاها في الإجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني – العربي الذي انعقد مؤخراً في الدوحة، دقيقاً ويَضجُ بمعاني عميقة ذات مدلولات شاملة.
ومن اليَسير للقارئ أن يُلاحظ سريعاً خلال قراءته لكلمة الوزير “وانغ يى”، الطرح الإستراتيجي والنظرة الثاقبة والمتابعة الحثيثة، التي تتمسك بها الصين في حِراكاتها وعلاقاتها العربية على نحو شامل مع جميع الدول العربية بدون استثناء، ويتكرّر هذا الطرح الاستراتيجي الصيني سيّما في هذا العام الذي يَشهد احتفالات بمناسبة الذكرى الستين لانطلاق العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية.
وفي الإستراتيجيا الصينية للتعاون مع العالم العربي، كمجموعة واحدة، برغم الاختلافات بين البلدان العربية في عدة مجالات وحقول، الأهداف التالية التي أفصح عنها الوزير الصيني المُخضرم لمُضيفيه العرب، ونقرأ منها التالي:-
1/ ضرورة تعزيز التعاون الشامل الصيني – العربي؛
2/ ضرورة حَفز التطور المشترك الصيني – العربي؛
3/ ضرورة تعزيز التشاركية الصينية – العربية في بناء مبادرة الحزام والطريق، التي يمكن أن تُفضي الى “مهارة جديدة” لإحلال السلام في “الشرق الأوسط”؛
4/ إحلال سلام دائم ومَكين وشامل وعادل في “الشرق الاوسط”.
5/ تكريس قِيم السلام/ والتعاون/ والانفتاح/ والتسامح/ والتنافع/ والنفع المتبادل/ والكسب المشترك/ بين الصين والعرب؛
6/ تحقيق نقلة نوعية لعلاقات التعاون الإستراتيجي الصيني – العربي صارت أكثر عُمقاً واتّساعاً، فأصبحت نموذجاُ يُحتذى به للتعاون بين الدول النامية ككل.
ـ الإستراتيجية الصينية تنطلق من مبادئ تاريخية، وتستند كذلك الى وثيقة سياسية تجاه الدول العربية، أصدرتها القيادة الصينية مؤخراً ولأول مرة، أدت فيما أدت إليه، الى إرتقاء ملحوظ لعلاقاتها العربية، سيّما مع تسع دول عربية، تبوأت مكانة علاقات شراكة إستراتيجية، فأدت الى انعقاد أول حوار سياسي إستراتيجي رفيع المستوى، ووقّعت مذكرات تفاهم بشأن التشارك في بناء الحزام والطريق مع خمس دول عربية، وانضمت سبع دول عربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البًنية التحتية كأعضاء مؤسسين.
وللكشف عن عُمق العلاقات الصينية – العربية ذات الكسب المشترك، والمصالح المشتركة، والشراكة الثنائية والجماعية، والتعاون والصَّلات الندية، وذات المنفعة المتبادلة والمتكافئة، نذكر التالي:-
1/ الصين أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية ككل؛
2/ بلغت قيمة عقود المقاولة الهندسية الصينية الجديدة الموقعة مع الدول العربية 64.6 مليار دولار؛
3/ تم إنشاء مركزين لتسوية العِملة الصينية، “رينمينبي”، في الدول العربية؛
4/ أقام الجانبان الصيني والعربي صندوقين مشتركين للاستثمار؛
5/ أنهت الصين ومجلس التعاون الخليجي من حيث المبدأ مفاوضات تجارة السلع بشكل حقيقي، متفقين على السعي للتوصل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة قبل نهاية هذا العام؛
6/ تم افتتاح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا؛
7/ تم وضع حجر الأساس لأول مختبر وطني صيني – عربي مشترك؛
8/ تم التوقيع على إتفاق بشأن إنشاء أول جامعة صينية – عربية مشتركة (في الاردن).
الوزير “وانغ يى” ما فتئ يؤكد أن هناك إمكانيات كبيرة كامنة للتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية.
ولفت “وانغ يى” إلى أن الرئيس الصيني “شي جين بينغ” لفت في خطاب له قبل فترة وجيزة، أثناء زيارته الى مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، وطرح أفكاراً عن عملية التشاركية الصينية – العربية في مبادرة بناء الحزام والطريق والعمل المشترك.
وفي المنهج الصيني الجديد الذي يَستند الى مبادئ الصين في السياسة الدولية وبضمنها العربية، التشارك العربي الصيني لتأكيد مُبادرة الحزام والطريق، والتي تُعدُ منهجاً تنفيذياً لإقامة علاقات التعاون الإستراتيجي الصينية – العربية، التي يُراد لها:-
1/ ان تلعب دوراً فاعلاً لتثبيت الاستقرار؛
2/ إبتكار سُبل التعاون ونقل الطاقة الإنتاجية؛
3/ تعزيز الصداقة؛
4/ تسجل آية جديدة للعلاقات الصينية – العربية ذات المنفعة المتبادلة.
