ندوة حول إعادة الإعمار في الشرق الأوسط بعد الحرب ضمن مبادرة الحزام والطريق
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
نظمت لجنة صندوق الطاقة الصينية (سي إي إف سي) ، وهي مؤسسة فكرية تتمتع بوضع مستشار خاص في الأمم المتحدة، ومقرها هونغ كونغ، بالاشتراك مع معهد أبحاث الأمن العالمي (آي إيه جي إس) وهي مؤسسة فكرية تتخذ من واشنطن مقرا لها، تُعنى بالطاقة والأمن، ندوة صباح الأربعاء في بكين تحت شعار مبادرة “إعادة إعمار الشرق الأوسط بعد الحرب” بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والدبلوماسية والفكرية والإعلامية .
وتهدف المبادرة المذكورة إلى البحث عن طرق لدمج جهود إعادة الإعمار في الشرق الأوسط من خلال مبادرة “الحزام والطريق” ومناقشة دور المجتمع الدولي وبنوك التنمية العالمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص في جهود إعادة الإعمار، إلى جانب تسليط الضوء على ضرورة التوصل إلى حلول سياسية واقتصادية للتحديات التي تواجهها المنطقة.
وقال الدكتور “باتريك هو” نائب رئيس والأمين العام للجنة صندوق الطاقة الصيني إن ما يشهده عالم اليوم من تغيرات دراماتيكية واضطرابات تعصف بمناطق كثيرة في العالم وبشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط ولاسيما تنامي ظاهرة انتشار الجماعات والتنظيمات الإرهابية ، فضلا عن التقلبات التي تشهدها الأوضاع العالمية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ، بات أمرا يوجب على الجميع التعاون بشكل فعال ومكثف لجعل العالم أكثر استقرار وأمنا بالنسبة لجميع الشعوب.
وأشار هو إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في العالم ككل وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. فبعد عشر سنوات من الجهود الدولية، وحسب أرقام صادرة عن قاعدة بيانات الإرهاب العالمي، ارتفع عدد أعضاء الجماعات الإرهابية بمعدل ثمانية أضعاف ، فيما ارتفعت أعداد الضحايا بأكثر من أربعة أضعاف، ليجد العالم نفسه واقعا فيما يشبه بمعضلة غريبة مفادها ” تزايد ضرب الإرهاب يؤدي لمزيد من الخوف والقتل”، لافتاً لضرورة الاهتمام بمعالجة جذور المشكلة من الأساس ، وعدم الاكتفاء بالتركيز على الأعراض فحسب.
وأكد هو أهمية مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، بما تحمله من مشاريع بنية تحتية متعددة الأطراف وما ستجلبه من فرص هائلة وضخمة للعمل، وتوليد المزيد من المبادرات التي من شأنها معالجة العديد من المشكلات التنموية لمختلف الدول، فضلا عما ستخلقه من ظروف الأمن والسلام والاستقرار على المدى الطويل وخاصة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
من جانبه نوه غاي لوفت المدير التنفيذي لمعهد أبحاث الأمن العالمي بنجاح منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي اختتم أعماله مؤخرا، لافتا إلى أن ما يشهده الشرق الأوسط من اضطرابات وعدم استقرار ولا سيما منذ العام 2001 في دول مثل ليبيا واليمن وسورية والعراق، إلى جانب المشاكل والتحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجهها دول أخرى في المنطقة، يفرض ضرورة التعامل مع كل بلد حسب طبيعته ودراسة أوضاعه بشكل عميق، لاستكشاف أفضل الطرق والمقترحات، قبل البدء بإعادة الإعمار ، وخاصة الدول النفطية التي غالبا ما تكون بحاجة لبذل جهود مضاعفة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية ، الأمر الذي يستدعي ضرورة التحرك وفقا لآلية سريعة وفعالة لإعادة الاستقرار والبدء بأعمال إعادة الإعمار .
وأكد غاي أهمية الدور الصيني المتنامي في العالم بشكل عام، وما يفرضه ذلك عليها من زيادة جهودها ومسؤولياتها والقيام ببعض التعديلات لأولوياتها ولا سيما فيما يتعلق بجهود إعمار الشرق الأوسط ، لافتا في الوقت نفسه إلى الفرصة المتاحة أمام الولايات المتحدة الأمريكية للعمل والتنسيق مع الصين في هذا الخصوص نظرا لإمكانيات التعاون الواسعة لاستكشاف آفاق أوسع من شأنها أن تساعد في ذات الوقت على حل الخلافات العالقة بينهما، وهي فرصة رائعة أيضا أمام مؤسسات البلدين للتعامل وتبادل الخبرات والتعاون مع مؤسسات ومنظمات “الحزام والطريق”.
