بعد صدور قرار “المحكمة”.. البحر الجنوبي: الحُكم غير مُلزم وسِيادة الصّين غَير قابلة للجَدل
موقع الصين بعيون عربية ـ
فؤاد راجح*:
الصين هي أول دولة اكتشفت جزر بحر الصين الجنوبي واستثمرت فيها وسَمَّتْها ومن ثم اعتبرتها جزءاً من سيادتها التي لن تفرط بها مهما كانت الظروف.
إن سيادة الصين على جُزر بحر الجنوب مسألة غير قابلة للجدل، هكذا تقول الحكومة الصينية، مع التأكيد على أن التاريخ يَشهد أن الصين تدير هذا البحر منذ القدم.
ولا يُعَدُّ رفض الصين لقرار المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي التي تشكلت وفق الإتفاقية الدولية لقانون البحار تمرداً على القوانين الدولية، ولن تخاطر الصين بسمعتها في حالة الرفض كما يحاول الإعلام الغربي تصوير ذلك، لسبب بسيط هو حقيقة المساعي الأمريكية لتطويق الصين في عقر دارها.
لقد صدر الحكم بالفعل. ماذا بعد؟ الصين تعتبره غير ملزم ولا ترى في أي قرار دولي حلاً ولقد قاطعت التحكيم منذ البداية. ذهبت الفلبين لوحدها إلى لاهاي وصدر الحكم برغم غياب الطرف الآخر، جمهورية الصين الشعبية.
قبل التصعيد من قبل الفلبين عام ٢٠١٣، وقعت الدولتان وبمباركة دول آسيان إتفاقيات ثنائية لمناقشة الخلافات في بحر جنوب الصين عن طريق المشاورات ولمنع أي فوضى وكذلك من أجل أن تعمل الدولتان بجانب دول المنطقة لتعزيز الأمن في هذا البحر.
كيف قررت الفلبين الذهاب إلى لاهاي إذاً؟ ذهبت الفلبين لمحكمة لاهاي، من أجل التحكيم الدولي بشأن إدعاءاتها في بحر الصين الجنوبي، بتشجيع من بعض الدول الدخيلة على المنطقة، كالولايات المتحدة، والتي تسعى لفرض هيمنتها عن طريق تصنع الدفاع عن حقوق الحلفاء.
إن المطامع الأمريكية في المنطقة، لعل أبرزها ما يتجلى من خلال الإستراتيجية المزعومة لإعادة التوازن في المنطقة المعروفة بآسيا والمحيط الهادئ، لا تخفى على أحد، بل إنها تعكس أهم أسباب التصعيد في المنطقة. لقد كان الذهاب إلى لاهاي بمثابة تجاهل لعلاقات الجوار و خيارات الحوار ولو بشكل مؤقت وبمثابة تنصل الفلبين عن إتفاقاتها مع الصين بسهولة.
من السهل ملاحظة تواجد العنصر الخارجي هنا ومحاولة الولايات المتحدة التدخل. ما طبيعة الخلاف في بحر الصين الجنوبي؟ تسيطر الصين وتمارس سيادتها ومختلف الأنشطة تقريبا على٨٠٪ من البحر الأكبر في العالم، بما في ذلك الجزر الحيوية الغنية بالثروة السمكية والثروات الطبيعية.
تحتج الفلبين على الأنشطة الصينية في بعض الجزر وتزعم أن ذلك يتناقض مع الأعراف الدولية بشأن البحار. وجوهر الخلاف هو حول سيادة الصين على بعض الجزر وكذلك ترسيم حدود الصين البحرية. ٤٠٪ من التجارة العالمية بقيمة خمسة تريليونات دولار سنوياً تمر عبر هذا البحار، بحسب بعض الإحصائيات. وبإلقاء نظرة على النزاع في هذا البحر وتداعياته ووفق كل المعطيات والحقائق، يمكن القول بأن المشكلة مفتعلة.
كان هناك إجماع دولي على أن جزر بحر الصين الجنوبي تابعة للصين حتى أثارت الولايات المتحدة قضية البحر عام ٢٠١٠. إذا هو صراع جيوسياسي تتزعمه الولايات المتحدة وليس الفلبين كما يبدو، في ظل تزايد الرُهَاب الأمريكي من الصين التي شبت عن الطوق. ومهما يكن، هناك قرابة ستين دولة بما فيها أعضاء آسيان تدعم حق الصين في سيادتها على جزر بحر الجنوب.
إن الصين دولة مسالمة وقوة يرتكز عليها السلام العالمي وليس فقط السلام والإستقرار في آسيا ومن الصعب التَنَمُّر عليها أو محاولة إستفزازها والتطاول على سيادتها. وماتزال تفضل العودة للمشاورات بين الدول المعنية وبعيدا عن أحكام دولية قد لا تراها ملزمة لحل أي خلاف في المنطقة.
في هذه الأثناء، قد يساهم موقف الرئيس الفلبيني الجديد الذي يحمل نبرة التصالح وبناء علاقات جيدة مع الصين في التوصل لحل وتجنب أي صدام لا تريده دول المنطقة.
الرئيس الجديد للفلبين، رودريجو دوتيرتي، صرّح قبل اليوم عن رغبة بلاده في تشارك كل الثروات مع الصين حتى ولو كان قرار المحكمة الدولية لصالح بلده.
*مراسل وكالة أنباء الصين الرسمية شينخوا في اليمن، وعضو ناشط ومساعد يحمل رتبة مراقب إعلامي وتنظيمي لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.