غَانا وِقمّة العِشرين.. نحو اقتصاد صِناعي بِدعم صِيني
موقع الصين بعيون عربية ـ
طَارق إيسَاقا*:
غانا دولة زراعية بإمتياز. معظم سكان البلد يعتاشون على الزراعة، بخاصة زراعة الكاكاو الذي يتبوأ مكانة خاصة بين مختلف الزراعات الوطنية، بالاضافة الى زراعات البن ونخيل الزيت والمطاط والأناناس.
وفي الحقل الصناعي، ما تزال الدولة ضعيفة نسبياً، وتحتاج الى جهد كبير ومتواصل لإنجاز القفزة الصناعية الكبرى بمتابعةٍ وجهدٍ صيني، وتدريب الكوادر الوطنية لإدارة القطاع الصناعي بصورة فاعلة ومُنتجة وحقيقية، برغم أن الدولة تشتهر بالذهب ومناجمه التي جذبت بشدة الاوربيين الغربيين إليها.
كانت غانا تُسمّى في السابق بساحل الذهب، لسبب استخراج هذا المعدن اللمّاع من أراضيها، إلى جانب الألماس والنيكل والبوكسيت والالمنيوم، ويعمل في حرفة التعدين جزء غير قليل من السكان، وتصل نسبتهم الى نصف السكان القادرين على العطاء. زد على ذلك، ان غانا دولة غنية في مجال اللحوم الحمراء، حيث تشتهر بتربية مختلف أنواع الحيوانات، كالأغنام، والأبقار، والماعز، وأراضيها غنية وصالحة لهذا الاستثمار الناجح، وهي مجالات مهمة للصين.
والاقتصاد الغاني يعتمد على تصدير المواد الخام، كالذهب والالمنيوم والكاكاو والأخشاب الصالحة لعمل الأثاث وأعمال البناء. وتعتبر المملكة المتحدة من أكبر الدول المستثمرة في غانا، ويأتي بعدها العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وذلك في مجالات البُنية الأساسية والطرق والطاقة الكهربائية والألمونيوم وتصنيع الكاكاو .
وفي هذا الوضع، فإن غانا تهتم بالتنسيق الفاعل مع دول قمة العشرين، وفي طليعتها الصين التي تقدّمت للدول العشرين الاساسية إقتصادياً باقتراحات غاية في الاهمية. وتهتم غانا بالعمل مع جمهورية الصين الشعبية بالذات و في هذا الاتجاه، ولصالح توطين التكنولوجيات الصينية في أراضيها، ولإستقطاب الكوادر الفنية والعلمية الصينية لتدريب الفنيين الغانيين.
ومن الضروري أن يشمل التعاون الثنائي الغاني والأفريقي – الصيني العوامل الرئيسية وهي مبادرات نقل المهارات، وتوطينها، لكي تصلح لغرض تطوير البُنية التحتية، في سبيل إنجاح بناء صناعات قوية ومُتمكّنة وقادرة على نقل البلاد الى مرحلة صناعية مفيدة، تمكّنها من التطوّر الفاعل لإدخال الصفة الصناعية الى المجتمع الغاني وإرساء سلوكيات صناعية فيه، وإجراء عملية تصنيع للمُنتج الزراعي في خطوط انتاجية تقوم على الارض الغانية نفسها، بدلاً من إنجاز هذا التصنيع في دول اخرى، أو لصالح جماعة ما أو دولة أخرى غير الصين الصديقة، ذلك ان الصين هي أنسب دولة تعمل على الاستفادة القصوى من الخامات الزراعية للبلاد، ضمن إحتسابها ا المصالح الوطنية لغانا، وهو تميّز صيني نشكر الصين ورئيسها “شي” للتحلي به وتطبيقه بشرف ودون ان تحيد عنه.
في قمة العشرين رأينا كيف عملت الصين على تشجيع الدول النامية لتصبح على قدم المساواة مع الدول الصناعية الكبرى، فالمعادلة العادلة تكمن في ان كل الاطراف في حاجة لبعضها البعض، من اجل التكامل الدولي والاستفادة في الاتجاهين، وهو ما سعت الصين وزعيمها الرئيس شي جين بينغ لتأكيده بمؤتمر مجموعة العشرين، وبه أعلن عن إنحيازه للدول الفقيرة والنامية، والاخذ بيدها الى معارج التقدم الحقيقي.
الصين في حاجة دائمة للمواد الخام، ولديها مع أفريقيا علاقات متطورة وثابتة تعتبر أفضل وأشمل العلاقات بين دولة أفريقية واخرى غير أفريقية، وفي هذا المجال تستطيع أكرا تطوير علاقات مثالية مع العملاق الصيني العالمي الجديد، الذي سيكسب سوياً مع غانا، وبتحقيق أكبر قدر من الإفادة الاقتصادية والمعدنية والزراعية. فمنذ مؤتمر بكين الوزاري الأول في عام 2000 حققت إفريقيا تقدمًا يُذكر في إعداد نفسها لتتشارك مع الصين على قدم المساواة، ضمن الشعارات الرسمية المطروحة من جانب الصين وأفريقيا بالتعاون المتساوي والندّي، وبضمنه في التعامل الاقتصادي، وقد حَرّك المؤتمر أنذاك التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما أكد عدد من المراقبين، وحفز إفريقيا على وضع استجابة إستراتيجية، تهدف إلى دفع عجلة التنمية والتعاون الثابت والمطرد مع الصين.
*دارس للعربية، ومنشغل بالدراسات الاسلامية، وعضو ناشط في هيئة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين في جمهورية غانا.