السفير (بان وي فانغ) إذ يؤكد!
موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*،
الشيخ محمد حسن التويمي*:
كنّا في غاية السرور للِقاءِ الجديد الذي جَمعَنا مع سفير جمهورية الصين الشعبية الجديد نسبياً، الأخ العزيز (بان وي فانغ)، في مركز دراسات الشرق الاوسط، في العاصمة الاردنية عمّان.
لقاؤنا مع السفير في المركز الموقر كان مُفيداً ومُهماً، وقد استمعنا لمحاضرة السفير يوم الأربعاء الأول من مارس/ آذار الحالي، بهدف الاستزادة، ومن ثم إلقاء الأضواء عليها في الإعلام، برغم أننا نعرف جيداً ومنذ سنوات طويلة سياسة الدولة الصينية وطبيعتها، علاقاتها العربية والدولية، وبضمنها سياسة الصين نحو الاردن.
أما مَرد الاهمية والاستثنائية في اللقاء الجديد مع هذا السفير المخضرم، فهو أنه أكد عدة مواقف مبدئية تنتهجها بلاده الحليفة، وهي تشكّل حدوداً لها في علاقاتها الدولية وحِراكاتها على مُختلف الصُعد وفي شتّى الساحات والأقاليم، إذ أن تأكيداته المتلاحقة وفي كل ما تناوله وعرض إليه تتناغم مع وضع الصين الدولي كدولة كبرى وعضو في مجلس الأمن الدولي؛ ولكون سياسة الصين تستند الى القانون الدولي الذي تعترف به الدول الأعضاء المشاركة في منظمة الامم المتحدة؛ وتلتزم بمنهج المساواة التامة في العلاقات بين الدول والشعوب والأمم عامةً، وأولوية مصالح الصين – وهو حق لبلاده وشعب الصين؛ وعدم السعي لمعاداة أي طرف على حساب طرف آخر، وممارسة سياسة ناعمة و/أو عامة، والتزام نهج الحلول السلمية والسياسية الجماعية للنزاعات المختلفة؛ وفي صِلات الدولة الصينية بالدول التي تتواجه، بما يضمن عدم تضرّر المصالح الصينية العليا – وهذا أيضاً حق للصين، ونحن نحترم هذه المبادئ وشفافية الصين بطرحها والإعلان عنها مباشرةً، وخلوّها من أيّة رتوش وإلتواءات أو إنحناءات.
وبالرغم من أن محاضرة السفير كانت إرتجالية محض، وكذلك كانت أجوبته على الاسئلة التي طرحها على مسامعه خبراء ورسميون ومهتمون أردنيون لبّوا الدعوة لحضور الفعالية، إلا أن السيد (بان وي فانغ) أجاب عليها بصراحة وبدون تصنّع، وتميّزت أقواله بالمُبَاشَرة وهدوء الطرح، وهو ما زادنا إعجاباً به وبالدبلوماسية والدبلوماسيين الصينيين، حذاقتهم وذكاءهم ومستواهم الرفيع جداً.
السفير (بان وي فانغ) أكد عدة حقائق تلتزم بها بلاده في سياساتها العربية والعالمية وتجاه مختلف الدول والانظمة السياسية، ولا مجال لتبديلها أو تغييرها، وهي قائمة على مبادئ واضحة، وقد صاغتها الدولة الصينية بالإجماعِ منذ زمن بعيد.
وفي تأكيدات السفير تجاه الاردن والقضية الفلسطينية، ثبات التعاون بين البلدين؛ وضرورته، وإستراتيجية موقع الاردن واهميته؛ واهتمام بلاده بعلاقاتها بالاردن سيّما القضايا المشتركة ببنهما (برغم الفارق الكبير بين الدولتين في المساحة وعديد السكّان والقدرات المختلفة وغيرها)؛ وبخاصة زمالة الاردن للصين في البنك الآسيوي للبُنى التحتية الذي مقره في الصين؛ والتزام الصين حتى النهاية بتنفيذ المشاريع الموقع عليها مع الاردن؛ وبضمنها مشروع المفاعل النووي الأردني الذي يجري تنفيذه أردنياً إلى جانب الشركات الروسية؛ كذلك الأمر بالنسبة لعدد من المشاريع الثقافية والعلمية، ومنها مشروع الجامعة الأردنية – الصينية، والمركز الثقافي الصيني.
