عن صديقي العربي التاريخي فيCRI
موقع الصين بعيون عربية ـ
أبو موسى وانج هونجوا*:
أستقبل بعد أيام قلائل إستقبالاً لائقاً يوم عيد الميلاد الـ٥٩لصديقي الحميم، الذي هو قسم اللغة العربية الحبيب لإذاعة الصين الدوليةCRI، والذى بدأ انطلاقة بثه فى اليوم الثالث من نوفمبر عام١٩٥٧.
وسبب اعتبارى إيّاه صديقاً حميماً يرجع الى أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، بعد أخذ حكومتنا الصينية الرشيدة سياسة الانفتاح على الخارج كمنهاج ثابت لعملها. أنذاك كنت طالباً فى المدرسة الإعدادية. وفي ذاك الوقت لبّى الله رغبتي التي كانت لا توصف بكلمات فى دراستي بنفسي وبشوق لا شوق يوازيه لغة الضاد. وقد كان إصرارى كبيراً لا يتزحزح أن يَشترىَ لى والدي راديو كاسيت، والذى كان يُعّد شراؤه “أحلام يَقظة” فى حارتنا في ذاك الدهر المُوغل في القِدم، لأجل أن أستمع الى شريط التسجيل للحروف الأبجدية العربية. و الشريط كان هو الوحيد عندى، وأخيراً ضحّى أبي بثمنه ليَشترى راديو كاسيت صُنع فى هونغ كونغ، تلبية لإصرارى على شرائه.
وفي ذلك الزمان الملئ بالذكريات، كنت أداوم منذ منتصف النهار وإلى قُبيل ذهابي الى النوم ليلاً، في سماع الراديو. فقد كان إبهامي وسبّابتي يدوران بزر الراديو. وذات يوم وفجأة وصل عَقرب القنوات الى الموجة القصيرة، فأوصل لي للمرة الاولى صوتا جميلاً و لطيفاً يقول: “هنا إذاعة الصين الدولية!”؟
والله فبالله ثم تالله، كانت هذه أول مرة استمع فيها الى جُملة عربية مُفيدة عن الوضع العربى. ومنذ تلك الليلة التي أضاءتها نجوم متلألأة مُعلقة فى كبدِ السماء كما لو كانت ثريا ناضحة بالنور، أصبح هذا البرنامج الصيني بكلماته العربية شريكى الحميم قبل إغماض عيني الى مَنام لطيف كل ليلة.
أيَا صديقى الراديو العزيز: هل أنت قد وصلت اليوم إلى السنة الـ٥٩من عمرك المديد، ويَعلم الجميع كل الجميع كم كنت أنت جاهداً في بذل جهودٍ محمودة وطويلةً جلّها ومنذ إرسال ذبذباتك اللاسلكية في فضاءات الكون، لعقد صداقة حقيقية وإنسانية كاملة وإنسجام عميق مع الامم جميعها، وداعية للسلام وإنجاز الأمان لمجموع البشر. فقد أخذ انتشارك واسعاً فى العالم العربى. فمنذ يوم ولادتك المدوية حقاً، سمع الإخوة العرب أول صوات صيني منطلق مِن فِيِهِ الصين العظيمة، ومايزال صَوتك يُسمع في أقصى الدنيا وفي أبعد زاوية فيها وأعلى قمة جبل، وأعمق إنحدار سهلٍ.
إنها تسعة وخمسون سنة شهدت تقدماً كبيراً وملحوظاً خلال هذه الفترة، من حيث ساعات البث وعددية المضامين، إذ أن برنامجك كان منذ البداية على ما تذكرت، يبث مرتين يومياً، وكل مرة نصف ساعة، ليَصل الى ثلاث ساعات يومياً فى يومنا الراهن .
طبعاً، يُعتبر برنامج قسم اللغة العربية برنامجاً شاملةً ركيزته مختلف صنوف وأجناس العمل الإعلامي، وهي تتركز على تحرير وصقل الأخبار، وهي تتسم بمزايا متباينة، وكذلك يَصير البث العربى أول خيار لمستمعى اللغة العربية من أبناء البلد الصيني الذين يرغبون فى متابعة الأخبار الحية بالذات وآخر التطورات وأكثرها آنية، وتعلّم اللغة العربية وسَماع النطق العربي على مدار اليوم، والتمتع بالموسيقى العربية الجذابة والجاذبة.
انك يا صديقي الصيني المُستعرب تتقدم دوماً وتتطور دون توقف، وستواجه بلا شك فترة إنتقالية بجرأة وشجاعة، وهى تحوّل طرازك المنفرد في النشر، الى وسائط متعددة النشر والعرض تبعاً لتطور التقنيات الإعلامية واختراعات الوسائل الاعلامية والوسيطة بين المَصدَر الاذاعي والمُتلقي.
إنت يا صديقي سفير وجِسر صوتي جميل لنشر الحقيقة عن الصين لكل الأصدقاء العرب، ثقافياً وعلمياً واقتصادياً، أضف إليها عرضك السياسي وتبيان نقلات الاقتصاد الصيني، والأنباء العامة وشمولك على أخبار الناس والثقافة والأدب الخ..
أنّى أُهنئك أيها القسم العربي الصيني من صميم قلبى بمناسبة حلول عيدك المبارك، وأسال الله سبحانه تعالى أن تواصل كونك لساناً صادقاً لجمهورية الصين الشعبية، تحت قيادة فخامة الرئيس شي جين بينغ الحكيمة، وأشكرك على غِراسك فيَّ بذور محبة اللغة العربية، وعيد سعيد ومُبارك لك ولكادريك الإعلامي والإداري.
…
*مدير في شركة صينية، ومُستعرب ويكتب بالعربية وعضو ناشط ورئيس ديوان الشؤون والمتابعات الاسلامية في الصين في دواوين ومديريات الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.