السِيَــاسَـة الخَــارِجـيَّــــة الصِينــــيَّة تِجَـــاه إسـرائــيل وانعكَاسَاتِها على القَضِيَّة الفَلسطِينيَّة 1993 -2015 (القسم الأول)
السِيَــاسَـة الخَــارِجـيَّــــة الصِينــــيَّة تِجَـــاه إسـرائــيل وانعكَاسَاتِها على القَضِيَّة الفَلسطِينيَّة 1993 -2015
China’s Foreign Policy toward Israel and its impact on the Palestinian Issue 1993 -2015
إعــــداد الباحـث
أَحمَـــد مُــوسَــى نَصَّـــار
إشــراف الدكــتور
أحمَـد جَـواد الـوادِيَّـة
دراسة مقدمة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الدبلوماسية والعلاقات الدولية
1437ه – 2016 م
غزة – فلسطين
تناولت هذه الدراسة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية منذ عام 1993 وحتى عام 2015، وتضمنت الدراسة التطور التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل، كما أنها تناولت المحددات الداخلية والخارجية لتلك السياسة، وركّزت على السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993 وانعكاسات هذه السياسة على القضية الفلسطينية إبان تلك الحقبة الهامة من التاريخ الفلسطيني والعربي، وتناولت الدراسة كذلك انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية بعد التغير السياسي في النظام الفلسطيني منذ تولي الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية وحتى الانقسام السياسي الفلسطيني، كما ناقشت الدراسة الموقف الصيني من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عام 2008 و 2012 و 2014، وكذلك مستقبل سياسة الصين تجاه إسرائيل في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية.
اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي لاستعراض تاريخ تطور السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل ومجرياتها المؤثرة على القضية الفلسطينية، والمنهج الوصفي التحليلي لتفسير وتحديد ظروف تلك السياسة وتداعياتها على القضية الفلسطينية، وكذلك منهج صنع القرار في السياسة الخارجية ومنهج تحليل النظم وكلاهما منهجيين أساسيين في دراسة السياسة الخارجية الصينية خلال فترة الدراسة.
خَلُصت الدراسة الى مجموعة من النتائج كان أهمها أن الصين تُولِي أهمية بالغة لمنطقة الشرق الأوسط، كما أنها تسعى لتحقيق مصالحها العليا، مما يفرض عليها اتباع العلاقات المتزنة مع كافة الأطراف والدول، وهو الأمر الذي جعلها تطور من سياستها الخارجية تجاه إسرائيل، بالتالي فإن السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل ترتكز على المصالح المتبادلة، وكذلك فإن الصين تنتهج سياسة خارجية تجاه إسرائيل تتسم بالمرونة والتوازن، وتتخذ هذه السياسة الخارجية أوجه عدة اقتصادياً وعسكرياً، وأن انعكاسات تلك السياسة على القضية الفلسطينية كان واضحاً خلال مراحل تطورها التاريخية المختلفة.
أوصت الدراسة بعدة توصيات كان أهمها تدعيم العلاقات العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك في مختلف أشكال المجالات والميادين كالسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وحتى العسكرية منها، والحد من التوغل الإسرائيلي في علاقاتها مع الصين، وذلك عبر التبادل الدبلوماسي رفيع المستوى مع الصين، وضرورة إيجاد مصالح في فلسطين ترى الصين أهمية فيها لتعزيز علاقتها وتوطيدها مع القضية الفلسطينية، واستمرار البحث والدراسة في السياسة الخارجية الصينية بما يخدم القضية الفلسطينية.
