خبراء صينيون: مبادرة “الحزام والطريق” تتيح فرصا هائلة لاتجاه الطب الصيني التقليدي إلى العالمية
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
مع تزايد التبادلات والتعاون في مجال الطب الصيني التقليدي خارج البلاد على مدى عقود، لاقى النهج المعرفي لهذا النوع من الطب ومفهوم العلاج به مزيدا من الإقبال على صعيد الطب العالمي. ورأى الخبراء الصينيون أن طرح مبادرة “الحزام والطريق” يتيح آفاقا رحبة وفرصا هائلة لاتجاه الطب الصيني التقليدي إلى العالمية.
وقد ذكر تشانغ بوه لي، رئيس أكاديمية الطب الصيني التقليدي، أن الطب الصيني التقليدي يعد جزءا هاما من القوة الناعمة للصين، وثمة اتجاه واضح يتمثل في أن المزيد من الأجانب يبدون اهتماما كبيرا به ويتعمق إدراكهم لمفاهيمه، مشيرا إلى أن التبادلات بين الصين والدول الأخرى في هذا الصدد لم تقتصر على الجانب التبادلي فقط، بل وتحولت تدريجيا خلال الأعوام الأخيرة إلى تعاون براغماتي .
وأشار تشانغ، الذي ترأس ولعدة مرات تبادلات أكاديمية أقيمت بدول مختلفة من العالم، إلى أن تكثيف تدريس مادة الطب الصيني بمعاهد كونفوشيوس التي فتحت ببعض البلدان الأجنبية يسهم في اتساع تأثير الطب الصيني يوما بعد يوم، علاوة على أنه مع طرح مبادرة “الحزام والطريق” وتطبيقها، صار الطب الصيني التقليدي مجالا مهما لتعزيز تأثير القوة الناعمة في الدول المشاركة في بناء هذه المبادرة.
ولدى حديثه عن مستقبل تطوير الطب الصيني، أوضح أن برنامج “الصين الصحية” أدرج ولأول مرة على الإستراتيجية الوطنية حيث تم تضمينه في الخطة الخمسية الـ15 للبلاد، وهذا يرمز بدوره إلى الأهمية الكبيرة التي توليها الصين للطب الصيني التقليدي، منوها إلى أن مجلس الدولة الصيني أصدر في العام الماضي خطة التنمية الطبية والخدمات الصحية (2015-2020)، وهي أول خطة وطنية صينية معنية بتطوير الخدمات الصحية للطب الصيني وتشير إلى أن الطب الصيني التقليدي سيشارك فى بناء مبادرة “الحزام والطريق” وسيختار مجلس الدولة بموجبها مشروعات تنموية مستدامة لإجراء تعاون وتبادلات مع بلدان “الحزام والطريق” لتعزيز التأثير الدولي للخدمة الصحية للطب الصيني.
ومن جانبه قال هوانغ تشن هوي، مدير مركز التبادلات الدولية بمصلحة الدولة للعقاقير التقليدية الصينية، إن معظم الدول الواقعة بطول “الحزام والطريق” لديها تاريخ من استخدام الطب الصيني التقليدي أو طب الأعشاب المحلي وقاعدة شعبية لا يستهان بها في ذلك. وفي السنوات الأخيرة ومع تزايد التطوير المستمر لتجارة العقاقير الصينية وانتشار الطب الصيني التقليدي، أصبح الطب الصيني نقطة نمو اقتصادى جديدة في الكثير من الدول. لذا فإنه من خلال الاستعانة بتطبيق هذه المبادرة، تبدو آفاق تطوير التعاون والتبادلات في مجال الطب الصيني التقليدي مع هذه الدول واسعة للغاية.
ولفت هوانغ إلى أن الدول الواقعة على طريق الحرير وخاصة دول جنوب شرق آسيا تولى اهتماما كبيرا بالطب التقليدي، وقامت بدمجه في قطاعي السياحة والأغذية وغيرهما من القطاعات، وهو ما جذب عددا كبيرا من المستخدمين المحليين والأجانب.
