شهر رمضان.. يتألّق في الصين

 
موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:
يتميّز شهر رمضان المُبارك بنكهة خاصة في الصين عامةً، وليس فقط في المناطق ذات الأغلبية أو الكثافة السكانية للمسلمين. فهناك في مختلف بقاع الصين يُمارِس المسلمون صيامهم وعباداتهم وتقاليدهم بحرية وتواصل مع المسلمين في مختلف البلدان، وتقوم (الجمعية الاسلامية الصينية)، وهي شهيرة خارج الصين، وكانت تأسست مع تأسيس جمهورية الصين الشعبية برغبة من الحكومة الصينية، بتنظيم التواصل بين مسلمي الصين وأخوتهم في الدين في مختلف الدول، وتأكيد علاقتهم الوثيقة من خلال الانشطة المختلفة ووحدة التعاليم، واحترام خصوصية مختلف الاطراف في كل مجال وحقل.
تقاليد وعادات المسلمين في الصين مُتقاربة، بغض النظر عن إنتمائهم القومي ومواقع سُكناهم الجغرافية، ذلك أن صلواتهم واحدة، وتطلعاتهم كذلك، ومساجدهم الجميلة متقاربة بزينتها بحُلىً بهيّة، كما وتتميز غالبيتها بأنها فسيحة جداً، وذات جمالية تميزها عن المساجد الاخرى، وغالباً ما يكون كل مسجد منها مُلحق بمدرسة تدريس اللغة العربية أو أصول الدين للذكور أو الإناث، أو لتعليم علوم ما غيرها ومهن مُحدّدة، وأماكن ثالثة لقضاء الوقت واللقاءات وتدارس الإحوال فيما بينهم. أي أن للمسلمين والمسلمات هناك في الصين الكبيرة، يتوافر المكان والزمان والموضوع الذي يُثير اهتمامهم للإنشغال به وإفادة أنفسهم والآخرين.
لا أريد أن أدخل هنا في لغة الأرقام الجامدة حول عدد المسلمين الصينيين، لكن ما يهمني هنا، أن أهميتهم ووضعهم وأنشطتهم الدينية والمهنية وغيرها من الأنشطة في المجتمع الصيني المتآخي برمته، ومنذ بداية عهدهم في الصين، يَفوق عددهم أضعافاً مضاعفة. فالحكومة الصينية توليهم إهتمامها الجاد وتلبية مطالبهم بما يَخص على سبيل المِثال المساجد وإصلاحها وتهيئتها، فهي تاريخية وتحرص الدولة على ترميمها لتبقى في هيئتها الاولى التي بُنيت عليها. والامر كذلك بالنسبة لأزيائهم القومية والشعبية التي يرتدونها في الأعياد وخلال حياتهم اليومية، فهي ملتزمة بالشريعة، وتباع في مختلف المتاجر بحرية ومتاحة للجميع.
والمُلاحظ أن المسلمين من مختلف القوميات، وقومية “هان” الرئيسية بالصين، متفاهمون ومتناغمون في شتى المسائل، فهم يتبادلون الهدايا والتكريم في أعيادهم المختلفة، ويُقدّمون كذلك الأطعمة التي تتميز بها كل مجموعة منهم للمجموعة الاخرى، وبذلك يؤكدون على وحدة الشعب الصيني بمختلف أعراقه وطوائفه وقومياته، ويعطون أمثلة رائعة للعالم غير الصيني في كل جانب من جوانب حياتهم ووجودهم الفاعل.
إضافة الى ذلك، فإن احتفالات المسلمين برمضان تغدو ذات أهمية خاصة في أروقة المساجد، وفي حلقات العائلات ذات الأصل الواحد، أو في تلك الجماعية، والتي تُكرّم كِبار السن والنساء وهي محل تقاطع عميق ما بين المسلمين وغيرهم في الصين، وتحرص هذه العائلات على تقديم أمثلة إنسانية للأطفال واليافعين والأجيال الطالعة، ليكونوا مُنتمين لوطنهم ككل مسلم حقيقي آخر ينتمي لوطنه المحلي، وللانسانية بكونيتها الواسعة، والتي خلقها الله شعوباً وقبائل لتتعارف وتتصاهر، فتكون البشرية وحدة واحدة في سلام ووئام ومحبة دائمة.
…
*مسؤول ديوان متابعة الاعلام الصيني والإسلام والمسلمين بالصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.