الفصل الأول: الإطار العام للدراسة
الفصل الثاني: التطور التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
المبحث الأول: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بين عامي 1948 -1967
أولاً: السياسة الخارجية الصينية بعد الثورة الاشتراكية في الصين
ثانياً: تبلور الرؤية الصينية للصراع العربي-الإسرائيلي
ثالثاً: بداية العلاقات الصينية-الفلسطينية
المبحث الثاني: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بين عامي 1968-1982
أولاً: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بعد حرب عام 1967
ثانياً: دخول الصين الأمم المتحدة وانعكاسه على سياستها الخارجية
ثالثاً: سياسة الصين الخارجية بعد تبني العرب التسوية السلمية
المبحث الثالث: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بين عامي 1983 -1992
أولاً: انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية بعد الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية
ثانياً: مؤتمر مدريد للسلام وانعكاسه على سياسة الصين الخارجية تجاه إسرائيل
الفصـل الثـالـث: مقومات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
المبحـث الأول: محددات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
أولاً: المحددات الداخلية للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
ثانياً: المحددات الخارجية للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
المبحـث الثاني: أهداف وأدوات وسمات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
أولاً: أهداف السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
ثانياً: أدوات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
ثالثاً: سمات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
الفصـل الـرابـع: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق أوسلو وانعكاساتها على القضية الفلسطينية
المبحـث الأول: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بين عامي 1993-1998 وانعكاساتها على القضية الفلسطينية
أولاً: مرحلة ما بعد أوسلو في السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل
ثانياً: انعكاس اتفاق أوسلو على سياسة الصين تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية
المبحـث الثـاني: السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بين عامي 1999-2004 وانعكاساتها على القضية الفلسطينية
أولاً: مرحلة النشاط السياسي الصيني في قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
ثانياً: توسيع العلاقات الثنائية بين الصين وإسرائيل
الفصـل الخـامس: انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية بعد التغيُّر في النظام السياسي الفلسطيني
المبحـث الأول: انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية بعد تولي الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية
أولاً: تعزيز العلاقات الصينية الإسرائيلية
ثانياً: الرؤية الصينية لتسوية القضية الفلسطينية
المبحـث الثـاني: انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية بعد وصول حركة المقاومة الإسلامية حماس الى الحكومة الفلسطينية
المبحـث الثالث: انعكاسات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل على القضية الفلسطينية خلال الانقسام الفلسطيني
الفصـل السادس: الموقف الصيني من الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني 2008-2014
المبحـث الأول: الموقف الصيني من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008
المبحـث الثاني: الموقف الصيني من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2012
المبحـث الثالث: الموقف الصيني من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014
الفصـل السابع: مستقبل السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية
المبحـث الأول: مستقبل دور الصين في المجتمع الدولي وانعكاسه على القضية الفلسطينية
المبحث الثاني: الآليات الفلسطينية الممكن اتباعها لتعزيز العلاقات مع الصين
النتائج
التوصيات
الدراسات المقترحة
المصادر والمراجع
الملاحق
الفصل الأول
الإِطَـــــار العَــــام للــدِرَاسَـــــة
مقـدمـة
تطورت الأحداث العالمية بشكل متسارع ومصيري خلال القرن العشرين، وتشكلت خلاله تحالفات وتكتلات عدة، وانقسم العالم إلى قوة رأسمالية تزعمتها الولايات المتحدة، وقوة اشتراكية كان على رأسها الاتحاد السوفيتي السابق، في حين ظل الشرق الأوسط مسرحاً لبسط النفوذ والسيطرة بين قطبي العالم الشرقي والغربي، وكان من أهم القضايا المحورية فيه القضية الفلسطينية التي تصدرت المشهد السياسي والعسكري بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة وأن فلسطين تحتل موقع جغرافي يتوسط الشرق الأوسط والعالم، مما أعطاها أهمية استثنائية في حسابات الدول العظمى.
خلال هذه التطورات والصراعات، برزت الصين الشعبية كقوة كبرى في العالم، أدركت منذ سنوات نشأتها الأولى طبيعة الصراع العالمي في الشرق الأوسط، فاتخذت سياساتها الخارجية منحى دعم حركات التحرر في محاولة لمنع أياً من قطبي العالم من رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط تكون امتداداً لحلف قد يلتف على مصالحها، فارتبطت بعلاقات جيدة مع منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها، ودعمت جهودها السياسية في التحرير، وتطورت العلاقات الصينية الفلسطينية مع مرور الزمن واتخذت طابع الثبات النسبي رغم التغيرات الإقليمية والدولية.
إن الحديث حول مكانة القضية الفلسطينية في سياسة الصين تجاه إسرائيل يتسع ليشمل أهمية هذه القضية ومكانتها المركزية بالنسبة للجانب الصيني كدولة عظمى مؤثرة في سياسات العالم، فقد كانت القضية الفلسطينية محوراً هاماً في السياسة الخارجية الصينية بحكم المتغيرات الجيوسياسية التي أدت إلى تبني الصين في فترة الدراسة القضية الفلسطينية كقضية إقليمية مركزية أولتها اهتماماً خاصاً، حيث تحكم العلاقة الثنائية بين البلدين عدة محددات ومتغيرات هامة أكدت على أهمية هذه العلاقة ومدى تأثيرها على الشعب الفلسطيني وقضيته السياسية التي شغلت وما زالت الدول والمنظمات الدولية .
