سلام أسيا في الكسب المشترك مع الصين
موقع الصين بعيون عربية ـ
مارينا سوداح*
للصين ملء الحق برفض التحكيم الدولي في قضية بحر الصين الجنوبي، لكونها تحتكم بصرامة لقانونية مدونة السلوك التي إسمها الحرفي «إعلان مدونة سلوك الأطراف فى بحر الصين الجنوبى»، المُقرّة مابين دول منظمة آسيان وبضمنها الصين و الفلبين، فقد وافقت كل تلك الدول على المدونة وأكدت قانونيتها بِفِيِهِ كل مسؤول آسيوي وبإمضائه على الوثائق ذات الصِّلة، بأمل حل مختلف المسائل ذات الخلاف داخلها والتوافق على افكار توحّدهم، مايحفظ البيت الآسيوي بعيداً عن النزاعات ورغبات إعادة تشكيلها بسواعد قوى دولية توسعية كارهة للسلام والأمان في آسيا وعلى حدود الصين الشرقية والجنوبية.
تصدير الخلافات من أركان البيت الآسيوي الى جنبات العالم والى قواه الكبرى، سيعمل بالتأكيد على تسلّل “البعض” الى داخل ذلك البيت الكبير بدون إذن، اللهم إلا إذا أذنت لهم محكمة لاهاي المُسيسة حتى النخاع، التي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار قانونية المدونة إيّاها، لكونها تشكل أساساً قانونياً دولياً وأرضية لأطراف متراضية تحتكم إليه الدول الاعضاء فيها. وفي حالة القفز عن المدونة ستُسجّل سابقة خطيرة ستولّد مزيداً من النزاعات الاسيوية، والآسيوية الشرقية، سيما وأن دول كثيرة في شرقي وجنوبي أسيا تتنازع فيما بينها على الأراضي والجُزر والثروات، وما تدويل قضايا تلك المنطقة سوى لعب بالنار التي ستلف العالم، وليس شرقي آسيا لوحدها فحسب.
إن محاولات جر دول شرقي أسيا الى نزاعات عسكرية وحروب لتكسب منها دولة أو دول كبرى وتجني الأموال، والسيطرة في مجال الواقع الجيوسياسي على حساب دول المنطقة برمتها مرفوض.
نعلم ان منطقة شرقي الصين التي هي مهد حركة الاصلاح والانفتاح، تستقطب اليوم دول العالم أجمع لناحية مرونة العيش والامكانية المُتّسعة للاستثمارات فيها، والارباح الضخمة المتأتية من الاعمال الصينية، وانتقال الزخم العالمي المتعددة الأوجه إليها، وتضاؤله في مناطق اخرى في العالم، وهذه الوقائع ترغم فرائص دول مُحدّدة على الارتعاد، لخشيتها من حلول الصين محلها دولياً، عِلماً ان الصين صارت الدولة الاقتصادية الاولى في العالم منذ شهور عديدة، وذلك إنتاجاً وتصديراً وأرباحاً، برغم ان بكين كانت تعتقد قبل سنوات بأنها ستحتل هذه المكانية الطليعية بعد عقدين على أقل تقدير، لكن المجهود الصيني ضخم المقاييس، وتمكّن من اختصار الوقت ليشغل مُراده في زمن قصير مشابه للزمن الذي احتاجه للنهوض بعدما انطلق بحركة الاصلاح والانفتاح.
قضية جُزر بحر الصين الجنوبي ليست قضية جُزر وأراضٍ في حد ذاتها، بل هي قضية تغلغل دولة أو دول كبرى في تلك المنطقة وتحويلها برمتها على منوالها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً ولغوياً وما إليه، لتحلقها بأوروبا الشرقية التي تم تحويلها وطمس معالمها السلافية والروسية، واستخدمت لأغراض غير أغراضها القوية، فتم هدم بُنيانها برمته، سعياً وراء حسابات الربـح وليس لبدائل اخرى ثانوية، وهو ما يسعون إليه في بحر الصين، ومن ثم في شرقي الصين براً وبحراً وشعباً ودولة صينية ندعو لها بالعمران والازدهار وبقاء الصداقة والتحالف بيننا وبينها كإتحاد دولي وشعوب.
ندعو دول أسيا الشرقية والصين ان تتفاهم على كلمة وعمل سواء، وأن تُرسي دول شرقي أسيا علاقات تفاهم وتعاون مع الصين ليكون مستقبلها مزدهراً يصل الثريا، فهو ماتراه شعوب العالم الأفعل والأفضل والأحسن لأسيا والكرة الارضية التي نرغب بأن نعيش كلنا على سطحها بسلام وطمأنينة موصولتين.
فسلام أسيا إنما هو في الكسب المشترك مع الصين.
**كاتبة ومديرة في مؤسسة سياحية وعضوة في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.