النهج الصيني الراهن يعمل في سبيل توسيع العلاقات مع العرب والوصول الى شساعة أعظم لها، لأجل: 1/ أن يكون التشارك في بناء الحزام والطريق دليلاً على التعاون لدفع نهضة الأمتين الصينية والعربية؛ 2/ التشارك في بناء الحزام والطريق يَهدف إلى استبدال القتال بالحوار وتعزيز السلام والاستقرار في “الشرق الأوسط”؛ 3/ ويرى أهميةً كبرى في ربط طرفي قارة آسيا الشرقي والغربي؛ 4/ ولزوم تعزيز التنمية المشتركة والازدهار؛ 5/ كسر الفرقة والتحيّز وتعزيز التواصل والتنافع بين الحضارتين الصينية والعربية.
وفي شأن جانب آخر في الخيارات الاستراتيجية بين الطرفين العربي والصيني الذي يجب ان يَجد لنفسه ترجمة في تفعيلات منتدى التعاون الصيني – العربي = الذي هو خيار إستراتيجي أعلى من أجل التطور بعيد المدى للعلاقات العربية – الصينية = ، تفعيل التشاركية الفعلية الجماعية وفاعِليتها وفَعَاليّتها للتشارك الصيني – العربي في بناء وازدهار مبادرة الحزام والطريق، و لأجل:
1/ إيجاد فرصة إستراتيجية جديدة لتعزيز بناء المنتدى، من خلال تركيز الجهود على التعاون العملي.. ولإنتهاز هذه الفرصة فإن المفتاح يَكمن في جعل التواصل والترابط والتعاون في الطاقة الانتاجية والتواصل الثقافي مُحركاً لبناء المنتدى.
2/ تنفيذ البرنامج التنفيذي الذي تم إبرامه ويتضمن 36 مجالاً ضمن 18 باباً على الجانبين القيام بتبويبها ودفعها بخطوات منتظمة، وتأكيد الجهود على التعاون في مجالات الاستثمار والمالية، وتسهيل التجارة والطاقة والتصنيع، ومكافحة الإرهاب، والصحة العامة، والتعليم وغيرها .
يرى وزير الخارجية الصيني وجود شِعاب فعّالة في هذا الإطار، لذا “يتوجّب” على الطرفين تنفيذ “إجراءات مُفيدة للشعوب”، بغية انتهاز هذه الفرصة، فـ.. حيوية المنتدى تكمن في “مشاركة الجماهير”، و.. يجب “إدخال ثمار التعاون إلى بيوت عامة الناس”، وهي فكرة مُبدعة يُشكر الوزير على إبرازها، لكونها حيويةً وتتجاوب مع آمال الفئات الأعرض للشعوب.
من جانبها، الصين ستبقى مُبادرةً الى تفعيلات جادة ومتّصلة ومتواصلة لتعاونها مع العرب، ومن ذلك أهمية مشاركة العرب مع الصين بثنائية الجانبين من أجل: تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الشراكة العلمية والتكنولوجية/ وإقامة مُختبرات وطنية مُشتركة في مجالات الصحة الإنجابية ومكافحة الأمراض والوقاية منها/ والإسراع بنقل التكنولوجيا التي “تخدم مصلحة الشعوب”.
لذلك، ستشرع بيجين بـ: إنشاء خمسة مختبرات وطنية في السنوات المقبلة/ وستَعقد الندوة الصينية – العربية لنظام “بيدو” للملاحة عبر الأقمار الصناعية في أقرب وقت ممكن/ لبحث سُبل التعاون من أجل توظيف كامل لدورالنظام في مجال مكافحة الكوارث والملاحة والتخطيط العمراني في الدول العربية.
ولأن اللغة والثقافة مُهمتين ولا مَندوحة عنهما في عملية تقارب وتفاهم الشعوب، ستشرع الصين بـ: رفع نسبة التغطية لمعاهد كونفوشيوس بما يُمكّن أعداداً متزايدة من الشباب العربي من إتقان اللغة الصينية/ وتركيز الجهود على تفعيل منتدى التعاون في مجال الطاقة والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية/ ومؤتمر رجال الأعمال والتعاون في مجال الإعلام/ ومؤتمر الصداقة/ وتنظيم المهرجانات الفنية/ بالترافق مع حُسنِ تنظيم ندوات التعاون الثلاث في مجالات الإذاعة والتلفزيون والصحة ونظام “بيدو”.
*كاتبة ومُستعربة، وأُستاذة اللغة العربية في جامعة صينية سابقاً؛ ورئيسة مكتب “النيل” للترجمات والدراسات في بيجين حالياً/ وناشطة في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين. شاركت الكاتبة في إجتماع الدّوحة.
سعادة الاستاذة شيه يانغ علومية ونابغة صينية بالعربية، وهي تعتبر نافخة في بوق الصداقة الاستراتيجية العربية الصينية وداعمة منذ ما قبل تأسيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب حلفاء الصين لتأسيس هذا الاطار الفاعل ورفده بالخبرات والكوادر الأنسب.. شكرا لك ايتها الدكتورة الاستراتيجية العزيزة..