في الذكرى الأربعين للعلاقات الصينية الاردنية
موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر حسن عبدالقادر*:
تَهل علينا الذكرى الأربعين لبدء العلاقات الدبلوماسية ما بين بلد عربي هو المملكة الاردنية الهاشمية، وأخر صديق للاردن والبلدان العربية هو جمهورية الصين الشعبية.
الاردن والصين هما بلدان ينتميان لقارة آسيا، ويتقاطعان في الكثير من المواقف الدولية والآسيوية، وتربطهما صداقة عميقة وتعاون دائم ومتطوّر في كل المجالات، تشهد عليها صفحات تاريخية ممتعة، حيث فتح الاردن أراضيه للاستثمارات الصينية والصداقة، وفتحت الصين للاردن مجالات عديدة في الصين، ليَغرف منها الاردن ما يريد وما يراه الأنسب له، وهو وضع مشابه لعلاقات الصين مع بقية الدول العربية وغير العربية.
التفاهم الاردني الصيني دائم ومستمر، ولم يَسبق أن شابه شائبة، ويَعود الفضل في ذلك الى بُعد بصيرة البلدين الصديقين، والتزام الصين بسياسة خاصة ملوّنة بألوان صينية جذّابة، تبدأ باحترام الغير وسيادته على أراضيه وقراره السياسي، ومروراً بمد يد المساعدة إليه، وتترافق هذه المساعدة بثنائية البِناء والعمل بقوى البلدين، لتكون الصداقة المُنتجة أعمق وأرسخ وأشمل في انعكاساتها المحلية والعربية والعالمية.
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين بكين وعمّان في السابع من نيسان/ أبريل لعام 1977، بعد نقل الاعتراف الامريكي والدولي من تايوان للصين الشعبية – كممثلة لكل الصين والصينيين، واعتراف الاردن وعدد من الدول العربية الاخرى وبتواريخ مختلفة سابقة ولاحقة لهذا التاريخ، بوحدانية التراب الصيني ومستقبل الصين الواحدة، وحق الصين بأراضيها الواقعة تحت سيطرة أجنبية غير شرعية، كانت عادت إليها (ماكاو و هونغ كونغ) سلمياً قبل سنوات، فترسّخت صورة الصين بعودة أراضيها إليها على أنها “دولة سلام”، تُعيد ممتلكاتها لنفسها بدون إطلاق رصاصة واحدة، لأن الصين قائداً وحكومةً ودولةً وشعباً تقدّس هِبة الحياة المُقدّسة، وتعرف “على جلدها”، ماذا تعني الحرب، وماذا يَعني الدمار الحربي والقتال والخراب وبكاء الآباء والامهات على أبنائهن القتلى والمُصابين وصرير الأسنان.
فالصين خسرت 35 مليون إنسان في حرب اليابان عليها في القرن الماضي، وها هي تبذل جهدها لئلا تتكرر المآسي الحربية والحروب، لهذا نراها تنقل استثماراتها الى إقتصادات السلام وتلبية حاجات البشر.
علاقات الصين بالعالم تتعزز اليوم أكثر من أي وقت مضى بفضل إشهار مبادرة الرئيس الصديق لاتحادنا الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، الموسومة بـ”الحزام والطريق”، التي يقول سفير الصين الحالي لدى الاردن السيد “بان وي فانغ”، أنها “قد أحرزت تقدمآ جبارآ، وأن دول ومنظمات دولية عبّرت عن موقفها الإيجابي بالدعم والمشاركة فيها” .
وإلى جانب ذلك ومعه، فقد تمخّضت زيارة الرئيس الصيني الحبيب (شي جين بينغ) الأولى – بعد توليه المناصب الأرفع في بلاده – الى مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، بنجاحات كثيرة، حيث قَدَّم مَنهجآ شاملاً للسياسة الصينية تجاه الدول العربية في المرحلة الجديدة، ما أدى الى الارتقاء السريع بمستوى التعاون الجماعي بين الجانبين بشكل قوي وفعّال، فلفت بكل ذلك مُجدّداً أنظار العالم العربي للصين.
من جانبه، يُقيّم السفير الصيني في الاردن علاقات بلاده مع الاردن بكثير من الإيجابية، لأنها تقوم “على تبادل الإحترام والتعايش السلمي والتنمية المشتركة، ولأن الدولتين أحرزتا مُنجزات ملحوظة في المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية والأمنية والإجتماعية، وحيث وقّع الجانبان مذكرت التفاهم لبناء مركز ثقافي صيني في الاردن” .
في الاردن، كما في مصر وطني الحبيب، يُحبّون التراث الصيني والحضارة الصينية، ومعها الموسيقى الصينية، التي تصدح حتى في الجامعة الاردنية بعمّان، وهي أُولى جامعات الاردن، وهي تشهد بلا توقف فعاليات صينية بكل المناسبات الصينية، والصينية الاردنية، ويَحضرها الاساتذة والمسؤولون والطلبة، الذين يَستمتعون بفنون ومنها فن الأُوبرا، الذي يَمتاز بأكثر وفرة في الألحان والموسيقى، ويرجع تاريخها الى ما قبل 400 سنة .
العلاقات الاردنية الصينية موعودة بمزيد من النجاحات خلال سنوات مُقبلة، بجهود حكومية وشعبية، بعدما صار غالبية الاردنيين يعرفون الصين عن قُرب، ويتبادلون وإيّاها المحبّة أولاً، ثم السلع التجارية، وسيَعقبها العملانية الثقافية على نطاق واسع، سيّما بعد افتتاح المركز الثقافي الصيني بالعاصمة عمّان، والجامعة الصينية الاردنية التي ستقام على تخوم العاصمة لتستقطب أُلوف الاردنيين والعرب.
*كاتب وناشط إذاعي مصري مع القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI وعضو في هيئة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في مصر.