قمة العشرين في الصين… انطلاقة جديدة للاقتصاد العالمي
تمثل قمة مجموعة العشرين التي ستعقد الشهر المقبل ضوءا في نهاية النفق المظلم، بالنسبة للاقتصاد العالمي الغارق في ركود طويل.
فبعد مرور 8 سنوات على الأزمة المالية العالمية، لا يزال الانتعاش بطيئاً وهشاً، كما أن بيئة النمو الاقتصادي العالمي مازالت متباينة، وتشهد ارتفاعا في معدلات البطالة والديون، فضلا عن خمول التجارة والاستثمار واضطراب التمويل والأسواق .
ساهمت الحوافز الضريبية وتخفيف القيود النقدية في لعب دور هام في رفع معدلات النمو منذ اندلاع الأزمة المالية, وعلى الرغم من ذلك؛ سبب الإفراط في الاعتماد على السياسات النقدية وخاصة في بعض البلدان المتقدمة هو ما ساهم في عدم استقرار الاقتصاد الكلي والمالي في أماكن أخرى. فضلا عن إقدام بعد الدول لتقييد السياسات المالية بسبب ارتفاع مستويات الديون.
وبالإضافة إلى تعقد الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، والسياسات الحمائية التجارية والإرهاب سببت تفاقما لمشكلة التباطؤ الاقتصادي ما يفرض على العالم أن يكافح للعثور على حلول مناسبة تضمن النجاح لبرامجه التحفيزية.
وباعتبارها ممثلا لثلثي سكان العالم وأكثر من 80 بالمائة من حجم الناتج الاقتصادي العالمي، تستحق قمة العشرين ويتوقع منها أن تلعب دورا أكبر لإدارة الاقتصاد العالمي، فمؤتمر القمة المقبل يشكل بلا شك فرصة كبيرة ويملك القدرة على لعب دور هام في إعادة تشغيل النمو العالمي.
ستركز القمة المقبلة على تحقيق نمو عالمي مستدام، وستعمل الصين باعتبارها الدولة المضيفة على تحفيز الحوار بين الدول المتقدمة والنامية حول إمكانية تعزيز النمو من خلال الإصلاح والابتكار.
وفيما ستعالج السياسات النقدية والمالية التقلبات على المدى القصير، تظهر الحاجة إلى إيجاد إستراتيجية طويلة الأجل لرفع ما يشهده الاقتصاد العالمي حاليا من ضيق. كما يجب أن تدمج الإصلاحات والتكيف الهيكلي على وجه الخصوص ضمن السياسات الحالية لخلق بيئة خصبة للنمو.
وبفضل الاقتراح المقدم من الصين سيكون الابتكار مفتاح أجندة مجموعة العشرين للمرة الأولى. وسيخلق الابتكار المتميز بالتكنولوجيا والمنتجات الجديدة والنماذج الجديدة للأعمال التجارية فرصا جديدة لمستويات الاستهلاك .
تعلق الشعوب آمالا كبيرة على اجتماع القمة، إلا أن نجاحها يعتمد بشكل كبير على تعاون جميع أعضاء مجموعة العشرين، للعمل على تنفيذ السياسات والتدابير وليس لمجرد اللقاء.
ويعد مؤتمر القمة بداية جديدة، إلا أن الرحلة ستمر بعقبات. وللنجاح في معالجة معدلات النمو المنخفضة، سيتوجب على الدول أن تضع ثقتها في التعاون وتنفيذ الإصلاحات التي قد تكون مؤلمة في بعد الأوقات ، وعلى الرغم من الفاتورة المرّة التي قد يتم تجرعها ، إلا أن النتائج ستتحدث عن نفسها.