الابتكار.. باب #إسرائيل إلى #الصين (العدد 61)
نشرة الصين بعيون عربية ـ محمود ريا
تركز القيادة الصينية على الابتكار كعامل محدّد لطريق التطور الاقتصادي والاجتماعي في الصين، ويركز القياديون على هذه المفردة في كل خطاب، لأن الصين تريد أن تخرج من عباءة كونها “مصنع العالم” ـ وغالباً ما توصف بمصنع البضائع التي تفتقد للمعايير العالية المستوى ـ لكي تصبح قاطرة الاقتصاد العالمي في مجال التطوير والتقدم، ولا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي والانترنت والتكنولوجيا العالية المستوى (high technology).
ومن اللحظة التي ظهر فيها هذا المصطلح في أدبيات القيادة الصينية كان لا بد من التوجس خيفةً، وعلى خطين:
من جهة، ليس لدينا نحن العرب ما نقدمه للصين في هذا المجال، فنحن أمة ملحقة تابعة تعيش على فتات التقدم التكنولوجي العالمي، ولا تسهم في هذا التقدم العلمي بأي نسبة. فلا السلاح المتطور من إنتاجنا، ولا مفردات الذكاء الاصطناعي تخرج من مصانعنا ومختبراتنا، ولا آخر المبتكرات هي من إبداع علمائنا وشركاتنا.
من جهة أخرى، وهنا الأخطر، فإن كل ما تقدم موجود عند عدو أمتنا التاريخي، إسرائيل.
من هنا كانت المعادلة واضحة: دول العالم التي تبحث عن الـ “هاي تكنولوجي” ستفتش عنها في كل مكان تجده فيها. وحين يكون هناك حظر من الدول المتقدمة على دولة تسعى للتقدم، فإن هذه الدولة سـ “تطلب المعلومة أينما تجدها”، والصين باحثة عن هذا التطور، وهو موجود عند إسرائيل.
هذا كله لا يبرر العلاقة المتنامية بين الصين وإسرائيل، ولا يعطيها في نظري أي مشروعية، وخصوصاً أنا الملتزم بالتعريف الصيني الثوروي لإسرائيل، والذي يصفها بأنها أداة للإمبريالية لتمزيق الشرق الأوسط والمنطقة العربية خاصة.
هذا الكلام هدفه توصيف الواقع وإيقاظ ما تبقى من بقية وعي لدى العرب: لقد خسرنا التعاطف الصيني المطلق معنا خلال عقود الثورة الصينية، ولدينا بضعة أوراق يمكننا أن نلعبها لكي نحافظ على “التوازن” الذي يحكم الموقف الصيني من العالم العربي وإسرائيل، وعلى رأسها موضوع الطاقة، والسوق الواسعة للاستهلاك والاستثمار، والعلاقات التاريخية والحضارية والثقافية التي لا حدود لها، فهل نلعب هذه الأوراق قبل أن يفوت الأوان، أم أننا سنقدّم لعدوّنا أصدقاءنا على طبق من ذهب الأوهام بسلام لا يبدو أنه سيأتي؟