اختتام ندوة العلاقات العربية – الصينية في بيروت
اللجنة الإعلامية في مركز دراسات الوحدة العربية:
اختتمت ندوة العلاقات العربية – الصينية أعمالها مساء اليوم الأربعاء بعد أن ناقش الباحثون من الصين و13 دولة عربية العلاقات العربية-الصينية من مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية في عشرة جلسات عقدت أمس واليوم في فندق البريستول .
وفي كلمته الاختتامية شكر رئيس مركز دراسات الوحدة العربية الدكتور خير الدين حسيب جميع المشاركين والمنظمين والباحثين والمعقبين، معرباً عن سروره الكبير لانعقاد هذه الندوة التي كانت نتائجها مثمرة وجهود تحضيرها أقل من المعتاد. ووجه الشكر أيضاً للباحثين من الصين على ما قدموه لهذه الندوة من مستوى يليق بالصين.
كما ألقى الأستاذ صان ديغانغ من جامعة شنغهاي الصينية كلمة أشار فيها إلى أنه خلال يومين تمت مناقشة قضايا الثقافة والسياسة والاقتصاد والتجارة بمشاركة كبيرة من 15 دولة بينها 13 دولة عربية. وأعرب عن تطلعه إلى الكتب التي ستنشر باللغتين العربية والصينية في بيروت وفي الصين تعرض فيها المواقف التي عرضت في الندوة. واعتبر أن هذا النوع من اللقاءات يمكنه أن يعزز “صداقاتنا الشخصية”، ووجه الشكر لمركز دراسات الوحدة العربية ولجميع المشاركين .
وألقى الدكتور محمد حمشي من الجزائر كلمة باسم المشاركين أعرب فيها عن جزيل شكره للمنظمين والقائمين على الندوة في لبنان ومن الصين.
جلسات بعد ظهر اليوم الثاني من ندوة العلاقات العربية الصينية
وكانت أعمال ندوة العلاقات العربية – الصينية قد استؤنفت صباحاً في فندق البريستول، وترأس الجلسة الصباحية الأولى الدكتور ديغانغ سان وهي حول المحور السادس من محاور الندوة بعنوان “العلاقات الاقتصادية: التجارة والاستثمار والسياحة”، ثم قدّم الدكتور محمد حمشي مداخلته التي استهلها بتقديم مدخل تاريخي إلى العلاقات بين الوطن العربي والصين، ثم استعرض تحديات العلاقات العربية الصينية التي على الجانبين مواجهتها، وأبرزها التبادل اللامتكافئ في العلاقات الاقتصادية العربية – الصينية، “الاستقرار الأمني في المركب الأمني المشرق – الخليج العربي”، التمركز المفرط للسياسات الخارجية العربية حول الغرب، غيض المعرفة والفهم المتبادلين بين العالم العربي والصين، الانقسامات السياسية العربية – العربية.
وخلص حمشي إلى الفرص الاستراتيجية في العلاقات الاقتصادية العربية – الصينية التي على الجانبين الاستفادة منها وأبرزها، إشراك الوطن العربي في مشروع الطريق والحزام، تطوير منتدى التعاون العربي – الصيني، التكامل العربي – العربي والعلاقات الاقتصادية العربية – الصينية، تفعيل مضامين وثيقة السياسات الصينية تجاه البلدان العربية.
ثم قدّم الدكتور مين جي مداخلته فاستهلها بالحديث عن تاريخ وصول الدين الإسلامي إلى الصين حيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحضارة الصينية، كما تحدث عن قدوم المئات من الشباب الصيني إلى العالم العربي وإلى مصر خصوصاً للدراسة، كما تحدث في المقابل عن ذهاب آلاف الأشخاص من المسلمين العرب إلى الصين. واعتبر أن التبادلات الثقافية الإسلامية والصينية تساهم في تعزيز العلاقات بين الجانبين وفي محاربة الإرهاب.
