جُزر الصين وباطنية السيناريست الأمريكي!
موقع الصين بعيون عربية ـ
مأمون الروابدة*:
شهدت السنوات اﻷخيرة بتحريض ودعم من واشنطن، قيام بعض دول آسيان (الفلبين فيتنام،ماليزيا إندونيسيا بروناي) بتحركات استفزازية في بحر الصين الجنوبي.
وفي ابريل عام 2012 قامت سفينة حربية فلبينية باحتجاز قوارب صيد صينية.
وفي يناير عام 2013طلبت الفلبين من المحكمة الخاصة بمعاهدة اﻷمم المتحدة لقانون البحار ان تقوم باﻹدارة القانونية للجزر المتنازع عليها بحجة ان خط القطاعات التسعة غير شرعي.
مثل هذه التصرفات الاستفزازية لا تساعد في حفظ سلام واستقرار منطقة جنوب شرقي اسيا. وإنما تشيع أجواء التوتر في المنطقة. ولمن لا يعرف بحر الصين الجنوبي فهو بحر هامشي متجزئ من المحيط الهادي يشمل المنطقة من سنغافورة ومضيق ملقة إلى مضيق تايوان، ومساحته تقارب (3500000) كيلو متر مربع، وتأتي أهميته نتيجة لعبور ثلث الشحنات البحرية العالمية بمياهه كذلك ويعتقد أنه يحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه، ويعد أكبر البحار في العالم (هو والبحر المتوسط) بعد المحيطات الخمسة.
في حوض بحر الصين الجنوبي تتصارع العديد من الدول على حقوق السيادة، على مياهه وجزره بدون استثناء، لكن اللعبة الكبرى والسرية التي تقبع خلف كل تلك المطالبات المعادية للصين ، تكمن في الخطر الحقيقي الذي يتمثل في الوحش اﻷمريكي.
فواشنطن ومن أجل تعزيز هيمنتها في هذه المنطقة تلعب دوراً مزدوجاً، فمن جهة تحرض بعض الدول ﻹثارة النزاعات وتقدم الحماية العسكرية لها؛ ومن جهة أخرى تعكر صفو الهدوء الدبلوماسي في المنطقة. وهذا في نهاية المطاف لا يساعد في حل النزاعات حول بحر الصين الجنوبي ، وإنما يزيد من حدة التوترات في المنطقة.
بعد انتهاء الحرب الباردة بدأت الولايات المتحد اﻷمريكية تقليص وجودها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وفي عام 1992 أغلقت على التوالي قاعدتها العسكرية في خليج سوبيك وقاعدة كلارك الجوية في الفلبين.
كانت هاتان القاعدتان مركزين عسكريين للتدخل العسكري اﻷمريكي في شؤون دول شرقي آسيا خلال حرب فيتنام. أما بعد تفكك اﻹتحاد السوفييتي السابق، وسحب روسيا قواتها من خليج (كام رانة)، والدور الناجح الذي لعبته آسيان في دفع مسيرة التعاون بين دول جنوب شرقي آسيا، ظنت واشنطن أن منطقة بحر الصين الجنوبي لم تعد نقطة ساخنة للتنافس اﻻستراتيجي داخل آسيا والمحيط الهادي، ولوقت طويل تبنت واشنطن موقف عدم التدخل في نزاعات السيادة حول جزر بحر الصين الجنوبي مابين الصين وتايوان الصينية وبعض دول آسيان.
فمنذ عهد طويل، كانت قوة الصين البحرية والجوية تفتقر إلى القدرة على الوصول إلى أبعاد كاملة في مياهها الإقليمية ذات السيادة.
لكن مع تقدم مسيرة تحديث القوة العسكرية الصينية بدأت واشنطن تشعر (بالضغط الصيني)، وتنظر إلى بكين على أنها “تهديد”.
وفي عام2011أعلنت إدارة الرئيس اﻷمريكي أوباما استراتيجية (إعادة التوازن) في منطقة آسيا والمحيط الهادي التي تمثل خطوة لتعزيز الهيمنة اﻷمريكية في المنطقة ، على ضوء صعود القوة العسكرية الصينية، كما تهدف إلى تجنب أي تحوّل قد يؤدي إلى زعزعة مكانة واشنطن أو إضعاف قوتها في المنطقة.
جعلت التدخلات السياسية والدبلوماسية اﻷمريكية بدافع من رغبة الهيمنة قضية بحر الصين الجنوبي برميل بارود قابلاً للانفجار وتهديداً للأمن اﻹقليمي في شرقي آسيا. تزعم واشنطن أنها (تحافظ على حرية الملاحة في المنطقة؟!)، لكن ذلك مجرد ذريعة للحد من زيادة القوة البحرية للصين.
واشنطن قلقة من أنه إذا تمكنت الصين من بسط سيادتها الكاملة على الجزر المعنية بها في بحر الصين الجنوبي فقد يمتد تأثير قوتها جنوباً مما يُنهي الهيمنة اﻷمريكية في غربي المحيط الهادي والمتواصلة منذ الحرب العالمية الثانية، وهو أمر تتطلع اليه الشعوب بشغف للتخلص من تلك الهيمنة الخارجية والتي خيل ذات يوم بأنها ستكون أبدية!
وخلاصة القول فإنه حيث يوجد صراعات وتوتر في أي مكان من العالم فإن أمريكا حتما ستكون بباطنيتها المؤلف والمخرج والسيناريست، أما وجود الصين سيدة على أراضيها فهو علامة وبادرة خير تحررية للعام أجمع يفتح عهداً جديداً تتوق اليه الانسانية.
*عضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.