السياحة الاردنية الصينية: تمنّيات.. واقع ومعوقات
موقع الصين بعيون عربية ـ
ماريا سوداح*:
برغم التمنيات التي لم تنقطع بتطوير السياحة الاردنية الصينية بشكل فاعل في الإتجاهين ، إلا أنها للآن لم تصبح ظاهرة ملموسة في الشارع الاردني، الذي لم يتمكن حتى اللحظة من كسبٍ كبير من التدفق السياحي الصيني الضخم نحو مختلف بلدان العالم.
قد تكون الأسباب غير المُفضية لتوسّع السياحة الصينية الى الاردن، الأحداث المأساوية في إقليم الشرق الاوسط، ورغبة السياح الصينيين بالتجول في زمن قصير في مختلف جنبات وقلب الاقليم الاوسطي خلال زيارة واحدة، والتقاليد الراسخة للسائح الصيني، الذي يبقى متكوّراً على نفسه وسلوكياته خلال زياراته الى بلدان العالم، بالتزامه بطعامه وشرابه وبكل ألوان صينيته التاريخية، وهو حق طبيعي له. فغالبية الفنادق الاردنية لا تشتمل على أطعمة صينية يرغبها السائح الصيني، وتبرز بحدة مشكلة عدم توافر مترجمين متخصصين من والى اللغتين الصينية (بلهجاتها)- والعربية، وعملياً لا وجود لأدلاء سياحيين يتقنون اللغة الصينية ويعرفون بشمولية ودقة من خلال دراسة أكاديمية الاردن والسياحية الاردنية.
وعن حجم السياحة الصينية في الاردن (بغض النظر عن مدة الزيارة الزمنية للاردن)، تُشير الأخبار الرسمية، وبخاصة تلك التي تنشرها الوكالة الرسمية للأنباء بترا، الى ان عديد السياح والزوار الصينيين في الاردن، بلغ نحو 24إلف سائح عام 2015، بنسبة زيادة قدرها 16 بالمئة عن العام 2014.
نقرأ كذلك في الصحافة الاردنية بين حين وآخر، عن معوقات التدفق السياحي نحو الاردن، وهي معوقات لم يتم معالجتها تماماً للآن ولا تذليل كل صِعابها، ونماذج من ذلك التالي “للأسف”: “استغلال البعض للسياح داخل المطاعم المختلفة وذلك بزيادة الفاتورة على السياح لاعتقادهم بأن السائح انسان يجهل الاسعار، بالاضافة الى استغلال بعض “سائقي التكاسي” واستغفالهم للسياح القادمين الى الاردن من مختلف دول العالم”(الدستور الاردنية18/07/2009).
ـ وفي المعوقات السياحية عامةً، جاء في خبر نشره موقع عمون الاخباري الاردني(10-02-2015)، عن ندوة متخصصة بهذه القضية عقدها إتحاد الجمعيات السياحية الاردني التالي:
– إنتكاسات في وضع القطاع الفندقي في منطقة البتراء، وإنخفاض عدد زوار مديبنة البتراء الى النصف خلال الاعوام الخمس الماضية، فمن (819 ألف زائر لعام 2010، إلى 423 ألف زائر لعام 2014 ،والتي نتج عنها إغلاق 6 منشآت فندقية).
– ارتفاع تكاليف وحجم الضرائب المفروضة على الفنادق.
– ارتفاع أسعار مدخلات المنتج السياحي في الأردن كالكهرباء والماء والمواد الغذائية تسبب بتراجع الحركة السياحية بشكل عام وخاصة القطاع الفندقي، حيث تبلغ تكلفة الطاقة 40 دينار من ثمن الغرفة الفندقية في المواقع السياحية مما يؤثر على تنافسية القطاع مع دول الجوار.
– وجود عدد من المعيقات لإستكمال مشاريع الطاقة المتجددة.
– ميزانية هيئة تنشيط السياحة ضعيفة مقابل مثيلاتها فى الدول السياحية، وإن خطة الارتقاء والنهوض بالسياحة لابد أن تخضع لدراسة الأسواق جيداً والبحث عن الجديد ومراقبة مؤشر نمو اقتصادها الذى يشمل متوسط دخل الفرد فى كل دولة، فضلاً عن الأخذ فى الاعتبار بأن هناك أسواقاً واعدة يجب العمل عليها مسبقاً.مثل الصين والهند.
– آلية احتساب الدخل السياحي والعائدات السياحية في البنك المركزي لا تتطابق مع نسب إشغال الفنادق ، حيث أن هناك العديد من السياح العرب يقيمون بشقق غير مرخصة .
– عزوف المستثمرين عن الاستثمار في قطاع المنشآت الفندقية ، وذلك لارتفاع الكُلف التشغيلية وانخفاض مستويات العوائد المالية حسب ما يمكن الإطلاع عليه من ميزانيات الشركات المساهمة العامة المعلنة.
– ضريبة المتزايدة المفروضة على الرحلات والتأشيرات، والضرائب على الطائرات العارضة التي تنقل العديد من السياح الاجانب الى المملكة، والتي أدّت إلى رفض شركات الطيران إستخدام مطارات الأردن وإستبدالها بدول الجوار.
– ازدواجية التراخيص بين البلديات / أمانة عمان ووزارة السياحة. (علماً بأن عائدات السياحة كانت قد شكلت في الأردن ما نسبته 14% من ناتج الدخل القومي المحلي لسنوات عديدة، إلا أن نسبة مشاركة القطاع السياحي بالناتج المحلي إنخفضت نتيجة لعدم وجود أي زيادة مؤثرة في الدخل السياحي للسنوات الأخيرة تتناسب وزيادة فرص الجذب السياحي).
وفي هذه مجمل هذه الاجواء غير المريحة، يقضم الاردن جزءاً يسيراً من كعكة السياحة الصينية، وهي كعكة كبيرة، وقد تكون الأكبر دولياً، وها هي لا تكل تكبر بلا توقف في إتجاهات وفضاءات مختلفة، تكشف عن رغبة المواطنين الصينيين بالتعرّف على بلدان العالم وثقافاتها، ومواقع الاستجمام والراحة الأمثل فيها.
يرتبط الاردن باتفاقية تعاون وتبادل سياحي مع الصين، ويعمل في إطار نشاطات الهيئة الاردنية لتنشيط السياحة في السوق الصينية، وخطط التسويق والترويج فيها، وان هناك خططاً لحملات استقطاب الصحفيين والإعلاميين والمشاهير الصينيين لزيارة الاردن، ونقل مشاهداتهم لبلدهم لغايات زيادة قدوم المجموعات الصينية، وهو نشاط يجري بالتزامن مع افتتاح خط طيران الملكية الاردنية الى مدينة “كوانزو”. لكن ورغم كل ذلك، لا يتزايد عديد السياح الصينيين القادمين للاردن ليصبح ضخماً وظاهرة يومية وملحوظة كما نتمنى في الشارع الاردني، يتماثل مع السياحات الاوروبية أو الروسية و العربية.
*مديرة في مؤسسة سياحية وعضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء الصين.