أجانب كثر استفادوا من مبادرة الحزام والطريق الصينية (العدد 53)
صحيفة غلوبال تايمز الصينية 23- 1- 2017
هوتانغ تينغ تينغ وسينغ سياو تينغ
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”:
أجانب كثر استفادوا من مبادرة الحزام والطريق الصينية. الحكومات المحلية الصينية ساعدت هؤلاء في ايجاد أماكن، وفي إعفائهم من الإيجار، وتمتعوا بسياسات تفضيلية
بالنسبة لديف راتوري، وهو رجل أعمال هندي، فإن إطلاق مبادرة “الحزام الإقتصادي لطريق الحرير” ومبادرة “طريق الحرير البحري للقرن الـ 21” (الحزام والطريق) في عام 2013 قد غيّر حياته.
كان راتوري، البالغ من العمر 29 عاما، قد قدم إلى شنتشن في مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية عام 2005 طمعاً بالأرباح الكبرى في الصين، حيث عمل كنادل في مطعم. وعندما شاهد الأرباح الضخمة في خدمات المطاعم، قرر راتوري إنشاء تجارته الخاصة لاحقاً.
ولكن جميع جهوده للعثور على موقع مناسب للمطعم ذهبت سدى حتى العام 2013، عندما أقر كبار القادة الصينيين مبادرة الحزام والطريق، والتي تغطي أكثر من 60 بلداً في آسيا وأوروبا وأفريقيا.
وقد تواصلت حكومة شيآن في مقاطعة شنشي شمال غرب الصين مع راتوري في ذلك الوقت، وقدمت له موقعاً لافتتاح مطعمه.
وتعد شياًن، وهي عاصمة إمبراطورية قديمة ونقطة انطلاق على الجانب الشرقي لطريق الحرير، إحدى أولى المدن التي استجابت لمبادرة الحزام والطريق. حيث بدأت المدينة ببناء شارع ثقافي لطريق الحرير لإدخال الشركات الأجنبية.
وراتوري ليس وحده. فبموجب هذه المبادرة ينضم إليه المزيد والمزيد من الأجانب على طول مسالك مبادرة “الحزام والطريق” سعياً لبداية جديدة في الصين.
في 12 كانون الثاني/ يناير قال المتحدث باسم لجنة التنمية والإصلاح الوطنية تشاو تشن شين في مؤتمر صحفي إن الشركات الصينية قد استثمرت أكثر من 18 مليار دولار، وانتجت أكثر من مليار دولار كضرائب على الدخل، وخلقت أكثر من 160000 فرصة عمل في البلدان الواقعة على امتداد مبادرة الحزام والطريق.
في عام 2005، كانت وظيفة راتوري كنادل في مطعم تعود عليه بحوالي 3000 يوان (437 دولار أميركي) شهريا، أي ثلاثة أضعاف ما كان يُحصله في نيودلهي.
ثم جاء إلى بكين حيث عمل في المطاعم الصينية والغربية، وتمت ترقيته إلى وظيفة مدير براتب شهري بلغ 30000 يوان، قبل أن يستقيل من عمله هذا ليبدأ تجارته الخاصة.
وفي عام 2011، بدأ بالبحث عن موقع لإنشاء مطعمه الخاص. لكن البحث في عدة مدن كان عبثياً في البداية. وعندما ترددت أصداء مبادرة الحزام والطريق، تواصلت معه حكومة شيآن وقدمت له عرضاً، وهو موقع من 600 متر مربع وإعفاء من رسوم الإيجار للسنة الأولى.
وقال راتوري لـ “غلوبال تايمز” إن “الموقع في قلب أحد الشوارع. وقد حصلنا على صفقة جيدة من إدارة مركز التسوق بإيجار رمزي جداً بالاضافة إلى دعم للحصول على ترخيص. الحكومة المحلية دعمتنا أيضا بالتأشيرة والتخفيضات الضريبية”. وسرعان ما اكتسب المطعم واسمه “ريدفورت” شعبية واسعة، وافتتح راتوري فرعا آخر في المدينة في نيسان العام 2015، قبل أن يوسع السلسلة إلى مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد.
ولا يختبر زبائن مطاعمه المطبخ الهندي فقط وإنما الثقافة الهندية أيضاً، مع أنشطة مثل اليوغا، والحرف اليدوية، والاحتفال بالمهرجانات الهندية ورقصات بوليوود.
وعلى غرار راتوري، أدرك فيشال بيهكار، وهو طالب دكتوراه في الطب في مدينة شيآن، هو الآخر العصر الذهبي لريادة الأعمال. حيث أسس مركزاً صحياً من 400 متر مربع في المدينة، يوفر العلاج على الطراز الهندى للعملاء الصينيين الذين يعانون من أمراض مثل الروماتيزم والتهاب الأنف. وهو يجري أيضاً دورات يوغا تمكّن الجسم والعقل من استرداد عافيتهما.