وفي القضية السياحية ورداً على استفسارات وأسئلة ذات صِلة، أكد السيد السفير أن الشركات الصينية “مُخصخصة”، وبأن الحكومة الصينية لا تستطيع أن ترغمها على شيء، كأن توجّه تلك الشركات السياح الى وجهة معينة، كما كان في الصين سابقاً عندما كانت الشركات مملوكةً للحكومة، إذ أن رأس المال يَلعب حالياً دوراً رئيسياً في توجّهات الشركات السياحية ومدى الجذب السياحي الى هذه الدولة أو تلك، تبعاً لِما تقدّمه الدول للسياح مِن حوافز ترفيهية وإمكانات ووسائل جاذبة.
وفي القضية الفلسطينية وقضايا الإقليم، أكد السفير (بان وي فانغ) الموقف الصيني الثابت والقاضي بأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ ودعوة الصين مختلف الدول والأمم للمشاركة بحل القضية الفلسطينية؛ والتزام بيجين بدعم الفلسطينيين سياسياً ومادياً واقتصادياً، ورفض الصين المبدئي لمنطق الحرب، لكون الحرب تعقّد الأمور وتعرقل الوصول إلى حُلول؛ وضرورة حل الخلافات بين أطراف النزاع سلمياً وعن طريق المباحثات؛ وممارسة الضغوط على تل أبيب في الاتجاه المطلوب للقبول بحل القضية الفلسطينية ولإحقاق حقوق شعب فلسطين تنفيذاً للقرارات الدولية؛ وإخلاء منطقة “الشرق الاوسط” من السلاح النووي.
وفي قضايا أخرى مهمة كقضية الحرب والسلام، أكد سفير الدولة الصينية أن بلاده لا ترسل أيّة قوات صينية الى ساحات الحرب، بل ترسلها حصراً للمشاركة في عمليات الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، فالقوات الصينية تنتشر في مختلف إنحاء العالم، وضمن “القبعات الزُرق” للامم المتحدة، وتتواجد في منطقة خليج عدن، للجم القراصنة وحماية السفن التجارية.
وفي القضية السورية، أكد الأخ السفير ان هذه القضية مُعقّدة جداً، وأن موقف بلاده الصينية يتلخص بأنها تتحمل الى جانب الدول الاخرى في مجلس الأمن الدولي مسؤولية السلام والعمل من أجله في ذلك البلد، والسير بالمباحثات السلمية نحو حلول مناسبة، بخاصة من خلال جنيف، ومشاركة مختلف دول مجلس الأمن بعملية السىلام في سورية، وصولاً الى تسوية القضية السورية بأقرب وقت ممكن، ولصالح شعب سورية.
في تحليل تصريحات السفير الصيني (بان وي فانغ)، أن بيجين لا تنوي توظيف السلاح في أيّة أزمات وحروب دولية، وتقتصر أنشطتها الدولية على تبريد الأزمات والدعوة إلى حلّها عن طريق المباحثات الهادئة والسلمية، ومن خلال المنبر الاممي وقرارات دولية، وبمشاركة مختلف الدول والحكومات وتفاهمها، لضمان الوصول الى الهدف النهائي المنشود لإحقاق حقوق الشعوب وبضمنها الشعب الفلسطيني. فالصين ترى أن الازمات لا يمكن أن يتم تسويتها بدون تفعيل الجهود الجماعية والاتفاقات الشاملة، وبرضى الجميع وذوي العلاقة الجوهرية بتلك الازمات، لتغدو ثابتة ونهائية ومضمونة.
*مروان سوداح: كاتب وصحفي، مؤسس ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، ورئيس شبكة حقائق الدولية – الفيسبوكية التابعة لِـ “الاتحاد الدولي”.
*الشيخ محمد حسن التويمي: كاتب ومسؤول ديوان الإسلام والمسلمين بالصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.