تعد أهمية السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وتأثيرها المباشر على القضية الفلسطينية من أهم مبررات إجراء هذه الدراسة، كما أن قصور الدراسات السابقة حول هذا الموضوع على فترات زمنية بعيدة عن الحد الزماني للبحث الحالي كان من مبررات إجراء الدراسة الحالية، حيث أن الدراسة الحالية ستركز على فترة تعاقبت فيها أحداث محورية هامة كاتفاق أوسلو وكامب ديفيد وانتفاضة الأقصى وغيرها من الأحداث التي أدت الى انعكاس القرارات الصينية تجاه إسرائيل والصراع العربي الإسرائيلي خلال هذه الفترة التي تعددت فيها المتغيرات والمراحل التاريخية، وكذلك كان من مبررات إجراء الدراسة الحالية المساهمة في تطوير العلاقات الصينية الفلسطينية بما يخدم القضية الفلسطينية وذلك من خلال استقراء تاريخ العلاقات الثنائية ورسم تصور مستقبلي لهذه السياسة، حيث شكلت زيارة الباحث إلى جمهورية الصين الشعبية لفترة امتدت لأكثر من خمسة شهور فرصة سانحة للتعمق في الدراسة والبحث.
مشكـلة الدراسة
ترتبط الصين مع إسرائيل بعلاقات تاريخية، تداخلت حيثياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث كانت الصين في طليعة الدول التي وجهت اهتمامها تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي، مما عزز من روابط الصين مع إسرائيل وزاد تأثيرها على القضية الفلسطينية منذ سنين طويلة، وتعد أبرز مراحل العلاقات الصينية الإسرائيلية تلك التي تلت اتفاق أوسلو عام 1993، ومع بروز الصين كقوة كبرى في العالم وزيادة نفوذها السياسي والاقتصادي، فقد أضحت القوة الصينية ذات تأثير واضح وقوي في القضايا الدولية والإقليمية وخاصة في العالم العربي والتي كان أهمها القضية الفلسطينية، مما دفع الصين إلى انتهاج سياسة خارجية تجاه هذه القضية كانت على قدر كبير من الأهمية.
وينبثق عن المشكلة السؤال الرئيس للدراسة وهو:
ما طبيعة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية بين عامي1993 و2015؟
ويتفرع عن هذا السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية:
1-ما التطور التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل؟
2-ما محددات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل؟
3-ما طبيعة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق أوسلو؟
4-كيف انعكست اتفاق أوسلو على سياسة الصين تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية؟
5-ما تأثيرات التَغيُّر في النظام السياسي الفلسطيني على السياسة الخارجية الصينية تجاه القضية الفلسطينية بين عامي 2006 -2012؟
6-ما الموقف الصيني من الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014؟
7-ما مستقبل السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة؟
أهـداف الدراسة
1-معرفـة التطور التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل.
2-التعرف إلى محددات السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل.
3-تحديد طبيعة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل خلال الفترة بين عامي 1993 – 2006.
4-الكشف عن انعكاسات اتفاق أوسلو على سياسة الصين تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية.
5-إيضاح تأثيرات التَغيُّر في النظام السياسي الفلسطيني على السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية بين عامي 2006 -2012.
6-تحديد الموقف الصيني من الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014.
7-محاولة استشراف مستقبل السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة.
أهمـية الدراسة
الأهميــة العلـميـة
تكمن الأهمية العلمية لدراسة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل في رفد المكتبة العربية بدراسة تناقش سياسة دولية من دولة كبرى ذات تأثير محوري مثل الصين تجاه إسرائيل وانعكاس هذه السياسة على قضية مركزية ذات أهمية بالغة وهي القضية الفلسطينية، وكذلك إطلاع القارئ على التطور التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل، ومحددات تلك السياسة.
الأهميــة العمليـة
تكمن أهمية الدراسة العملية في مساعدة صناع القرار في فلسطين لرسم السياسات الخارجية تجاه الصين، حيث أن التعرف على محددات السياسة الخارجية بين الصين وإسرائيل سيساهم في تحديد السياسات الدولية اللازم اتباعها تجاه الصين لاستمالتها تجاه نصرة القضية الفلسطينية والوقوف في صفها.
متغيرات الدراسة
تتكون الدراسة من متغير مستقل ومتغير تابع، حيث أن المتغير المستقل هو “السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل”، أما المتغير التابع فهو “القضية الفلسطينية”.
حـدود الدراسة
1-حدود مكانية
نظراً لأن الدراسة ستتناول السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، فإنه سيتم تطبيق هذه الدراسة على العلاقات الدولية في حدود جغرافية كلٍ من الصين وفلسطين.
2-حدود زمنيـة
ستتناول هذه الدراسة فترة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل بدءاً من العام 1993 وهي سنة توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وحتى العام 2015.
3-حدود موضوعيـة
السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية.
