يجب ألا يغفل ترامب عن المصالح الأميركية الحقيقية (العدد 50)
صحيفة غلوبال تايمز الصينية
لي هاي دونغ
9- 1- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”
رغم أن الفريق الانتقالي للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قال يوم السبت إن ترامب أو أي مسؤول انتقالي لن يلتقوا زعيمة تايوان تساي إنغ ون أثناء توقفها في الولايات المتحدة في طريقها لزيارة أمريكا اللاتينية، فإن توقف تساي في الولايات المتحدة يمكن أن يلقي بظلاله على العلاقات الصينية الأميركية نظراً لاستفزازات ترامب الأخيرة ضد البر الرئيسي الصيني في قضية تايوان.
سيدرك ترامب وفريقه أن أكبر نقطة اشتعال محتملة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي “استقلال تايوان”.
هناك اجماع عام في المجتمع الدولي على أنه ليس هناك سوى صين واحدة في العالم؛ وتايوان هي جزء من الصين. وحكومة الجمهورية الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين.
ومع ذلك، لقد اكتسبت القوى الإنفصالية التايوانية اليد العليا في الجزيرة في السنوات الأخيرة. وأصبحت زعيمة تايوان تساي، التي ترفض الاعتراف بـ “اجماع عام 1992″، والتي اتخذت خطوات لتفعيل السعي إلى استقلال تايوان بشكل شرعي، مصدر إزعاج للنظام الإقليمي. وإذا كانت حكومة ترامب تدعم أفكار تساي الانفصالية فإن منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستضطرب بلا شك، ما سيشكّل انتكاسة لهدف ترامب المتمثل في “جعل أميركا بلداً عظيماً مرة أخرى.”
لقد قال ترامب في وقت سابق أنه سيعيد تقييم سياسة الصين الواحدة، الأمر الذي كشف فهمه السطحي للدور الحساس والحاسم الذي تلعبه تايوان في العلاقات الصينية الامريكية.
لقد لقي ترامب إثر مكالمته الهاتفية مع تساي الشهر الماضي استياءً ونقداً شديدين من قبل البر الرئيسي الصيني والحكومة الأميركية الحالية. لكن، وفيما يراكم ترامب المزيد من الخبرة السياسية، يسري اعتقاد بأنه سيطوّر تدريجياً فهما أكثر موضوعية لأهمية تايوان في العلاقات الصينية الأميركية.
إن التمسك بسياسة الصين الواحدة لا يشكل فقط العماد السياسي للتعاون الصيني الأميركي، وإنما يشكل أيضاً التصور السائد للسياسة الصينية لدى الحزبين السياسيين الأمريكين البارزين.
بالنسبة للصين، إن المسألة التايوانية هي مصلحة أساسية ولا مجال فيها للتفاوض أو المساومة. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإنها ليست سوى ورقة مساومة. وبالنسبة لترامب، إن مهمة تحسين معدل العمالة وتنشيط الاقتصاد الأمريكي هو أكثر إلحاحاً وأهمية من أي شيء آخر. وإذا ما تخلى ترامب عن ورقة تايوان، فإن ذلك لن يضر بالمصالح الأمريكية، وانما سيساعده في تحقيق أهدافه المحلية إلى حد كبير.
يسري اعتقاد بأن رجل الأعمال سيعود إلى رشده بعد عدة جولات أخرى من التآمر في السياسة الأمريكية تجاه تايوان. وتظهر مؤشرات مختلفة أيضاً أن ترامب نفسه يكيّف تصوراته وتكتيكاته تدريجياً للتعامل مع السياسات التايوانية.
تحاول تساي بهذه الزيارة جذب المزيد من الإهتمام الدولي وتحريض الحكومة الأمريكية الجديدة على إعادة تحديد سياساتها المتعلقة بتايوان. ومع ذلك، إن زعيمة تايوان أساءت فهم التوجه الدولي الحالي وتركيز ترامب الرئيسي على الاقتصاد، ولذلك لا بد لها أن تواجه العقبات وتفشل. وإذا كانت حكومة ترامب ستؤيد أفكار تساي، فإنها ستُغرق نفسها في متاعب داخلية وخارجية.
تقر الغالبية العظمى من دول الأمم المتحدة بكون تايوان جزءاً من الصين. ومن دون الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، فإن أي خطاب من قبل حكومة تساي سيضعها موضع سخرية. ففي النهاية، على ترامب وفريقه أن يدركوا أن حكومة تساي المؤيدة للاستقلال ستصبح في نهاية المطاف ملفاً مثيراً للجدل وعبئاً على الولايات المتحدة.
ستكون البراغماتية أمراً حاسماً في دبلوماسية حكومة ترامب. وبالنظر إلى أن معظم فريق ترامب يقف الى جانب تايوان، من المرجح جداً أن يحاول الرجل إجراء تعديل كبير في السياسات المتعلقة بتايوان في بداية إدارته. ومع ذلك، إن سلسلة من المحاولات الفاشلة ستجبره على ضبط السياسات ذات الصلة، وتعيده في نهاية المطاف إلى مسار التمسك بسياسة الصين الواحدة المعتمدة من قبل الحكومات الأميركية السابقة.
أثناء توقف تساي في الولايات المتحدة، ومهما عبّر ترامب أو مستشاروه عن قلقهم أو دعمهم لها، فإن ذلك سيلحق أثراً شديداً بالعلاقات الصينية الأمريكية الحالية. من المؤمل ألا يخاطر فريق ترامب بالصورة الكبرى من أجل أشياء صغيرة ويغفل عن المصالح الأميركية الحقيقية.