قمّة العِشرين ومَأثرة “شِي جِين بِينغ”
موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:
في أهمية قمّة العشرين في مدينة هانغتشو بجمهورية الصين الشعبية، أنها كانت منتدىً لعمل جاد وتحديد وتنفيذ مهام، ومحاولة صينية لإخراج إجتماعاتها السابقة من التقليدية والركود والمظهرية، التي “تميزت!” بها، إضافة الى أن الصين أشركت أكبر عدد ممكن من الدول النامية في اجتماعات القمة التي وجدت بفضل العناية الصينية مكاناً دافئاً لها تحت شمس هذا المؤتمر العالمي.
وتأكيداً على ذلك، فقد أعلن رئيس جمهورية الصين الشعبية المُضيف للمؤتمر، شي جين بينغ، بالحرف والكلمة خلال إفتتاح الفعالية في الرابع من الشهر الحالي: “علينا أن نجعل مجموعة العشرين تتحول إلى فريق عمل، وليس صالون للحديث”، وأكد في خطابه ضرورة قيام المجموعة بالجَمع بين النظري والعملي، ودفع نمو الإقتصاد العالمي من خلال العمل البراغماتي قدماً الى الأمام بخطى متسارية.
فمنذ عام 2008، بقيت قمة العشرين صالوناً مناسباتياً للحديث وتبادل الآراء دون أي تفعيل أو تمكين لها، على أي صعيد، وقد حوّلتها بعض الدول الصناعية الغربية الى بيت ضيافة، واستعراض الكلمات المُدبّجة وعظمة بلدانهم، بدون أي فعل واقعي أو إضافات ملموسة لصالح الاقتصاد العالمي وشعوب العالم.
في قمة العشرين في الصين، أنقذ الرئيس “شي” هذا المنتدى الدولي من الفناء والاندثار، فقد كان الجميع، بخاصة الغربيون، ينتظرون إعلان موت المجموعة في بكين بالذات، ووأدها في تابوت صدئ دون نعي حتى، في محاولة لإلصاق تهمة جديدة بالصين، تقلّص من هيبتها ورفعتها في العالم وبين شعوب الارض.
لكن الهلاك والتحلل لم يحدثان، بل صعّدت بكين فعالياتها بالمؤتمر، بهدوء وخُطى لا توقف في أروقتها. فالصين بقيادتها المُجرّبة والبعيدة البصيرة والبصر، والرامية الى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الفعاليات والفاعليات الدولية والقارية، ولأجل إضافة نجاحات جديدة لصالح الامم والاقتصادات الصغيرة والفقيرة، أصرّت ومن خلال خطاب الرئيس شي جين بينغ، في اليوم الاول لدى افتتاح المؤتمر، على تحويل المجموعة الى ألية حقيقية لإنقاذ أُمنا الارض من الاوضاع المتفاقمة، والتقهقرات الشاملة، للنغلّب على الاوضاع الحَرجة والكارثية التي ولّدتها الدول الاستعمارية ومجمعاتها العسكرية الصناعية.
وبرغم ان مجموعة العشرين هيئة غير رسمية وقراراتها غير ملزمة وليس لأحد فرض وصاية على تطبيق قراراتها، إلا أن زعماء ورؤساء الدول والمنظمات الدولية التي حضرت مؤتمر المجموعة في الصين، أكد بما لا يدع مجال للشك، بأنها أصبحت ألية مناسبة لتحسين أوضاع الاقتصادات العالمية وبُنيتها، رغبةً بأن يُفعّل القادة جهودهم المناسبة من خلال القرارات التي وافقوا عليها جماعياً، لتحسين أوضاعها والارتقاء بأليتها وبيئتها وأهدافها، بدلاً عن تركها للتهميش والتحشرج و.. الموت.
وفي إنقاذ المجموعة وتواصلها تكمن مأئرة الرئيس “شي” و الصين، أما المأثرة الثانية فهي أنه جعل من هذه المنظمة التي بدأت تحتضر قبل انعقادها في الصين، هيئةً جادة وفاعلة وذات نضرة وتمثيل عالمي أكثر إتّساعاً.
في الصين شهدت المجموعة تحولاً حقيقياً حقاً. فمن كونها مجرّد صالون سابق لتبادل الاحاديث العابرة، وعرض المظهرية الشخصية والحكومية، غدت المجموعة بفضل جدية الرئيس “شي”، آلية دائمة لإدارة الإقتصاد الدولي، وليس مراقبة المشهد الدولي فحسب، كما كان “زعماء اللهو” فيها ينشغلون في السابق، محاولين بذلك حصرها في أضيق إطار، لذا كانوا يجهدون بتدبيج كلماتهم الجوفاء في لقاءاتها، فلم يكن أحد يحاسبهم على ذلك، ولا حتى محاسبتهم عن منافعهم الذاتية التي كانوا يجمعونها من مشاركاتهم في مؤتمرات المجموعة، ولا لإهدارهم مياومات فلكية على حساب دافعي الضرائب الفقراء والمغيّبين عن فعاليات المجموعة إعلامياً.
*مسؤول المطبوعات والنشر والملف الاسلامي بالصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.