منهجـية الدراسة
1-المنهج الوصفي التحليلي: باعتباره أنسب الأساليب لمعالجة مشكلة الدراسة، حيث يُعرف الأسلوب الوصفي التحليلي بأنه طريقة في البحث تتناول تفسير الوضع القائم للظاهرة أو المشكلة من خلال تحديد ظروفها وأبعادها وتوصيف العلاقات بينها بهدف الانتهاء إلى وصف علمي وعملي دقيق متكامل للظاهرة أو المشكلة محل الدراسة. (اللحلح وأبو بكر، 51:2002)
إن توظيف المنهج الوصفي التحليلي في دراسة السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل سيتم من خلال جمع البيانات والمعلومات حول عناصر البحث خلال فترة زمنية محددة بالحد الزمني للدراسة، ومن ثمَّ تحليلها وتفسيرها للحصول على نتائج علمية دقيقة، وقد تم تطبيق هذا المنهج في معظم فصول ومباحث الدراسة الحالية.
2-المنهج التاريخي: لاستعراض تاريخ الأحداث المتتالية في حدود الدراسة المكانية، وربطها بالأحداث الحالية والتي بلا شك أثرت على تطورها ومجرياتها، حيث يُعرف الأسلوب التاريخي في الدراسة بأنه عبارة عن إعادة للماضي بواسطة جمع الأدلة وتقويمها، ومن ثم تمحيصها وأخيراً تأليفها؛ ليتم عرض الحقائق أولاً عرضاً صحيحاً في مدلولاتها وفي تأليفها، وحتى يتم التوصل حينئذٍ إلى استنتاج مجموعة من النتائج ذات البراهين العلمية الواضحة. (العساف، 259:2003)
وحيث أن المنهج التاريخي يعتمد على جمع المعلومات والأدلة التاريخية، فإن الدراسة الحالية قد استخدمت هذا المنهج في الاستعراض التاريخي للسياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل وانعكاساتها على القضية الفلسطينية في مجمل أحداثها وتطوراتها، وكذلك في بيان المواقف الصينية تجاه إسرائيل عبر الحقب الزمنية المختلفة، مع ربط تلك الأحداث بالحاضر واستنتاج طبيعة التغير في السياسة الخارجية الصينية، وذلك قبل وبعد عملية السلام (أوسلو) وخلال مراحل تطورها.
3-منهج صنع القرار في السياسة الخارجية: يُركّز هذا المنهج على عملية صنع القرار السياسي الخارجي كأساس لتفسير السياسة الخارجية، إذ انّها تساعد على تحديد كيف تعمل الدولة (أو صناع القرار)، ويعتمد هذا المنهج على مجموعة من المتغيرات التي تؤثر في عملية اتخاذ القرارات الخارجية تتمثل في البيئة الخارجية بكل أبعادها وضغوطها ومؤثراتها، والبيئة الداخلية والتي تشمل الوضع الاجتماعي السائد والنظام السياسي والاقتصادي للدولة والمؤسسات السياسية الموجودة فيها مثل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح. (النعيمي،2011: 127-141)
وقد أسقطت الدراسة الحالية منهج صنع القرار في السياسة الخارجية في مختلف الفصول، حيث تم استخدام هذا المنهج العلمي في البحث لتفسير آليات صنع القرار في السياسة الخارجية الصينية تجاه إسرائيل، مع توضيح البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بالصين والتي تحدد مدى التغير في سياستها الخارجية ومقومات تلك السياسة.
4-منهج تحليل النظم: ويعتمد على اعتبار أنَّ النظام هو وحدة التحليل، والذي بدوره عبارة عن مجموعة من العناصر أو الأجزاء التي ترتبط فيما بينها وظيفيا بشكل منظم بما يتضمنه ذلك من تفاعل واعتماد متبادل (التغيير في عنصر او جزء ما يؤثر على بقية العناصر أو الأجزاء الاخرى)، بحيث يمكن دراسة الحياة السياسية كنظام، على اعتبار أنَّ التفاعلات السياسية في مجتمع ما تشكل نظام للسلوك تحتوي على مجموعة من المدخلات والمخرجات القائمة فيما بينها على مجموعة من العمليات. (Easton, 1965)
وقد استخدمت الدراسة الحالية منهج تحليل النظم باعتبار النظام السياسي في الصين عبارة عن وحدة متكاملة من الأجهزة، إلى جانب عوامل التأثير الداخلية والخارجية التي تفرض على الصين انتهاج سياسة معينة تجاه إسرائيل، وهو ما ظهر في توظيف هذا المنهج العلمي في الفصول التي تناولت الانعكاسات السياسية للسياسة الخارجية الصينية على القضية الفلسطينية بشكلٍ خاص.
…..
في الحلقة المقبلة نبدأ بالفصل الثاني والذي هو بعنوان: التَطَـوُّر التَارِيـــــــخـــــي للسِيَــــاسَـة الخَــارِجِــيَّة الصِينِيَّة تِجاه إسرائيل