العلاقات بين لبنان والصين في ذكرى إقامتها: الأمل بتطوّر أكبر ونمو أقوى
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا*:
يحتفل لبنان والصين يوم التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر كلّ عام بذكرى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وهذا العام، 2016 تحلّ الذكرى الخامسة والأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية، ما يشير إلى عمق العلاقة بين لبنان والصين وتجذّرها، كما يعطي الأمل بتطوّرها أكثر فأكثر في المستقبل.
وفي الواقع فإن العلاقة بين الشعبين اللبناني والصيني ليست علاقة مستجدّة، أو من صنع الظروف السياسية في العقود الماضية، وإنما هي علاقة مستمرة على مدى القرون، وهي جزء من علاقة الصين مع الشعوب العربية في منطقة غرب آسيا، وهي علاقة ضاربة الجذور، وتعود لبداية التاريخ المعروف للبشرية.
ومع كون الصين قوة عظمى، ودولة فوق ـ كبرى على مستوى العالم، فإن لبنان يشكل نقطة ضوء على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. والعلاقة القائمة بين البلدين هي لمصلحة الأمتين والشعبين بلا شك، لأنها تشكل جزءاً من التواصل الطبيعي بين الأمم الحيّة والشعوب المحبّة للخير والسلام، والتي تعتمد على العلاقات التجارية والثقافية كوسائل للتلاقح الفكري ولإغناء الإنسانية بمفردات النماء والجمال.
لقد كان لبنان دائماً في ذهن الصينيين شيئاً جميلاً، وقد عبّر السفير الصيني الأسبق في لبنان ليوزينتانغ (عادل) عن هذا الجمال بقوله في مناسبة سابقة: “يكاد كل الدبلوماسيين الذين عملوا في لبنان يعتبرون لبنان جنّة دبلوماسية”، وأضاف: ” لبنان هو كنز فريد للحضارة البشرية”.
واكتسب لبنان مكانة أكبر في قلوب أبناء الشعب الصيني مع وجود شخصيات كبرى من لبنان إلى جانب مؤسس الدولة الصينية الحديثة، الزعيم ماو تسي تونغ، كالمغترب اللبناني السيد جورج حاتم الذي سافر الى شنغهاي وعمل طبيباً بعد حصوله على دكتوراه في سويسرا، وفي العام ١٩٣٦، اتجه الى القاعدة الثورية برئاسة الرئيس ماو، ومن تلك السنة وما بعدها ربط مصيره بثورة الصين وأبنائها، وله مكان محفوظ في ذاكرة الصينيين.
إن لبنان مميز في موقعه، ومميز في دوره، وهو يتطلع لأن يكون محطة مهمة من محطات طريق الحرير الجديد، الذي يشكل جزءاً من “مبادرة الحزام والطريق” التي أطلقها الزعيم الصيني السيد شي جينبينغ، كما كان في الماضي جزءاً من طريق الحرير القديم، لأن في هذه الخطوة فائدة للجميع: للبنانيين الذين طالما لعبوا دور الوسيط على مستوى التجارة الدولية، وللصينيين وللدول التي سينتهي عندها هذا الطريق.
“إن التقارب بين الشعوب أساس التواصل بين دولهم”. بهذه الكلمات عبّر سعادة السفير الصيني في بيروت السيد وانغ كيجيان عن رؤيته للعلاقات الدبلوماسية بين لبنان والصين.
وشرح ذلك بالقول: “وجدت أن لبنان رغم مساحته الصغيرة، يملك طاقات كبيرة في التجارة والبنوك والإعلام والنشر ولدى لبنانيين اتصالات واسعة. وكل هذه تؤهل لبنان للعب دور كبير في بناء “الحزام والطريق” بلا شك”.
إنني، كلبناني، وكعربي، أتطلع إلى أن تكون العلاقة اللبنانية نموذجاً للعلاقات الرسمية والشعبية بين الدول في العالم، لأن عالمنا يحتاج إلى تطبيق ما ورد في أول وثيقة خاصة بسياسة الصين تجاه الدول العربية، التي أطلقها فخامة الرئيس شي جينبينغ خلال زيارته لمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في كانون الثاني/ يناير 2016، والتي تناولت مختلف جوانب العلاقات بين الجانبين وأكدت على التزام الصين بتطوير علاقاتها مع الدول العربية على أساس خمسة مبادئ، هي: الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي، عدم الاعتداء، عدم التدخل في الشؤون الداخلية، المساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي.
وقد عبّر فخامة الرئيس شي جينبينغ عن رغبة الصين في تطوير علاقاتها مع لبنان خلال برقية التهنئة التي وجهها إلى فخامة الرئيس اللبناني المنتخب العماد ميشال عون قبل أيام، وقد جاء فيها:
“تربط بين الشعبين الصيني واللبناني صداقة عميقة، منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 45 عاما، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً متزناً، حيث تزداد الثقة السياسية المتبادلة رسوخاً والتعاون الاقتصادي والتجاري تقدماً والتبادل الإنساني والثقافي كثافة، ويبقى البلدان على التواصل والتنسيق المتميزين في الشؤون الدولية والاقليمية. إنني أعلّق أهمية كبيرة على تطوير العلاقات الصينية – اللبنانية حرصاً على بذل جهود مشتركة معكم من أجل مواصلة تطوير علاقات الصداقة والتعاون المتبادل المنفعة بين الصين ولبنان، بما يعود بالخير على البلدين والشعبين بشكل أفضل”.
إن الصين تعني الكثير للعرب وللبنانيين، والأمل أن يستمر تطور العلاقات بشكل أقوى وأوثق وأكثر فاعلية، لما فيه خدمة الشعبين اللبناني والصيني، والأمتين العربية والصينية، والعالم، كل العالم.
*محمود ريا: صاحب ومدير موقع الصين بعيون عربية، أمين سر الاتحاد الدولي للصحافيين والكتّاب العرب أصدقاء (حلفاء) الصين.