ثم تليت ورقة قدمتها الدكتوة منال موافي تعقيباً على مداخلة الدكتور حمشي، كما عقب على المداخلتين الدكتور جعفر كرار أحمد من السودان.
ثم عقدت الجلسة الثانية حول المحور السابع وهي بعنوان :”العلاقات السياسية: القضايا العربية”، وقد ترأسها الدكتور وحيد عبد المجيد، ثم قرأ الدكتور عبد الحفيظ من مصر الورقة التي أعدها الباحث الدكتور عاهد مسلم المشاقية الذي تحدث في ورقته عن التوجهات الصينية تجاه البلدان العربية بعد ثورات “الربيع العربي” حيث لعبت دوراً إيجابياً اتسم بعدم التدخل المباشر والحفاظ على العلاقات الودية والعمل على حل النزاعات بالحوار، ودعم الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة.
ورأى أن السياسة الخارجية الصينية تهدف إلى تحقيق مجالات التعاون الاقتصادي أكثر من ميلها إلى بناء علاقات سياسية مع الدول العربية، وهي لهذه الغاية تسعى إلى بناء علاقات اقتصادية في بيئة آمنة ومستقرة بعيداً من العنف والحروب ودون أن تضطر إلى التورط عسكرياً.
بعده تحدث الدكتور صان ديغانغ الذي قدم عرضاً موجزاً عن نظرة الصين للواقع القائم في الشرق الأوسط، وأكد على أن الصين تنتظر للشرق الأوسط كسوق تجاري بينما تنظر إليه أميركا كأرض معركة. وأشار إلى أن كل دول الشرق الأوسط ترحب بالتدخل الصيني لحل النزاعات في هذه المنطقة بسبب سياسة الصين المعتدلة القائمة على مبدأ العدالة ورفض الهيمنة، لافتاً إلى اعتبار الصين القضية الفلسطينية محقة، وأن موقفها هذا منطلق من سياستها المبدأية وليس بسبب صداقتها للعرب.
وفي سياق آخر، أكد ديغانغ أن الصين ترفض التعاطي مع أحزاب المعارضة حتى لا تتدخل في شؤون الدول.
ثم تحدث الدكتور لي بينغزونغ فقدم عرضاً عن الدور التركي في الشرق الأوسط ومأزق العلاقة بين تركيا والعالم العربي، داعياً تركيا إلى اتباع ديناميكية خاصة في علاقتها مع الدول العربية من أجل انجاح هذه العلاقات دون ربطتها بطبيعة العلاقة بين تركيا والغرب.
ثم تلا الدكتور عبد الله ياعبود التعقيب الذي أعده الدكتور محمد بن هويدن.
وعقب الدكتور خير الدين حسيب فأشار إلى الموقف الأميركي الجديد الذي اتخذه ترامب لصالح الكيان الاسرائيلي، معرباً عن الحاجة إلى موقف فاعل وقوي من روسيا والصين في هذا الموضوع وأن تساعدا في اتخاذ موقف دولي من هذا التراجع عن الحق الفلسطيني. وأكد أنه لولا وجود حزب الله والمقاومة الفلسطينية وتطوير المقاومة وبشكل خاص حزب الله الذي أوقف العربدة الإسرائيلية في لبنان، لربما دفنت القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن العرب أنفسهم منشغلين بقضايا أخرى ولم تعد القضية الفلسطينية هي أولوية بالنسبة لهم.
وأضاف: هناك واجب قانوني وانساني يوجب على روسيا والصين أن تتخذان موقفاً حاسماً مما يحصل في فلسطين.
جلسات بعد الظهر
وعقدت بعد الظهر ثلاث جلسات، فترأس الجلسة الأولى بعد الظهر الدكتور مسعود ضاهر حول المحور الثامن بعنوان “العلاقات السياسية: القضايا الصينية”، وقدّم الباحث بروف دينغ لونغ مداخلة تحدث فيها عن المنافسة بين الشركات الصينية واليابانية والكورية، معرباً عن اعتقاده بأن هناك مجالاً كبيراً للتعاون الصناعي بين الصين والدول العربية. وإذ أشار إلى حركة فردية متبادلة بين الصين والدول العربية، لفت إلى وجود فجوة حقيقية تتمثل في عدم التواصل الشعبي.
