واقع وطموحات (العدد 59)
نشرة الصين بعيون عربية ـ محمود ريا
في غمرة التطورات التي تعيشها منطقتنا، ومنطقة شرق آسيا على السواء، قد يرى البعض في الحديث عن السياحة الصينية في منطقتنا ترفاً ليس في وقته، واهتماماً بمسائل لا تمثّل أولوية لكلا الأمتين العربية والصينية.
ولكن الواقع يقول غير ذلك، ويزيد أن موضوع السياحة الصينية في العالم العربي، والسياحة العربية في الصين هو موضوع حيوي وأساسي، لا بل هو أساس الدبلوماسية الشعبية التي ينبغي أن ترافق الدبلوماسية الرسمية القائمة بين دول أمتنا العربية وجمهورية الصين الشعبية.
فالسياحة هي تعرّف وتعارف، وهي التي تشكّل القاعدة التي تقوم عليها العلاقة بين الأمتين، وتفتح آفاقاً واسعة لخلق الأجواء الملائمة لارتباط مستدام وأبدي يقوم على التفهّم والتفاهم والتعارف ومن ثم التلاقي والارتباط والإعجاب والحب.
ومن أجل تحقيق هذا الارتباط ينبغي بذل كل الجهود الممكنة لتسهيل هذه السياحة وتعزيزها.
والفوائد التي يمكن تحقيقها من هذه السياحة متنوّعة وممتدة على أكثر من مجال، وليس المجال المعنوي إلا إحداها، فيما يبشّر الناتج الاقتصادي بالكثير من الحلول لأزمات كبيرة وخطيرة في عالمنا العربي.
الوضع الآن ليس جيداً، بالرغم من كل الأرقام المقبولة التي سجّلتها سياحة الصينيين في بعض الدول العربية، والإجراءات التي تتخذها بعض الدول الأخرى لفتح القنوات المقفلة في هذا المجال، أو لتوسيع ما تم فتحه من قنوات حتى الآن.
إن حصول الدول العربية على حصة مقبولة من كعكة السياحة الصينية في الخارج هو أمر مطلوب وضروري، وينبغي أن تكون هذه الحصة متناسبة مع الإمكانات السياحة المتاحة في عالمنا العربي. فنحن لدينا الأماكن التاريخية والسياحية المميزة، ولدينا المؤسسات المقبولة لإدارة عملية سياحية ناجحة، ولدينا عنصر بشري يملك القابلية للتطور بما يخدم هذه العملية.
كل ما ينقصنا هو بعض الإجراءات التي لا يمكن اعتبارها مستحيلة، وقبل ذلك الوعي الفعلي بأهمية تعزيز السياحة الصينية في عالمنا العربي، وهذا الأمر ليس صعباً، وإنما يتطلب إرادةً من المسؤولين وهمّةً من المعنيين وصبراً على بعض المتاعب لتجاوزها بما يؤدي إلى كسر السدود الحائلة دون تدفق ملايين السياح الصينيين إلى منطقتنا.
فهل تتحرك دولنا للقيام بهذه الإجراءات قبل فوات الأوان، وقبل ضياع الفرصة المتاحة لبناء الجسور الثقافية والحضارية والشعبية بين العرب والصين؟