الصين العربية.. وإستيلادٌ من نجيع التاريخ..
موقع الصين بعيون عربية ـ
بقلم: الاكاديمي مروان سوداح*:
في المناسبات والأعياد تعتمل الصدور بأريج الذكريات، وتتأجج مشاعر الصداقة الحق، وتزداد الأُلفة بين الأحباء والرفاق، وهكذا هي مناسبات الصين الرئيسة في قلبي وفي وجداني وعقلي منذ حوليات قرن طُوِيَت.
وفي المناسبات العزيزة على وجه التحديد، يَكون إستيلاد الذكريات الأطيب والشريفة والأهم وذات الأبعاد الوطنية والاممية. وبرغم من أن الأمر ليس يَسيراً، بل هو في غاية الصعوبة لكهل مثلي، إلا أن طلب القسم العربي للإذاعة الصينية استيلادها وبعثها، هو أمرٌ ألتزم بتفعيله وترجمته الى واقع مقروء، مفيدٌ للقراء، وفيه إفادة وتأريخ لا بد من تثبيته قبل فوات الآوان!
وفي هذا السياق، تُعتبر مناسبة الذكرى الـ59 لتأسيس القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI، والذكرى75 لتأسيس الاذاعة الصينية الشعبية ذاتها (31/12/1941م)، أحداثاً عظيمة حقاً، لكونها تعبيرٌ عن رافعة وطنية جادة وحقيقية، وخادمة للمبادئ الشريفة. فإذاعة الصين الدوليةCRI ما انفكّت تُعلن عن ولائها للإنسان والانسانية، كل إنسان في هذا الكون الفسيح، وتأكيد رسالتها الداعمة لمصالحه ومساواته مع الآخر، والمؤيدة للعدالة الطبيعية التي يجب أن يتساوى بها هؤلاء مع الكل.
وهذه المبادئ هي بالذات التي حملتُها أنا شخصياً، وما أزال وسأبقى أحملها على منكبي كجملِ مَحامل، وأتكئ عليها منذ حياتي الحزبية السابقة، والعقائدية الراهنة، فقد جذبتني هذه بشدة منذ سِني شبابي للإذاعة، ودفعتني الى مراسلتها والاستماع لأثيرها اليومي. كان ذلك منذ ستينيات القرن العشرين الفائت، حيث بادلتني الاذاعة المحبة بمثلها، والود بالود، ونشطت في مراسلتي وتوفير كل ما يلزم لي، لأجل أن تغدو نشاطاتي وفعالياتي مفيدةٌ وبراقةٌ فكرياً، ومؤثرةٌ بالقدر المطلوب والمأمول أممياً، سيّما في أوساط طلابية وشبابية وجماهيرية. فلم تقتصر علاقاتي وصِلاتي في ريعاني شبابي على أقراني وحدهمُ، بل كانت والى حد بعيدٍ بعيد، مُتسعة مع الكهول، من ذوي الخبرات السياسية، الاجتماعية والمهنية، إعلامياً وصحفياً، سياسياً ودبلوماسياً.
ولا بد لي هنا، ومن على منبر القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI، من تأكيد دور القسم العربي للاذاعة في تواصله بإمدادي بالمزيد والمزيد وبلا توقف، بذخيرة حيّة لمواصلة مِشواري السياسي وتواصل توجّهي، الذي يتّسم بتعزيز الصداقة والتميز مع جمهورية الصين الشعبية الحليفة، قيادة ورئاسة حزب عظيم وشعباً مغواراً.
أيّامها، كنت أتلقى مطبوعات الاذاعة، والكتب والمجلدات شبه الكاملة التي كتبها ونشرها الزعيم ماوتسي تونغ بالعربية على وجه الحصر. فقد كانت هذه مواداً تعليمية لأُسـس وأس النضال بنِصَالِ الشرف والمجد من أجل الاستقلال وتكنيس المُستعمِر، ليس من أرض صين الحضارة الضاربة جذورها وجذوتها في أعماق التاريخ فحسب، بل ومن ألارض العربية كلها كذلك. فتعاليم “ماو” ومواقف الصين التي كان القسم العربي يذيعها ويتبنى نشرها، كانت وستبقى نبراساً يُهدي الى تحالف كوني، ويفضي الى منهج مُستقيم تغرف منه أمم العالم وشعوبه ما لذ وطاب لها.
