الشيوعي الصيني في شيخوخته
موقع قناة الجزيرة الالكتروني:
رغم أن الحزب الشيوعي الصيني في عامه التسعين لا يواجه معارضة سياسية منظمة فإن بعض المراقبين يرون أن الحزب بات يواجه بالفعل مشاكل شيخوخة, بالإضافة إلى تحديات داخلية تهدد استمراره.
ويتوقع كثيرون ظهور خلافات حادة بين مراكز القوى من أقطاب الحزب ورموزه القيادية خلال الفترة الحالية التي تسبق انعقاد مؤتمره العام الثامن عشر العام القادم والذي من المتوقع أن يفرز قيادات جديدة للحزب والدولة.
وخلال السنوات الماضية, نمت فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء وبات ذلك يحمل معه بذور عدم استقرار اجتماعي.
وفي إقرار بخطورة الموقف, حذر الأمين العام للحزب خو جين تاو في كلمته بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب من أن “الحزب يواجه مشاكل وتحديات عميقة قد تؤدي إلى تقويض ثقة الشعب به”.
هزات متكررة
وقد تعرض الحزب خلال مسيرة حكمه الطويلة للكثير من الهزات والإخفاقات مثل تجربة “القفزة الكبرى إلى الأمام” منتصف خمسينيات القرن الماضي عندما حاول أن يقفز بالصين من بلد زراعي إلى بلد صناعي فسقط وكسر رأس الاقتصاد الوطني ليعود ويدخل الصين في أتون ما عرف باسم “الثورة الثقافية” بين منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي عندما دخلت البلاد بأسرها مرحلة اضطراب اجتماعي احتدم فيه الصراع العقائدي والأيديولوجي.
صينيون يحتفلون بعيد تأسيس الحزب الشيوعي (الجزيرة نت)
ولم يتنكر الحزب لتلك الأخطاء واعترف بها وحلل أسبابها في كتاب صدر بهذه المناسبة يقع بحوالي ألف صفحة استغرق تأليفه وتوثيقه 16 عاماً وأرخ للفترة بين عامي 1949 و1978.
واستطاع الحزب أيضا تحقيق العديد من الإنجازات خلال العقود الثلاثة الأخيرة بعد أن تبنى مطلع ثمانينيات القرن الماضي ما عرف باسم “سياسة الإصلاح والانفتاح” ونظرية “اقتصاد السوق الاشتراكي”. لكن انشغال الحزب بالاقتصاد والمال أدى إلى تفشي ظاهرة الفساد على نطاق واسع بين كوادره ومسؤوليه.
وبينما تتكشف المشكلات, احتفل نحو تسعين مليونا من أعضاء الحزب بالذكرى التسعين لحزبهم الذي يعتبر أكبر الأحزاب السياسية في العالم وربما أطولها بقاء في الحكم.
وقد سبقت الاحتفالات حملة دعائية ضخمة عبر مختلف وسائل الإعلام الصينية شملت عدة مسلسلات تلفزيونية وكذلك عرض فيلم سينمائي بعنوان “بداية النهضة الكبرى” شارك فيه معظم نجوم السينما الصينية وشاهده خلال أسبوعين أكثر من 218 مليون مشاهد.
وبالإضافة إلى ذلك, جاءت المعارض والمسرحيات في مختلف المدن الصينية خاصة تلك التي تضم مواقع هامة في مسيرة الحزب التاريخية حيث شهدت نمو ما بات يعرف باسم “السياحة الحمراء”.
كما افتتح رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو خط قطار بكين شنغهاي الذي يعتبر من أسرع قطارات العالم ويمتد على مسافة 1300 كيلومتر وبلغت تكلفته أكثر من 34 مليار دولار. وتم أيضاً افتتاح أطول جسر بحري في العالم في مدينة تشينغ داو شرقي الصين بطول 36 كيلومترا وبتكلفة تجاوزت ملياري دولار.
يشار في هذا الصدد إلى أن الحزب الشيوعي الصيني اعتاد الإعلان عن تدشين مثل هذه المشروعات الضخمة بذكرى تأسيسه كما حدث عام 1970 بافتتاح أول خط قطار كهربائي صيني, وكذلك عام 2006 بتدشين أعلى خط قطار في العالم يربط بكين بمدينة لاسا عاصمة إقليم التيبت.
وكان الحزب قد أسس في يوليو/تموز عام 1921 بمدينة شنغهاي, ثم قاد حركة التحرر الوطني بملحمة طويلة عرفت باسم “المسيرة الكبرى” قطع خلالها ثوار الحزب ما يقرب من 13 ألف كيلومتر من المصاعب والأهوال.
ثم خاض حرباً أهلية ضروساً مع خصمه العنيد الحزب الوطني “الكومندانغ” انتهت بفرار الوطنيين إلى تايوان وإحكام الشيوعيين سيطرتهم على البر الرئيسي للصين عام 1949 ليبقى الحزب منذ ذلك الحين الحاكم الوحيد بالبلاد.