المُطالبات بجزرِ بحرِ الصين وأهداف مُحاصَرة الصين
موقع الصين بعيون عربية ـ
إبراهيم الفرا*:
قبل أن اكتب هذه المقالة، طالعتُ العديد من المقالات والأخبار عن الاوضاع في بحر الصين الجنوبي، وفي غيره كذلك من بحار، وذهلت لوجود قوى استعمارية تقليدية قامت بتسمية البحر الذي تشرف عليه اكثر من دولة بإسمها، في تطلعٍ هيمنيٍّ منها لبسط سيطرتها عليه وعلى المناطق الأجنبية التي تحد هذا البحر!
بعض المراجع تتحدث عن خلافات بحرية وإقليمية بين كوريا الجنوبية واليابان، وتقول بأن تلك الخلافات بين اليابان وكوريا الجنوبية ليست سيادية فحسب، بل هي خلافات حول تسمية البحر أيضاً، بسبب أن الجيش الياباني عندما احتل شبه جزيرة كوريا برمتها، قام بتسمية المنطقة ببحر اليابان، وبينما الكوريون يرفضون هذه التسمية تماماً ويطلقون تسمية اخرى على المنطقة هي البحر الشرقي، وفي جوهر الخلافات، ملفات وحقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية.
وبشأن بحر جنوب الصين أو بحر الصين الجنوبي، (بالصينية: 南海) تقول الموسوعة الدولية “ويكيبيديا” بأنه بحر “هامشي مُتجزئ”، ومساحته تقارب3500000 كم2. وتأتي أهمية هذه المنطقة نتيجة لعبور ثُلث الشحنات البحرية العالمية من خلال مياهه. كذلك، يُعتقد انه يحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه. الى ذلك، يُعدُ أكبر بحر في العالم (هو والبحر الابيض المتوسط)، بعد المحيطات الخمسة.
يقع بحر الصين الجنوبي جنوب البر الصيني الرئيسي، متضمناً جزيرة تايوان شرقاً، وتعتبر جُزر بحر الصين الجنوبي (الصغيرة جداً) أرخبيلاً يتضمن المئات من هذه الجزر.
مؤخراً وفجأة وبدون إنذار مسبق(!؟)، تصاعدت مطالب كثيرة من بعض الدول بجزرِ بحر الصين الجنوبي ومعظمها غير مأهولة، لأسباب رغبتها بالحصول على النفط والغاز من قعرها، وبالتالي حرمان الصين من سيادتها عليها، وكأنها أراضٍ بلا رقيب ولا حَسيب، برغم ان الصين كانت وماتزال تُديرها واقعياً وتسيطر عليها فعلياً منذ ألوف السنين، بتأكيد الوثائق والخرائط البريطانية على وجه التحديد، لكون بريطانيا هي الدولة المُستعمرة للصين قديماً، والتي قامت بمسح جغرافي برّي وبحري للأراضي الصينية المُستعمَرة وتلك الاراضي التي تتبع دول غير الصين وتجاور الصين.
لكن المناورات الجديدة لدول عديدة في بحر الصين الجنوبي وعلى مقربة منه تأتي في ظلال توسيع نفوذ امريكا وحلفائها بمنطقة غرب الباسيفيك، ونشرها الغواصات والسفن الحربية هناك، استعداداً لوقف خطوط النقل والتنقل الصينية وإطلالة الصين على الباسيفيك الحيوي لها، لأنه طُرق إمدادها ووصولها الى المياه العالمية المفتوحة.
من أسباب المطالبات بسيادة بعض الدول على جُزر بحر الصين الجنوبي، التالية:
1/ حرمان الصين من طرق مواصلات بحرية إستراتيجية تقع على مشارف البر الصيني الرئيسي في شرقي الصين وعلى مَرمَى حجر منه، وشرق الصين هو بالذات مهد حركة الاصلاح والانفتاح الاقتصادي والسياسي الصيني على العالم ومرفئها الأهم.
2/ مُحاصَرة التطور الاقتصادي الصيني الكثيف في شرقي البر الصيني والذي يَعتمد على التصدير من هناك للعالم.
3/ توفير فضاءات حربية لدول تحد الصين واخرى كبرى واولها الاساطيل الامريكية، لبسط سيطرتها على بحر جنوب الصين ومن خلالها البر الصيني كما تخطط الادارتين الامريكية واليابانية.
جميعنا يَعرف ويُدرك أن مساعي السيطرة على الاراضي الصينية لن يُكتب له النجاح، وتلك المنطقة البحرية الجنوبية هي بمثابة الحديقة الخلفية للصين. والصين لن تسمح بذلك ومواقفها تشي بالامر صراحة، ولو أدّى ذلك الى مواجهات مسلحة. والصين لا تسمح بسقوط أية نقطة صغيرة من مساحاتها الجغرافية، لكونها مناطق مقدّسة وجزء لا يتجزأ من الصين الكبرى والكبيرة والواحدة والموحَّدة برِّها وبحرِها.
*السيد إبراهيم الفرا: كاتب وعضو ناشط في الهيئة الاردنية للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.