ولم تكن الاذاعة توفّر جهداً للتعريف بالصين وقيادتها وشعبها كما هي يومياتها الحالية بالضبط، قابضة على جَمر العمل الصحفي المُتعب، ومراسلات المستمعين من مختلف الاتجاهات والأذواق والأمزجة والمطالب. فقد كانت الحضارة الصينية وثقافة الصين، مدار نقاشاتي الاذاعية ايضاً وتبادلات كتابية وتسليط أضواء كاشفة عليها، وعلى فيلسوفها الكبير كونفوشيوس، وطريق الحرير البري والبحري، وعلاقات العَالم العربي بالعَالم الصيني، منذ أمد موغل في القِدم وعَميق عُمق التاريخ. أي، أن كادر الاذاعة كان منهمكاً بيوميات وتاريخ وأبعاد الرسالة الصينية على كل صَعيد، سيّما لمواجهة القوى الاستكبارية المناهِضة للدولة الصينية الفتية ذات العنفوان والأُنفة، ورفضها استقلال هذا البلد ودوره المحوري قارياً وكونياً، وهو ما كنتُ أدركه برغم حداثة عهدي بالسياسة، من خلال ملاحظة ماهية الصين وصورتها، التي كانت دوماً حاضرة وبهية في عيني وعقلي – تماماً كما اليوم بالذات في ظل رئاسة السيدة تساى جينغ لي – سميرة المكرمة، وكادرها الاذاعي المهني، ومساعداتها ومساعداتهم القيمة لنا كمستمعين، لنصل الى فهم وإدراك هذا العُمق الصيني بكل الاتجاهات، وبخاصة نحو أعضاء وأصدقاء (الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، الذين يُسعَدون اليوم بمراسلة السيدة شي شن ياي – سعاد، الكريمة بأدائها الاذاعي وعلاقاتها المميزة معنا، وصِلاتها الحميدة وإيّانا، والشاب المهني والنشط والخبير الاذاعي الاخ اسامة مختار – الممثل الإعلامي ووسائل الإعلام الاجتماعي بالصين لـ(الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين)، أبقاه الله مختاراً أبداً وناصحاً لنا وذخراً، ومتابعاً ومحرّكاً لا يكل ولا يمل لخدمة الاهداف العربية – الصينية والاتحادية المشتركة لنا جميعاً.
ولا يَفوتني هنا تأكيد الحيوية والعَملانية التي يتسم بها مَنهج الرئيس العزيز شي جين بينغ، المُفعم بالعمل والجهاد الجليل، لتعزيز مكانة الصين وصورة مُحيّاها الباسم أبداً، مركزها العالمي، ورقي نظرتها واستقامة نهجها، التي هي بالضرورة والموضوعية، استمرارية أكيدة واقعية ونوعية لمنهاج الآباء المؤسسين، وانغماس عقلي يَفيض بحلول مُبدعة في ظروف العالم المُعاَصِر، وفي مواجهة التحديات المتزايدة والماثلة أمام الصين برمّتها، في سبيل التعريف الأمثل بأركان الحضارة الصينية وإنسانيتها، التي وُلِدت في فجر الكيانية الآدمية على أرض الصينيين الأوائل، وفي بحريها الشرقي والجنوبي، وسكنت مسالمة وسالمة فيافيها وسهولها وأعالي جبالها الشمّاء.
