اليابان والمتاجرة بخطاب”التهديد الصيني”
ذكرت صحيفة “السانداي تايمز” البريطانية مؤخرا أن سفارة اليابان ببريطانيا تنفق 10 آلاف جنية إسترليني شهريا على مركز أبحاث “جمعية هنري جاكسون” لنشر مقالات تهاجم الصين، في محاولة لنشر “نظرية التهديد الصيني” داخل الرأي العام البريطاني.
وذكر التقرير أن اليابان تسعى إلى أن تجعل من القضايا اليابانية “نقطة إهتمام لدى التيار الرئيسي من الصحفيين والشخصيات السياسية في بريطانيا”، ولفت الإنتباه لما أسماه التقرير “تهديدات التوسع الصيني على المصالح الإستراتيجية الغربية”.
من الشخصيات التي إنظمت لعمليات تشويه الصين التي تشنها “جمعية هنري جاكسون” نجد وزير الخارجية البريطاني السابق ريفكيند، ورئيس أركان البحرية السابق واست وغيرهما من الشخصيات السياسية. حيث نشر ريفكيند مقالا هاجم فيه مشاركة الصين في مشروع نووي بريطاني، وهاجم واست الصين في قضية بحر الصين الجنوبي. لكن هذه الشخصيات عبرت عن عدم علمها بعلاقة الجمعية المذكورة باليابان، وقال واست أنه كان سيتراجع عن نشر مقاله لدى الجمعية لو عرف عن علاقتها باليابان.
دأبت جمعية “هنر جاكسون” على نشر محتويات مناوئة للصين، في هذا الصدد، يرى مدير مركز الدراسات الصينية بالجامعة الملكية بنلدن، كيري براون أن هذه الجمعية تعد “منظمة يمينية مشهورة”، و”تمارس خطابا متشددا”.
لماذا تقوم اليابان بتمويل مثل هذه المنظمات؟ ترى “السانداي تايمز” أن هذا العمل يعكس إغتياض سفارة اليابان ببريطانيا من “العصر الذهبي” للعلاقات الصينية البريطانية.
تاريخيا، تمتلك اليابان تقاليد في تشويه الصين وتأليب الرأي العام عليها، وهذه السياسة يمكن أن تعود بجذروها إلى الحرب الصينية-اليابانية عام 1894، لذلك فإن ماتحدثت عنه صحيفة “السانداي تايمز” لايمثل سوى “قمة جبل الجليد”.
بالحديث عن حرب الرأي العام التي تشنها اليابان على الصين خلال السنوات الأخيرة، نذكر على سبيل المثال، تقارير صحيفة “تشان جينغ نيوز” اليابانية التي تحدثت عن الدعاية اليابانية التي تستهدف الصين واليابان. حيث تقدم الحكومة اليابانية دعما لمراكز الأبحاث للقيام بأحاحث ودعاية حول السيادة والمعارف التاريخية، وقد خصصت لهذا المشروع ميزانية بـ 500 مليون ين خلال 2017. كما قام الحزب الديمقراطي الياباني في عام 2016 بتمرير قرار يطالب حكومة آبي برفع جهودت الدعم والتمويل لإستراتيجيات الدعاية الخارجية المتعلقة بالسيادة الترابية والمعارف التاريخية المتعلقة باليابان. وطالب القرار السفارات اليابانية في الخارج بتعزيز “إستراتيجيات الدعاية” في الخارج المتعلقة بالأمن وغيره من المجالات.
من جهة أخرى باتت دعاية “التهديد الصيني” بالنسبة لليابان حجة للقفز على دستور السلام. حيث تحاول اليابان أن تقول إلى العالم بأن الصين بصدد “التوسع عسكريا”، وأن”الوضع الأمني لجيرانها بات مهددا”، وغيرها من الخطابات الأخرى التي تتردد دائما. ولاتكتفي بجهودها فقط، بل تلتجأ لمن يساعدها على ترويج مثل هذه الخطابات، وتعد “جمعية هنري جاكسون” مثالا حيا على ذلك.
تصرح حكومة آبي من جهة بأنها ترغب في تحسين العلاقات الصينية اليابانية، ومن جهة ثانية تقوم بأشياء أخرى عكس هذه التصريحات، وهو مايثير الشكوك في مصداقية اليابان.