مقالة : مبادرة “الحزام والطريق” تقدم خدماتها لتدعيم البنية التحتية في السعودية
صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم وانغ بو:
من قناة تصريف مياه في جدة إلى سكك حديدية خفيفة تسير على جبال مكة وحتى شبكة اتصالات تغطي 3.5 مليون شخص في المناطق النائية بالمملكة العربية السعودية… قدمت الشركات الصينية في إطار مبادرة “الحزام والطريق” نصيبا من خدماتها لتدعيم البنية التحتية بالسعودية من أجل أبناء هذا البلد العربي الكبير وكذا حجاج بيت الله الوافدين من جميع بقاع العالم.
فهناك ما يربو على مائة شركة صينية كبرى تبذل جهودا في مجالات إنشاء الطرق والموانئ والجسور والسكك الحديدية والمساكن ومحطات الكهرباء والاتصالات والنفط وغيرها الكثير من المشروعات الوطنية في السعودية. وتحظى هذه الشركات الصينية ذات السمعة الجيدة بدعم المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا، الأمر الذي يرسى أساسا متينا لتنمية التعاون بين البلدين على نهج مبادرة “الحزام والطريق” حاضرا ومستقبلا لكي يكمل اقتصادا المملكة والصين بعضهما البعض.
– تشييد قناة لتصريف المياه
في مدينة جدة، أكبر المدن بغرب المملكة، تمتد إحدى قنوات تصريف مياه السيول لمسافة 37 كلم عابرة المدينة على ثلاث مراحل حيث تتجمع مياه الأمطار والسيول المنحدرة من المناطق المرتفعة حول المدينة وسط مشهد بهيج تحط فيه أسراب الطيور على ضفتيها لشرب الماء.
وفي هذا الصدد، قال ما تشي فونغ مدير مشروع مدينة جدة لتصريف مياه السيول الذي تديره شركة مجموعة بناء المواصلات الصينية لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) إن “مياه الأمطار المنحدرة من جبال محافظة مكة القريبة والمناطق المرتفعة بمدينة جدة تمر من قناة تصريف مياه السيول هذه وتصب في البحر الأحمر”.
وتابع بقوله “ربما تعد هذه قناة عادية جدا في مناطق أخرى. لكنها بالنسبة للمملكة العربية السعودية تحمل أهمية خاصة للغاية”.
ففي نوفمبر 2009، تعرضت جدة لموجة من العواصف المطرية غير المسبوقة التي أودت بحياة أكثر من 120 شخصا. كما تكررت تلك العواصف في يناير 2011، حيث لقي 10 أشخاص على الأقل مصرعهم جراء ذلك. وكان المسبب الرئيسي لوقوع تلك المأساة هو أن مدينة جدة لم تكن مزودة بنظام كامل لتصريف مياه الأمطار والسيول، فبمجرد هطول الأمطار الغزيرة, تنحدر السيول من المناطق الجبلية المجاورة وتنجرف عبر ممرات الأنهار الطبيعية نحو جدة.
وقد أولى عاهل المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت – الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود – اهتماما بالغا بتبعات الكارثة، وأصدر أوامره لحكومة جدة بالتحرك السريع لبناء نظام فعال للتحكم بمياه السيول قادر على الصمود لمائتي عام مقبلة، بغية عدم تكرار وقوع كوارث مماثلة.
وفي يوليو عام 2013 حازت شركة مجموعة بناء المواصلات الصينية على مناقصة بناء المشروع بتكلفة 500 مليون دولار أمريكي، وتمكنت الشركة من إنهاء المشروع بعد 9 أشهر فقط بحسب خطة العمل المعلنة وبالمتانة والجودة المطلوبة بعد التغلب على مشكلة نقص العمالة والبيئة المناخية القاسية من أجل تحقيق السعادة والأمان للمجتمع السعودي.
وفي أكتوبر عام 2014، تم الانتهاء من مشروع جدة لتصريف مياه السيول في الوقت المحدد، واختبرت جودته في نوفمبر من نفس العام حيث تعرضت المدينة لعاصفتين مطريتين خلال موسم الأمطار. كما اجتاز المشروع اختبارا آخر بنجاح في موسم الأمطار بنوفمبر عام 2015.
ومع هذا النجاح, بعثت بلدية مدينة جدة برسالة شكر للشركة الصينية على نجاحها في الوفاء بتعهداتها واستكمال المشروع في الوقت المحدد وبالجودة المطلوبة وانجاز هذا العمل الكبير من أجل سكان المدينة.