وفسر هوانغ هذا الإقبال، قائلا إنه مع تزايد نسبة الشيخوخة في المجتمع العالمي، تواجه مختلف دول العالم ضغوطا هائلة جراء ظاهرة شيخوخة السكان. وفي دولة واقعة على طريق الحرير مثل إيطاليا، يمثل عدد السكان الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما حوالي 20% من مجموع السكان ليسجل هذا البلد النسبة الأعلى من المسنين في أوروبا، ومن هنا، صارت أزمة الشيخوخة تشكل تحديات أمام صناعة الأدوية وتحدث زيادة حادة في الطلب على أدوية علاج الأمراض المرتبطة بالعمر، وهذا يفتح الباب أمام التداوى بطب الأعشاب ومن بينه الطب الصيني التقليدي الذي يقوم على عقاقير ذات مكونات طبيعية لا تحمل أية آثار جانبية ويساعد في الوقاية من الأمراض.
واقترح تشانغ أن يركز التطوير المستقبلي للطب الصيني على ثلاثة جوانب في ظل برنامج “الصين الصحية”، يتمثل أولها في مواصلة تطوير نقاط تفوق الطب الصيني التقليدي من أجل إيجاد علاجات للأمراض المزمنة والأمراض المتعلقة بالشيخوخة والأمراض المعدية، وثانيها في العمل بنشاط على تعزيز خدمات الصحة المجتمعية للوقاية من الإصابة بالأمراض، وثالثها في تحقيق الدمج بين الطب الصيني والطب الغربي.
واستفاض تشانغ في الحديث حيث أعرب عن اعتقاده بأن الدمج بين الطب الصيني والغربي هو دمج بين جوهر الطبي الصيني والتكنولوجيا الحديثة لربط الطب الصيني بالمعايير الدولية، انطلاقا من اغتنام الفرص التي تتيحها مبادرة “الحزام والطريق” ومن استخدام التكنولوجيا الغربية المتقدمة ومن السعي إلى تحقيق الفوز المشترك.
وحول تحديث الطب الصيني التقليدي، أكد تشانغ أن الباحثين الصينيين في هذا الطب ممتازون وخير من تمثلهم تو يو يو اختصاصية علم الأدوية بأكاديمية الصين للطب الصيني التقليدي التي نالت مع عالمين آخرين جائزة نوبل للطب لعام 2015 لاكتشافها عقار “الأرتيميسينين” الذي نجح بدرجة كبيرة في خفض معدلات الوفاة بين مرضى الملاريا لتقدم بذلك مساهمات ملحوظة لقضية الرعاية الصحية للبشرية، مضيفا أنه على مدى العقود الماضية، قدمت الصين دعما قويا لتحديث الطب الصيني التقليدي الذي تطور إلى حد كبير.
ولدى إشارته إلى أن قيمة الناتج الصناعي للطب الصيني بلغت قبل عشرين عاما 20 مليار يوان فقط فيما بلغت اليوم 800 مليار يوان تقريبا، رأى تشانغ أن صناعة عقاقير الطب الصيني مازالت بحاجة ماسة إلى التطوير واستخدام التكنولوجيا الحديثة لاستكشافها بشكل أعمق، قائلا إن مضاعفات أمراض السكري والزهايمر والسكتة الدماغية والقلب والأوعية والسرطان وغيرها تشكل تحديات خطيرة لصحة الإنسان ويقف الطب الغربي عاجزا عن إيجاد علاج فعال لها، ومن ثم فإن كيفية تحقيق التكامل بين الطب الصيني والطب الغربي واستخدام أحدث العلوم والتكنولوجيا لاستكشاف الإمكانات الكامنة الهائلة للطب الصيني التقليدي يشكلان اتجاها مهما لدفة الجهود المستقبلية.