ثم قدّم الباحث الدكتور ناصر التميمي مداخلة ركّز فيها على المصالح الجوهرية للصين، معرباً عن اعتقاده أن الطريق البحري سيبقى هو المهم، ومصالح الصين ستزداد في الشرق الأوسط وقد يتبعها تزايد في النفوذ السياسي والنفوذ العسكري خصوصاً مع تطور الصناعات العسكرية الصينية.
ثم عقّب على البحثين كل من الدكتور عبد الفتاح عز الدين، والدكتور زينغانغ ين.
وترأس الجلسة الثانية الدكتور عبد اللطيف عبيد حول “الموقف تجاه النظام الدولي وعناصر تغييره.
وقدّم الباحث الدكتور إدريس الكربيني مداخلة حول الصين وتحولات النظام الدولي الراهن، فعرض الكثير من الوقائع التي تؤكد ازدياد مكانة الصين في العالم على مختلف المستويات الاقتصادية والإنمائية والعسكرية، وخلص إلى أن التطور المذهل الذي تشهده الصين على مستويات عدة يكون أرضية ستسمح لها في المدى المتوسط بخلخلة النظام الدولي الذي فرضته الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، وبالتالي سنرى مولد قوة عالمية وازنة.
ثم قدّم الدكتور ين زهي وانغ مداخلته التي استهلها بالحديث عن تفاعل الصين مع البلاد العربية، مقدماً أمثلة عدة على هذا الأمر، منها: دعم الصين للبنان في منتصف القرن الماضي، ووقوفها إلى جانب العراق في تحركه للتحرر من الاستعمار. لكنه أكد أنه لا يمكن للصين أن تكون المخلص للناس لأنها ستصبح قوة عظمى مسيطرة كما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً والولايات المتحدة حالياً. ورأى أن الممارسة التي مارستها الصين في خمسينات وستينات القرن الماضي من خلال وقوفها إلى جانب الشعوب العربية التي سعت إلى التحرر من الاحتلال الأجنبي تمثل خطاباً بديلا لفهم العالم إن كانت هذه التجارب ناجحة أم لا.
وعقّب على المداخلتين كل من الدكتور علاء عبد الحفيظ محمد والدكتور جين زونجي.
وترأس الجلسة الثالثة والأخيرة في الندوة الدكتور أحمد ملي حول المحور العاشر بعنوان “العلاقات الثقافية والإعلامية”.
ثم قدّم الباحث الدكتور جعفر كرار أحمد مداخلة استعرض فيها بشكل مسهب تاريخ التبادل الثقافي بين الصين وبلاد العرب منذ ظهور الإسلام وحتى قيام جمهورية الصين الشعبية، وخلص إلى أن العرب والصينيين لم يبنوا حزاماً اقتصادياً على طريق الحرير القديم فحسب، بل إنهم بنوا أيضاً حزاماً ثقافياً نشطاً وثرياً أسهم في جعل التبادلات الاقتصادية والتجارية أمراً ممكناً، فازدهرت المدن واستوعبت الشعوب على طول الحزام والطريق اختلاف الثقافات واللغات واحترمت الأديان فازدهرت الأسواق.
وقدّم الباحث الصيني نيو سونغ مداخلة حول العلاقات الثقافية بين العرب والصين، وركز حديثه على العلاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية من زاوية أن السعودية هي محل جذب للمسلمين الصينيين الذين يذهبون إليها لتأدية فريضة الحج، مشيراً إلى وجود 21 مليون صيني مسلم. واستعرض المراحل التي مرت بها العلاقة بين السعودية والصين منذ منتصف القرن الماضي وصولاً إلى أيامنا هذه.
وعقب على المداخلتين كل من الدكتور عبد الحسين شعبان والدكتور صان ديغانغ.