ترامب يوفر التحديات والفرص (العدد 45)
صحيفة تشاينا دايلي الصينية
22-11-2016
صن تشنغ هاو (باحث مساعد في معهد الدراسات الأمريكية، معاهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة)
تعريب خاص بـ “موقع الصين بعيون عربية”:
فوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون أسدل الستار على فوضى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية. قبل فرز الأصوات، العديد من الخبراء الأمريكيين، المسؤولين السابقين، ووسائل الإعلام الأساسية، وأغلبية إستطلاعات الرأي، أظهرت تفوق كلينتون على ترامب. لذلك، يشير كثيرون إلى أن النتيجة النهائية كانت على غرار “بريكست” (Brexit) (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
على الرغم من أن الإنتخابات الرئاسية قد انتهت، لكن تأثيرها على الولايات المتحدة الآن بدأت بالظهور. أظهرت “ظاهرة ترامب – ساندرز” أن المجتمع الأمريكي منقسم بشدة حول العديد من المشاكل الإجتماعية، التي قد تنطوي على نتائج إجتماعية وسياسية سلبية.
فوز ترامب يعكس التأييد السياسي القوي الذي يتمتع به. وبدلاً من الدلالة على أن الولايات المتحدة تواجه مستقبلاً غامضاً، فإنه يشير إلى أن السياسة الداخلية الأمريكية تواجه جولة جديدة من التصحيح والإصلاح.
لكن قبل أن يبدأ بأي إصلاح داخل البيت الأمريكي، على ترامب التعامل مع تحديات مختلفة على الجبهتين المحلية والدبلوماسية. أحد التحديات هو كيفية التعامل مع المشاعر المناهضة للعولمة بين الأمريكيين، وهو إتجاه واضح في العديد من الدول المتقدمة الأخرى، والتي سببت خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي في حزيران وإنتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة.
لسنوات، أيّد أغلبية الناس في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في الغرب، العولمة، لأنهم آمنوا بأنها جيدة لهم، لكن الإنتخابات الرئاسية الأمريكية أظهرت أن العديد من الأمريكيين أصبحوا يعارضونها الآن. العولمة حسّنت حياة ملايين الناس حول العالم، لكن ليس الجميع أستفادوا منها. أنها ليست دواء لكل العلل التي تعاني منها البشرية، كما يعتقد بعض الناس. جعلت الفوضى في الشرق الأوسط الناس يدركون حدود العولمة في حلّ القضايا الدينية والعرقية، كما أظهرت الأزمة المالية العالمية في 2008 أن العولمة لا تعني نمواً إقتصادياً مستقراً إلى الأبد.
لكن على ترامب أن يدرك أن إلغاء العولمة ليس الحل لهذه المشكلة. إذا لم تضق الفجوة الواسعة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة، فسوف تستمر في تأجيج الغضب الشعبي ضد العولمة. البيانات المقدمة من مكتب الإحصاء الأميركي في أيلول/سبتمبر صارخة: إجمالي دخل أغنى 5 في المئة هو 17 ضعف دخل الطبقة الأقل دخلاً. وما يزيد الطين بلة هو تقلص ملحوظ للطبقة الوسطى من السكان حيث تتراكم الثروة بسرعة في أيدي الطبقة الغنية. هذا يعني أن الولايات المتحدة خسرت هيكلها الإجتماعي الذي يشبه حبّة الزيتون مع طبقة وسطى ضخمة.
يتساءل الناس ماذا سيفعل ترامب، كرئيس للبلاد، وممثل لإلغاء العولمة وإلغاء السياسات التقليدية لحل مشاكل أمريكا.
الدبلوماسية ليست نقطة قوة لترامب. هو لا يمتلك أي تجربة سياسية أو دبلوماسية، ولم يعمل في السياسات الخارجية. وبالتالي، هو قد يكرّس سنتيه الأولى والثانية في منصبه لحل الشؤون الداخلية، من أجل تضييق الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين، وكذلك في المجتمع الأميركي ككل.
شعار حملة ترامب الإنتخابية، “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، مركّز بشكل أساسي على إدارة الشؤون الداخلية. هو قال خلال حملته الإنتخابية إن حلف شمال الاطلسي (الناتو) بات من الماضي، وأنه يريد من حلفاء الولايات المتحدة كاليابان وكوريا الجنوبية تحمّل المزيد من المسؤولية والمشاركة أكثر في الدفاع عن أنفسهم.
لا أحد يعلم كيف سيكون شكل فريق ترامب للسياسة الخارجية والدبلوماسية. أما بالنسبة لسياسته تجاه الصين، ترامب لم يقل شيئاً سوى أنه سيتخذ موقفاً متشدداً بشأن المسائل الاقتصادية والتجارية.
سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين قد لا تكون أولوية قصوى بالنسبة لترامب مباشرةً بعد تسلمه مكتبه في 20 كانون الثاني/ يناير من العام المقبل، ولكنها ستكون مسألة هامة عليه أن يفكر بها بعناية.
حالة عدم اليقين التي تأتي مع ترامب إلى البيت الأبيض هي تحدٍّ وفرصة للصين في نفس الوقت. التحدي هو أن الصين تعلم قليلاً عن ترامب، والفرصة أن ترامب معروف بكونه شخصاً براغماتياً ومرناً.