كيف تحرك الصين اقتصاد العالم على إيقاعها؟
رغم حالة التباطؤ التي يعيشها اقتصاد الصين، مسجلاً تراجعاً في النمو من10% في العام 2000 إلى 6.9% في 2015، إلا أن ثاني اقتصاد في العالم، يبقى العامل الرئيسي في تحريك عجلة الاقتصاد العالمي، متفوقاً على اقتصاد أميركا الأول عالمياً، حتى في ظل توقعات بأن يهبط أكثر هذا العام إلى 6.6%.
ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر أخيراً حول الصين، أسهم ثاني اقتصاد لوحده بثلث إجمالي النمو الاقتصادي العالمي في 2015، أي نقطة من ضمن 3.1%، وهو ما يشكل من 3 إلى 4 أضعاف تأثير الاقتصاد الأميركي عالمياً، بحسب ما خلصت إليه صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
ويرى خبراء وفقاً لما نقلته الصحيفة، أن “الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للصين ربما يكون أكبر من التقديرات الرسمية، ويعتقدون أن الإصلاحات التي يشهدها الاقتصاد الصيني في سبيل الانتقال به من اقتصاد يرتكز على الاستثمار الصناعي إلى سياسة اقتصادية تقوم على الخدمات والاستهلاك الداخلي، سيكون لها آثار إيجابية غير مباشرة على اقتصادات بلدان أخرى، رغم التخوف من أن تؤدي على المدى القصير إلى مزيد من التباطؤ في ثاني اقتصاد بالعالم.
ومن أبرز علامات التأثير الكبير لاقتصاد الصين، قالت الصحيفة إن انخفاضاً بـ 1% في الاستثمارات الصينية، يجر نمو كافة دول مجموعة العشرين التي تعد أقوى الاقتصادات، نحو التراجع بـ 0.25 نقطة.
وباعتبار الصين اللاعب الرئيسي في التجارة العالمية، فإن إعادة توجيه اقتصادها ألقت بثقلها على أسواق المعادن، التي تغطي بكين 40% من الطلب العالمي عليها، كما أن تباطؤ الطلب الداخلي في الصين شكل السبب الرئيسي وراء الهبوط التدريجي للأسعار بـ 60٪ منذ العام 2011.
وعادة ما يتم الاعتماد على الصين لتحريك الطلب في أسواق السلع الأولية، فهي مستهلك كبير من الناحية العملية لكل سلعة، من النفط إلى النحاس. ومنذ 2009 عندما عصفت الأزمة المالية بأكبر كتلتين اقتصاديتين، أميركا والاتحاد الأوروبي، برزت الصين كالمنقذ، ولولا التريليونات التي أنفقتها لتحفيز الاقتصاد، لما وجدت دول عديدة وقتها من يشتري سلعها، بما فيهم الولايات المتحدة.
إلا أن الصين الآن لم تعد تملك نفس القدر من الاستعداد لتحفيز الاستهلاك العالمي، وغدا جزء كبير من اقتصادها المادي متروكاً لآلياتها الخاصة، ضمن توجه اقتصادي جديد قالت مجلة “فوربس” الأميركية إنه نهج أكثر رأسمالية قوبل بترحيب من قبل البعض، فيما يخشى البعض الآخر أن يخلف تباطؤاً أكبر في المستقبل.
في المقابل، لا يعني ذلك أن تأثير الصين في عجلة الاقتصاد العالمي يضمحل، فنفوذها ماضٍ في الاتساع بعيداً عن سيطرة واشنطن، وفقاً لـ “فوربس”، خاصة أن عملتها الحمراء في طريقها لتصبح جزءاً من حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، ما يجعلها العملة الوحيدة ضمن عملات الأسواق الناشئة في السلة العالمية.