في ذلك الزمن السالف، لم يكن في الاردن حتى أواخر سبعينات القرن الماضي، أي ركن صيني رسمي أو تجاري واجتماعي، بل كان هناك “سفارة” ونشاط لفرموزة، التي كانت تشعر بالقوة وانفرادها بالساحة الاردنية، ولوجودها الفاعل حينها في الاردن، الى حين اقترب اعتراف الاردن بجمهورية الصين الشعبية، فإقصاء تايوان عن مجلس الامن والامم المتحدة، تبعاً للاعتراف الدولي بوحدانية التراب الصيني وتمثيل البر الصيني لكل الصين والصينيين، ورفض ان يكون صيني تابعاً لقوى خارجية. فخرجت سفارة فرموزة من الاردن، وتقلصت الى مجرد مكتب تجاري، وحلت الصين الشعبية مكانها، واذاعتها وخطواتها التي تلف الاردن بعَلَمها وعلاقاتها الصديقة، فسدت لهذا التطور كصديق للقسم العربي للاذاعة الصينية، واحتفلت به واحتفيت مع عددٍ من أصدقائي الخُلص.
إن الوقوف مع الصين ومؤازرتها، سابقاً ولاحقاً في عالمنا، وبخاصة في عددٍ من بلداننا العربية، يتطلب كما أرى في خبراتي التاريخية، تضحيات عديدة وفائقة في كل مجال، وكل مَن يستطيع العمل بشرف في هذا المجال، هو مناضل صنديد، ومبدئي، بشرط ان يَصدق في قولِه وفِعلِه في كل مناحي العمل الصيني – العربي، وبأن تكون مواقفه واحدة، ولا مساومة في بعضها على حساب بعض آخر، وفي استنكار علني منه لكل ما يعترض طريق التحالف والصداقة مع الصين، ولأجل حماية العالمين الصيني والعربي من الارهاب والارهابيين، بغض النظر عمَن هم: فكريين وسياسيين، أو عنفيين ورجعيين وحربيين، متعصبين أو انتهازيين.. الخ.
أنا فخور حقا لكوني، وعلى الاغلب، الصديق الأقدم المُرَاسل والمُتابع والمطوّر لعلاقاتي الصاعدة أبداً مع الصين، والمتعمقة مع قيادتها السياسية، ورجالاتها البررة، ومع القسم العربي للاذاعة وعلى رأسه سعادة الاستاذة تساى جينغ لي- سميرة، فهذه العلاقة مع صوت الصين الابدي والعامل بلا توقف وبدون إبداء أي تعب أو تراجع لتكثير عدد أصدقاء الصين، قد أثمرت ثماراً يانعة لصالح عالمنا بأكمله، وانتجت إتحاد دولياً للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.. لأصحاب القَلم والفِكر، تتكاتف فيه شخصيات شهيرة ورفيعة المستوى، وتتخندق في سبيل تطبيق فكرة التحالف الاستراتيجي مع الصين وشعبها، بقيادة حزبها الشيوعي البار لشعبه.
في كل زيارة أزور خلالها الصين – وتـُعدُ بعشرات الزيارات التي نفذتها شخصياً بدعوات رسمية مختلفة – لا بد لي من زيارة القسم العربي، والاجتماع فيه مع ثلّه مميزة من الاعلاميين الصينيين المرموقين، والحديث مع مديرته الاستاذة سميرة، ومع كادر القسم، وهو واجب أرى بأنه ضروري للاستمرار النافع بالعلاقة وتعميقها، وعرفاناً بجميل القسم العربي نحوي، في تعظيم دوري للصداقة والتحالف مع الصين، ولا مندوحة عن التأكيد بأنني ألقى خلال هذه اللقاءات والاجتماعات كل احترام وتقدير من لدن القسم العربي، بمسؤوليه كافة وشخوصه الكرام، وأشكر شكراً عميقاً القسم العربي والاذاعة دعوتهم لي، خلال نوفمبر الحالي2016م لزيارة مدينتي بكين وهايفي، من أجل مزيدٍ من الاطلاع على الصين، وتعميق علاقات التحالف والصداقة مع ممثلي عددٍ من البلدان، الذين يشاركون في هذه الزيارة، وهم من أخلص أصدقاء الراديو الصيني، الذي هو سفير الصين لكل العَالم، وللعَالم الحليف للصين كذلك.
* رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.
……………………………….