موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد الإله جبر*:
هل يمكن لدول العالم الثالث وفي مقدمتها الدول العربية أن تكون تجربة الصين مثالا يحتذى به من أجل تطور تلك الدول والنهوض بواقعها المؤلم ؟؟؟
لقد نجحت الصين في تحقيق قفزة صناعية في كافة المجالات الاقتصادية من خلال الخطة التي وضعتها الدولة الصينية استرشادا برؤية الحزب الشيوعي الصيني، فمنذ عام 1978 بدأت القيادة الصينية بالسعي لتحقيق نموا اقتصاديا ينقل الصين إلى مصافي الدول الصناعية في العالم وتمكنت من ذلك في الوقت الذي فشلت فيه دولا اخرى ومن هنا برزت علامة جيدة بالدولة الصينية وهي إن دائما هنالك حلول لأية مشكلة مهما تكن ماهيتها .
إن تقليل التفاوت بين سكان ألأرياف والمدن والتي عملت عليه القيادة والدولة الصينية ونجحت فيه من خلال رسم طريق واضح للسير نحو النجاح الاقتصادي الكبير في الوقت الذي قامت فيه القيادة الصينية بالانفتاح على العالم الخارجي مع المحافظة على قوة القرار الداخلي وانتهاج سياسة خارجية لا تخضع للضغوط الخارجية وهنا تبرز ألأهمية ليكون النموذج الصيني في بناء اقتصاديات الدول الاخرى بعيدا عن التجربة الرأسمالية والتبعية الاقتصادية والتي غالبا ما تكون غايتها جني الأرباح على حساب الدول وشعوبها دون الاهتمام بالإنسان لكونه الثروة الحقيقية .
هنالك العديد من أسباب النجاح في التجربة الصينية يمكن لدولنا العربية الاستفادة منها السير عليها منها عدم ربط الصين باقتصاديات وتكتلات غالبا ما تكون مبعثرة لكونها مرتبطة بالرؤيا الغربية الرأسمالية والتي جل اهتمامها الكسب المالي دون النظر إلى مستقبل الشعوب وتنميتها ودولها ، عمل الدولة الصينية وقيادتها لبلورة خطة اقتصادية تكمن أهميتها في المحافظة على معدل النمو الشعبي من خلال رفع مستوى معيشة المواطن وإيجاد فرص العمل وتوفير الحد الأدنى للعيش بكرامة ، السماح للقوى الاخرى من خارج الحزب الشيوعي الصيني بإبداء رأيها والتعبير عن نفسها بما يحقق المصالح الاقتصادية للدولة والشعب الصيني ، قيام الحزب والدولة بحملة محاربة الفساد والفاسدين والتي حققت نجاحا واسعا واعتماد مبدأ الثواب والعقاب مما جعل الطاقات العلمية تأخذ دورها وبرزت إنجازات علمية وتكنولوجية هائلة طبقا لهذا المبدأ ، عدم الاكتفاء بالتكنولوجيا المعاكسة بل شجعت الدولة على قيام حملة علمية واسعة للابتكار والتطوير حققت ما يقارب 51.4 مليار يوان للناتج القومي .
إن ما تعاني منه دولنا العربية من تردي في المجال الاقتصادي واعتمادها بالدرجة الأساسية على سياسات الدول الغربية والرأسمالية في الاقتصاد جعل منها دول مستهلكة غير منتجة رغم الإمكانيات المالية الكبيرة لدى معظمها أضف إلى ذلك مغادرة الكثير من الكفاءات العلمية العربية لدول اخرى بسبب عدم استغلالهم وتوفير العمل المناسب لإمكانياتهم العلمية ليجدوا من يستقبلهم في دول اخرى توفر لهم كل مستلزمات النجاح في العمل وبذلك تكون دولنا العربية من الدول الطاردة لكفاءاتها العلمية .
هي دعوة مخلصة لنا نحن كدول عربية ان نجعل التجربة الصينية مثالا لجميع دولنا من اجل الرقي الاقتصادي محافظين على قوة قرارنا السياسي المستقل بعيدا عن الضغوطات الغربية الرأسمالية المهيمنة على رأس المال فنجاح التجربة الصينية خير دليل على قوة وإصرار الشعوب على التقدم والرقي .
*عضو ناشط في المجموعة الرئاسية العراقية الأُولى – الأول من أُكتوبر2016/ الذكرى الـ67 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ومسؤول متابعة الانشطة في المجموعة، وكاتب ومهتم بالتاريخ والنشاط الصحفي، وناشط في التيار الديمقراطي من اجل الاصلاح.