الحرب بين الولايات المتحدة والصين ممكنة
رسم المستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما سيناريو حرب محتملة مع الصين. فإذا نشبت اليوم، فإن الولايات المتحدة ستتكبد خسائر ضئيلة نسبيا. ولكن، إذا نشبت الحرب بعد 10 سنوات فسوف تدفع واشنطن الثمن غاليا.
وأخذا بالاعتبار العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، فإنهما لا يرغبان في المواجهة. وبحسب رأي الخبراء، فإن على واشنطن وبكين السعي لتسوية أزمة بحر الصين الجنوبي سلميا. ومع ذلك، فإن القادة العسكريين يخططون لمساراتها.
ووفقا للتقرير، الذي أعدته مؤسسة الأبحاث والتطوير الأمريكية “راند” بمشاركة ديفيد غومبيرت، مستشار أوباما لشؤون الاستخبارات، بطلب من وزارة الدفاع الأمريكية، يزداد احتمال نشوب مواجهة حربية بين الولايات المتحدة والصين يوما بعد آخر. ويلقي معدو التقرير اللوم على بكين التي تستعرض عضلاتها في بحر الصين الجنوبي.
وتذكِّر صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن آخر حرب وقعت بين الولايات المتحدة والصين كانت في خمسينيات القرن الماضي في شبه الجزيرة الكورية، حين هدد بنتيجتها رئيس الولايات المتحدة آنذاك دوايت أيزنهاور “الصين الحمراء” بضربات نووية بسبب النزاع حول تايوان.
وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة والصين حاليا شريكان كبيران في التجارة، يستبعد الكثيرون نشوب أي مواجهة حربية بينهما. بيد أن التقرير المذكور يؤكد أنه لا يمكن استبعاد خيار الحرب على خلفية الأوضاع في بحري الصين الشرقي والجنوبي. وجاء في التقرير أن “أعمال العنف قد تنشب بسرعة، لأن كل طرف نشر أسلحة فائقة الدقة وتكنولوجيات إليكترونية وفضائية. وبإمكان أي منهما أن يلحق أضرارا جسيمة بقوات الطرف الآخر. أي سيكون لدى القيادة حافزا لتوجيه ضربات سباقة شاملة، وبعكسه يمكن أن تخسر”.
وإذا خرجت الأوضاع عن السيطرة، فإن العمليات الحربية قد تستمر طويلا. ولكن من المستبعد أن تصل إلى استخدام السلاح النووي، مع أن الطرفين يملكان موارد عسكرية وصناعية وبشرية لتعويض الخسائر، فإنه وكما في الحرب الكورية لن يكون في هذه المواجهة منتصر.
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، عليها إيجاد توازن بين استعراض النوايا السلمية والإرادة الصلبة. وبحسب توقعات معدي التقرير، قد تنشب الحرب نتيجة عدم تقييم الصين استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن حلفائها في شرق آسيا.
ويتضمن التقرير خيارات مختلفة للنزاع بين الدولتين وفق لميقات نشوبه. فمثلا، إذا نشبت الحرب اليوم فستكون خسائر الولايات المتحدة ضئيلة، ولكنها ستكون كبيرة في عام 2025. لأن الصين ستكون قد تمكنت من القضاء على الفجوة التي بينها وبين الولايات المتحدة في الاقتصاد والقوة العسكرية.
وقد أشار كبير الباحثين في معهد الشرق الأقصى ألكسندر لارين في حديثه إلى “نيزافيسيمايا” إلى أنه على الرغم من أن نشوب هذه الحرب أمر بعيد الاحتمال، فإن هيئتي الأركان في البلدين تدرسان الإجراءات والخطط اللازمة في حال اندلاعها. وأخذا بالاعتبار الدمار، الذي ستسببه هذه الحرب أو تأثيرها السلبي في الاقتصاد العالمي. وإزاء تصاعد التوتر في العلاقات بين البلدين، حتى في حال عدم نشوب الحرب بينهما، فإن الجانبين يتبادل الإشارات بعدم الرغبة في تعميق الخلافات بشأن بحر الصين الجنوبي وتايوان. واختتم لارين حديثه بالقول: “من ناحية التجهيزات التقنية، فالقوات المسلحة الصينية ليست بمستوى الأمريكية، ولكنها تملك موارد بشرية كبيرة. وهذا يعني أن للصين ثقلا استراتيجيا. ومع ذلك أعتقد اننا سنشهد خلال السنوات المقبلة تصاعد الصراع بين الصين والولايات المتحدة في مجال التأثير في منطقة أوراسيا، لا حربا”.
هذا، وتتوسع الاتصالات بين عسكريي البلدين على أعلى المستويات. فقد وصل إلى بكين رئيس هيئة أركان القوات البرية الأمريكية الجنرال مارك ميلي، الذي حاول خلال لقائه نظيره الصيني لي تسوه تشانغ، إقناعه بأن نشر منظومة صواريخ “ثاد” للدفاع الجوي ليس موجها ضد الصين. في حين ترى الصين أن هذه الحجج كاذبة.