يجب على #الولايات_المتحدة عقد محادثات مع #كوريا_الديمقراطية قبل فوات الأوان (العدد 64)
صحيفة تشاينا دايلي الصينية
18-4-2017
تشو بو
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”
أحد الردود المحتملة، وأقلها جاذبية، على التجارب النووية والصاروخية التي أجرتها جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (على الرغم من إخفاق تجربتها الأخيرة يوم الأحد) هو أن تقوم الولايات المتحدة بشن ضربة استباقية. بيد أنه ليس هناك ما يضمن أن تكون الضربة الأمريكية المفترضة دقيقة بما يكفي للقضاء على كافة المنشآت النووية لكوريا الديمقراطية قبل أن تطلق بيونج يانج هجوماً نووياً انتقامياً.
وإذا ما حدث ذلك، فان كوريا الديمقراطية لن تتردد في إطلاق صواريخها النووية، وفي استخدام الآلاف من مدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المنتشرة على امتداد طول خط العرض 38 ضد الجمهورية الكورية. ولن يتمكن أي نظام دفاعي، بما في ذلك نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (ثاد) من ردع هذا الكم من القذائف المدفعية. وقد تدمّر صواريخ بيونغ يانغ سيول وتضرب حتى اليابان.
منذ عام 2006، أصدرت الأمم المتحدة عدداً من القرارات التي تفرض عقوبات على جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية. وقد عرقلت العقوبات الأكثر صرامة اقتصاد كوريا الديمقراطية، لكنها فشلت في كبح برامجها النووية والصاروخية، وكشفت عن ثغرة جوهرية في أي عقوبات اقتصادية: ففي حين يُقصد من تلك العقوبات الإضرار بالرئيس أو الحزب الحاكم، فإنها دائما ما تؤدي عوضاً عن ذلك إلى إلحاق الضرر الأكبر بالمواطنين الأبرياء، بحيث يعاني الهدف الحقيقي من آثارها بشكل متأخر، اذا ما تسببت له بأي ضرر على الإطلاق.
إن المحادثات هي السبيل الوحيد لحل المشكلة. ولكن كيف يمكن إقناع الولايات المتحدة بإجراء محادثات مع كوريا الديمقراطية؟
يبدو أن إدارة ترامب، عقب إطلاقها 59 صاروخ توماهوك على سوريا في السادس من شهر نيسان/ أبريل، متلهفة لاستخدام القوة لإظهار عزمها السياسي. لا تريد الولايات المتحدة الظهور بمظهر المتعرض للابتزاز من قبل دولة وصفتها ب “المارقة”. ولهذا السبب رفضت واشنطن جميع المقترحات التي تقدمت بها بيونج يانج لإجراء محادثات ثنائية. وبالإضافة إلى ذلك، تعتقد الولايات المتحدة أن المحادثات السداسية كانت مفيدة فقط من حيث إعطاء كوريا الديمقراطية الوقت اللازم لتطوير أسلحتها النووية.
لكن الوقت قصير. وقد قال زعيم كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون في كلمة ألقاها بمناسبة عيد رأس السنة أن بلاده باتت قريبة من اختبار صاروخ عابر للقارات من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة ضمن مداها. وإذا كان بإمكان بيونغ يانغ، برغم العديد من الإخفاقات في اختبارات الصواريخ (على غرار الاختبار الأخير يوم الأحد)، وإن نظرياً، تطوير صواريخ متوسطة المدى، فإنه سيكون بإمكانها تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات يوماً ما. في الواقع، لقد استعرضت بيونج يانج صاروخين بحجم صواريخ باليستية عابرة للقارات للمرة الأولى في موكبها العسكري في 15 نيسان، في الذكرى ال 105 لميلاد مؤسس كوريا الديمقراطية كيم إيل سونغ.
ولكن لماذا قد ترغب كوريا الديمقراطية بتطوير أسلحة نووية؟ الجواب القصير هو: من أجل البقاء. فأسوأ مخاوفها هو ضربة استباقية من قبل الولايات المتحدة لإحداث تغيير في النظام. ومن دون خطر التعرض للهجوم، ليس هناك ما يدعو كوريا الديمقراطية إلى شن هجوم انتحاري ضد الجمهورية الكورية. تحاول بيونغ يانغ يائسة تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات لأنها تؤمن، مهما تكن مخطئة، أنها إذا امتلكت صواريخ تصل إلى الولايات المتحدة فإنها ستضمن بقاءها. ولذلك، إن الخطوة الأولى نحو نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية هي الحد من أهمية الأسلحة النووية لكوريا الديمقراطية. ولتحقيق ذلك، يتعين على الولايات المتحدة إقناع كيم جونغ أون بأنه ليس لديها خطط لشن ضربة على ـ أو تغيير نظام الحكم في ـ كوريا الديمقراطية.
في الواقع، لقد قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن إدارة ترامب ليس لديها خطط لتغيير نظام الحكم في بيونغ يانغ، ولكن يبدو أن نشر السفن الحربية الأمريكية في المنطقة يرسل إشارات معاكسة.
ولهذا السبب فإن الاقتراح الصيني بتعليق الأعمال العدائية يستحق الدراسة. لقد اقترحت بكين بأن تقوم كوريا الديمقراطية كخطوة أولى بتجميد برنامجها النووي في مقابل أن تقوم الولايات المتحدة بوقف مناوراتها العسكرية مع الجمهورية الكورية. والاقتراح متوازن في كونه لا يطلب أي امتياز لأي من الجانبين. ويحفظ ماء وجه كلا الجانبين لأنه شروطه متبادلة. وقبل كل شيء، إنه سيساعد على التخفيف من حدة التوتر في شبه الجزيرة.
إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على التوصل الى اتفاقيات مع كوبا وإيران، فلما لا يكون باستطاعتها فعل ذلك مع كوريا الديمقراطية؟ فالحوار، سواء كان رسمياً أم غير رسمي، وسواء كان ثنائياً بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية أو متعدد الأطراف بين جميع الأطراف المعنية، على النحو الذي اقترحته بكين، يبدو الخيار الأنسب أمام الولايات المتحدة عند مقارنته بالاحتمال الحزين المتمثّل بإمكانية امتلاك كوريا الديمقراطية صواريخ عابرة للقارات يمكنها أن تصل إلى الاراضي الأميركية.