في العام الماضي، وبمساعدة من الحكومة المحلية، حصل باهيكار على مكتب أكبر بسبع مرات. وهو يطمح لجلب المزيد من الأطباء الهنود إلى الصين وتوسيع أعماله.
المبادرة كانت مفيدة لشيآن أيضاً. حيث كان شانغجوان جي تشينغ، عمدة مدينة شيآن، قد تعهد في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي بجعل المدينة المكان الأكثر حيوية وابتكاراً على طول طريق الحرير، ورفع قيمة الواردات والصادرات إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2020، أي ضعفي ما كانت عليه عــام 2015.
وقد استشعر خشتي مصطفى من إيران، وهو طالب دكتوراه في الهندسة الكهربائية في جامعة “شيآن جياوتونغ”، التغييرات التي جلبتها مبادرة الحزام والطريق.
وقال مصطفى لـ “غلوبال تايمز”: “هذه المبادرة ليست فقط لقطاع الأعمال، وإنما أيضا للعلوم والتكنولوجيا”، مشيرا ألى أن جامعة جياودا قد تعاونت مع أكثر من 100 جامعة في البلدان الواقعة على امتداد مبادرة الحزام والطريق ودعت العلماء إلى السفر حول المنطقة لمناقشة أحدث النتائج العلمية.
أثناء دراسته في جياودا، حظي مصطفى بفرص للقاء شركات ذات صلة بتخصصه وتعرف إلى قدرات الصين في مجال التكنولوجيا سيما فى مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة. وقال “سأعرض هذه التكنولوجيا في بلدان أخرى، سيما في بلدي، للبدء ببعض المشاريع. نحن بحاجة إلى تكنولوجيا متجددة لبناء محطات لتوليد الكهرباء، ومزارع للرياح أو محطات للطاقة الشمسية”.
وقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في عدد الإيرانيين القادمين للدراسة في الصين. ويعتقد مصطفى أن ذلك يعود جزئياً لمبادرة الحزام والطريق. وأضاف “انهم إما يواصلون دراستهم هنا أو يعودون للعمل في الوطن، ويصبحون جسراً ثقافياً بين البلدين”.
وقد عُين مصطفى مؤخرا كسفير فخري دولي لجياودا كما عرضت عليه الجامعة التدريس في الكلية الدولية بعد تخرجه في تموز/ يوليو.
ويعتقد مصطفى أن المبادرة مربحة لجميع الأطراف. وأضاف “إنها مبادرة لتقريب البلدان من بعضها البعض، هذا ما فهمته. انها فرصة جيدة لجعل بلداننا أسرة واحدة تساعد بعضها البعض. إنها شراكة مثالية حيث تطوّر نفسك وتطوّر الآخرين معك”.
يوافقه راتوري الرأي. وقد وظف الأخير العديد من الصينيين. وهو يصر بالإضافة إلى ذلك، على التبرع ب 30 في المئة من دخله للعمل الخيري في الصين وفي مسقط رأسه على حد سواء. حيث يتبرع للفقراء والطلاب المدعومين ويزور دور الـرعـايـة.
وقال راتوري: “مع مبادرة الحزام والطريق، سنشهد دفعة قوية على الصعيد الثقافي، والتجاري والاقتصادي إضافة الى التبادلات والتوظيف بين دول طريق الحرير”. وأضاف: “نود أن نساهم في خلق الفرص والتبادل الثقافي بين البلدين.” بيهكار أيضا قال لـ “غلوبال تايمز” إنه يخطط لفتح مركز صحي في الهند يعزز الطب الصيني التقليدي والثقافة الصينية للشعب الهندي، مقابل الفرصة التي حصل عليها في الصين.
دعوات للمزيد من التسهيلات
وقال مصطفى إنه سيواصل تحسين فهمه للثقافة واللغة الصينية. وقد طلب راتوري من زوجته وطفليه الانتقال إلى الصين. لكنهم ما زالوا يأملون أن تقدم الحكومة الصينية المزيد، كتسهيل سياسات التأشيرات.
وقال راتوري مقترحاً: “لدينا العديد من الموظفين من الهند الذين تتأخر طلبات حصولهم على تأشيرة، ويجب أن تكون الحكومة الصينية أكثر مرونة وتبسط هذه العملية. ينبغي أيضا إصدار تأشيرات طويلة الأجل، لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، على غرار تلك التي تصدرها اليابان وكوريا”.