من جهته قال أحمد تاشين أحمد بيرواري، السفير العراقي لدى بكين إن بلاده كانت ومنذ العصور القديمة جزءا أساسيا من طريق الحرير القديم، إلى جانب ما تتمتع به من أهمية جيوسياسية وتاريخية وموارد ضخمة مشيرا إلى أنه ومنذ العام 2015 وقع العراق مع الصين على مذكرة تفاهم لزيادة التعاون فيما يتعلق بمبادرة “الحزام والطريق” واستكشاف طرق جديدة لتنشيط التعاون في مختلف المجالات ولا سيما التجارة والطاقة.
وفي السياق ذاته قال زفي هيفيتس السفير الإسرائيلي لدى بكين إن إسرائيل ملتزمة بدعم مبادرة “الحزام والطريق” وإنها ستتعامل معها بطريقة مميزة نظرا لما تتمتع به من إمكانيات كبيرة ومجالات واسعة للتعاون، داعيا الشركات الصينية لزيادة حضورها في إسرائيل وتعزيز التعاون في مجالات البنى التحتية والتكنولوجيا وغيرها من المجالات الهامة لتنفيذ أهداف المبادرة بشكل فعال وإيجابي.
من جانبه أكد ليو باو لاي السفير الصيني السابق لدى الأردن والإمارات العربية المتحدة أهمية مبادرة “الحزام والطريق” والمنتدى الذي استضافته بكين مؤخرا حول التعاون الدولي ضمن المبادرة، حيث عززت الصين من فهم طبيعة وأهداف المبادرة “الواعدة” لدى الدول المشاركة والعالم بشكل عام، لافتا إلى العلاقات التاريخية القديمة بين الصين والشعوب العربية التي تتعزز أكثر فأكثر.
وأشار ليو إلى أهمية زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013 إلى كل من السعودية ومصر وإيران، وما أعقب ذلك من توقيع على العديد من اتفاقيات التعاون التي من شأنها أن تزداد أهمية مستقبلا في ظل مبادرة “الحزام والطريق” لجهة إيجاد الأسواق وتطوير التجارة والاستفادة من خبرات وإمكانيات الصين وما تملكه من تكنولوجيات وتجارب متطورة من شأنها العودة بمزيد من الفائدة المشتركة على الجانبين.
وبدوره أشار دنغ شاو تشين السفير الصيني السابق لدى سلطنة عمان والسودان إلى أهمية تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية ولا سيما دول الشرق الأوسط ضمن إطار مبادرة “الحزام والطريق”، منوها بأهمية منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي اختتم مؤخرا، حيث عزز من فهم دول العالم لطبيعة المبادرة من جميع النواحي.
وقال يانغ هونغ لين السفير الصيني السابق لدى السعودية إن الصين تعمل بجد والتزام على تنمية وتطوير المبادرة بشكل أكبر وأكثر فعالية، مؤكدا أن المبادرة ليست حلما صينيا فحسب، وإنما حلم لشعوب العالم بأسره، ما يستوجب ضرورة دعم جهود جميع الأطراف المعنية لتجسيد أهداف المبادرة على أرض الواقع لخدمة الجميع.
وفي ردودهم على أسئلة مراسلي وكالة أنباء شينخوا المشاركين في الندوة، حول الهدف من الندوة، حيث يبدو الحديث عن إعادة إعمار الشرق الأوسط “مبكرا” ولا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات وآفاق قاتمة، وعما إذا كانت الندوة تعتبر إشارة لبوادر إيجابية لمستقبل الشرق الأوسط ، قال غاي إن المؤسستين المنظمتين للندوة لا تملكان قدرة التأثير على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط، إلا أن من الأهمية بمكان تبادل الآراء بشكل موسع ومحاولة تقديم المقترحات لبناء الأرضيات المناسبة والملائمة لطبيعة الوضع في مختلف بلدان الشرق الأوسط قبل البدء بأعمال إعادة الإعمار ، ولذلك فإن من المهم والمفيد دراسة الآراء والتجارب المختلفة للوصول إلى فهم أفضل وحلول أنسب تراعي مقتضيات الأوضاع في المنطقة، فيما أشار الدكتور “هو” إلى أهمية كلام الرئيس شي بهذا الخصوص وتركيزه على ضرورة أن يكون “الحزام والطريق” طريقا للسلام .
وفي رد على سؤال آخر عن الحضور الصيني والأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ، أكد “هو” أن البلدين لا يتصارعان على المنطقة كما تحاول بعض وسائل الإعلام تسويقه، وأن التعاون والعمل معا من شأنه إرساء السلام والأمن في العالم بأسره، وليس في منطقة الشرق الأوسط فقط ، ولذلك فإن من الضروري إرساء السلام والأمن في المنطقة، لأن ربط آسيا بأوروبا مثلا لا يمكن أن يتم بنجاح دون شرق أوسط صحي وآمن ومستقر.