#الاتحاد_الاقتصادي_الأوراسي و #مبادرة_الحزام_والطريق يسعيان إلى الازدهار عبر التكامل (العدد 67)
صحيفة تشاينا ديلي الصينية ـ افتتاحية الصحيفة
8- 5- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”
يتأثر استقرار المنطقة الأوراسية (الأوروبية الآسيوية) وأمنها بالتغيرات في الاتجاهات الدولية. سيما وأن مركز السياسة والاقتصاد العالميين قد تحول من أوروبا الغربية إلى آسيا والمحيط الهادئ. حيث باتت المؤسسات الغربية الرائدة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تفسح المجال تدريجياً لمؤسسات جديدة مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وفيما تتقلص أهمية الاتحاد الأوروبي فإن أهمية الإتحاد الإقتصادي الأوراسي في ازدياد. وسيعتمد أمن وازدهار روسيا والصين وآسيا الوسطى إلى حد كبير على الكيفية التي توفق فيها روسيا والصين ما بين مبادرة الحزام والطريق الصينية ومبادرة روسيا للاقتصاد الأوراسي. إن الحاجة إلى مثل التوفيق مدفوعة بتوسع الناتو والعقوبات الغربية على روسيا ومحاولات احتوائها. وهكذا، تدفع روسيا باتجاه الصين في الوقت الذي تقيد فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الشرقيون الصين، في محاولة للسيطرة على الأنشطة البحرية وإمدادات الطاقة في المحيط الهادئ. وتواصل الحكومة الأمريكية تعزيز دفاعاتها الصاروخية شمال شرق آسيا وترفض التخلي عن محاولتها لاحتواء الصين. إن الوضع الأمني معقد جراء النزاعات الإقليمية غير المستقرة جنوب شرق آسيا.
وتدفع الاتجاهات المذكورة أعلاه روسيا والصين نحو تعاون أوثق كما أنها تهيئ الظروف لإيجاد صلة وصل بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومبادرة الحزام والطريق. ولمبادرة الحزام والطريق آثار إقليمية وعالمية على حد سواء. فهي تضم 60 في المئة من سكان العالم الذين ينتجون 29 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ولذلك سيكون مفيداً بالنسبة لروسيا الانضمام إلى المبادرة. ومن ثم، إن الحاجة إلى توحيد الجهود وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون الصيني الروسي ضرورية.
يمكن أن تشكل مبادرة الحزام والطريق ومبادرة الاتحاد الإقتصادي الأوراسي الروسية أرضية صلبة لمثل هذا التعاون. ومع ذلك، هناك بعض المخاوف. فقد يفشل أي مشروع مشترك إذا أسيئت إدارته.
ووفقا لتقييمات بعض الخبراء، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لنتائج أي مشروع مشترك.
يقدم السيناريو الأول تصوراً يستولي فيه الجانب الصيني على التكامل الأوروبي الآسيوي بالكامل. ومثل هذا السيناريو سيؤدي إلى لعبة صفرية المحصلة وغير مرغوب بها كما أنها ستزعزع استقرار الوضع في المنطقة.
والثاني هو التنافس المتزايد بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والصين، الذي سيؤثر على التعاون المتبادل في المنطقة وخارجها في مجالات مختلفة بما في ذلك الأمن الدولي. ولن تستفيد روسيا ولا الصين من ذلك، على عكس الدول الغربية التي ستحاول تحقيق الاستفادة القصوى من هذا التطور.
والسيناريو الثالث هو الجمع بين المصالح الروسية والصينية وتعميق تعاونهما من خلال “تكامل التكامل”. وهذا النهج معقد جداً ويتطلب صبراً ومهارة. ويجب على كل من روسيا والصين أن تحاولا إيجاد سبل للتوفيق بين سياساتهما، حتى وإن كان ذلك يعني التكيّف مع الاختلافات المحتملة. وهناك تحدٍّ آخر يتمثل في تعديل مؤسسة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وفقاً لمشروع الحزام والطريق. وهذا مخطط فريد من نوعه يتطلب تنفيذه تدابير غير تقليدية. فالشركات الصينية تهتم بنقل المنتجات عالية التقنية بشكل سريع من الصين إلى أوروبا عبر الأراضى الروسية. وفي الوقت نفسه، قد يُتاح للشركات الروسية الوصول إلى الأسواق الصينية وبعض بلدان جنوب شرق آسيا. إلى جانب ذلك، يمكن إقامة مراكز لوجستية جديدة في روسيا. ولا ينبغي اعتبار مبادرة الحزام والطريق ومبادرة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بمثابة درع ضد الإتحاد الأوروبي. فجميع الأطراف المعنية ترغب في إقامة شراكات من خلال مشاريع أوروبية وأوراسية.
أولئك الذين يعتقدون أن هدف الصين هو دفع روسيا إلى خارج آسيا الوسطى قد أساءوا فهم النوايا الصينية. فالقادة الصينيون لا يريدون الإضرار بالمصالح الروسية، بل يهدفون إلى التوفيق بين مصالح البلدين. تحتاج الصين إلى روسيا قوية ومزدهرة حتى يتمكنا من العمل معا لموازنة الضغوط الخارجية. والشيء نفسه ينطبق على روسيا.
إن منهج “تكامل التكامل” هو الخيار الأنفع لجميع المشاركين في المشروع، وينبغي لجميع الأطراف المعنية العمل عليه. وحتى لو لم نتمكن في البداية من تحقيق الأهداف المرجوة، فإنه يجب علينا ألّا نستسلم. وكما يقول المثل، إذا لم تنجح في البداية، حاول ثم حاول مرة أخرى.