— بناء مشروع سكك حديدية خفيفة
وعلى بعد 80 كلم من جدة، قامت الشركة الصينية لإنشاءات السكك الحديدية بتشييد مشروع سكك حديدية خفيفة بين ثنيات الجبال الشاهقة لمدينة مكة المكرمة التي تعد أكثر مدن المسلمين قدسية. ورغم أن إجمالي طوله يصل إلى 18.25 كلم فقط، إلا أنه أكثر الخطوط قدرة على نقل أكبر عدد ممكن من الركاب في فترة زمنية محددة وأكثر الخطوط تعقيدا في إدارتها في العالم، وقد حاز على اهتمام حكومتي البلدين على أعلى المستويات.
ومن أجل راحة نحو ثلاثة ملايين من الحجاج القادمين مما يربو على مائة بلد مختلف والتخفيف من الازدحام والحد من حوادث التدافع أثناء تأدية مناسك الحج في المدينة المقدسة، أصدرت السعودية قرارا بإنشاء خطوط للسكك الحديدية الخفيفة تربط بين خمس مناطق مختلفة. كما أعلنت السعودية للعالم أجمع أنها: في عام 2010، ومنذ 1300 عام من تاريخ الحج، سيتم للمرة الأولى استخدام قطارات السكك الحديدية الخفيفة في نقل الحجاج، الأمر الذي أحدث لهفة في قلوب جميع المسلمين في العالم لرؤية ذلك المشروع الكبير.
وفي العاشر من يناير عام 2009، وقعت الشركة الصينية لإنشاءات السكك الحديدية اتفاقية مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بالمملكة العربية السعودية لبناء مشروع السكك الحديدية الخفيفة بمكة المكرمة. وأكملت المشروع قبل بداية موسم الحج في عام 2010.
ومع رؤية المسلمين القادمين من أرجاء العالم وهم يستقلون القطارات الصينية الجديدة مجيئا وذهابا بين المحطات الخمس في مكة، انهالت الاشادات من الإعلام والشعب السعودي بالشركة الصينية.
وبحلول عام 2014، كانت الشركة الصينية قد أكملت بنجاح مهمة تسيير القطارات لخمس سنوات متتالية، وخلال تلك الفترة لم تقع أي حادثة متعلقة بالسلامة. ووفرت الشركة الصينية في الوقت ذاته الكثير من فرص العمل للسكان المحليين، وقامت بتدريب الأفراد على إدارة تسيير الرحلات.
— توفير العلوم والتكنولوجيا
أما شركة هواوي الصينية فقد دخلت السوق السعودية عام 1999 وعملت في إطار التعاون مع أكبر ثلاث شركات سعودية للاتصالات على تقديم أفضل الخدمات وأحدثها في العالم للمستخدمين السعوديين على مستوى الشركات والأفراد, الأمر الذي وضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة في مجال تكنولوجيا المعلومات الحديثة في العالم.
ومن خلال المشروعات التي أقامتها وساهمت فيها شركة هواوي، ارتفع عدد مستخدمي شبكات الهواتف المحمولة في المملكة من 36 مليون في عام 2008، إلى 51 مليون في عام 2014, لتتقدم المملكة في مؤشر دول العالم المستخدمة لتقنية المعلومات من المرتبة 27 إلى المرتبة 24.
وقد نفذت شركة هواوي 90% من مشروعات الحكومة السعودية الرامية إلى إدخال المناطق النائية ضمن التغطية اللاسلكية، وساهمت في سد احتياج 3.5 مليون شخص من خدمات الاتصال الرئيسية. كما قامت الشركة بتوفير أحدث تقنياتها ومنتجاتها للمملكة: شبكات TDD وLTE الأولى في العالم، والشبكات الأساسية 400 GIP الأولى في العالم،ونظام إدارة تجربة العملاء الأول في العالم.
وما تجدر الإشارة إليه هو أنه على مدار عشر سنوات متواصلة, قدمت شركة هواوي خدمات الاتصالات اللاسلكية للحجاج، أي توفير خدمات الاتصال لثلاثة ملايين حاج على كافة مناطق الحج البالغ مساحتها 180 كلم مربع.
وتبرهن كل هذه المشروعات على متانة العلاقات والصداقة الصينية – السعودية، فالمصالح المشتركة قوة لا تنضب لدفع التعاون العملي بين البلدين.