#الصين كما رأيتها.. من الأب إلى الابن (العدد 70)
يوميا رحلة إلى الصين (5)
علي مهدي محمود ريا
لا تتم زيارتك إلى بكين دون زيارة المدينة المحرمة وساحة تيان آن مِن (ميدان السماء) المتقابليتن.
تتألف المدينة المحرمة من حوالي 800 مبنى وحوالي 8700 غرفة ويحيط بها سور يبلغ ارتفاعه 10 أمتار، ويوجد خارج هذا السور نهر اصطناعي يبلغ عرضه 52 م ويسمى “نهر هو تشنغ” أي نهر الدفاع عن المدينة، في الجهة المقابلة للمدينة توجد ساحة “تيان آن من” والتي كانت مكاناً مخصصا للمناسبات الرسمية باعتبارها جزءاً من المدينة الامبراطورية.
القصر الأمبراطوري هو مقر إقامة الأباطرة من أسرتي “مينغ” ثم “تشينغ”. ويشتهر بـ”المدينة المحرمة”. استغرق تشييده 14 سنة (1406-1420 م) ويضم حوالي مليون قطعة من التحف الفنية النادرة. وهو اليوم متحف شامل يجمع بين الفنون المعمارية القديمة والآثار الإمبراطورية والفنون القديمة المختلفة.
يوم السابع والعشرين من نيسان أبريل عدنا إلى بكين، بعد أن أنهينا زيارتنا إلى مقاطعة نينغشيا، وفي صباح اليوم التالي ألقى علينا أحد المحاضرين محاضرة بعنوان “مبادرة الحزام الواحد والطريق الواحد”، شرح لنا فيها أسس المبادرة وطرق التعاون على طول الحـزام والطريــق، إضافــة إلى عمل الصين على مبدأ الفوز المشترك لجميع الدول المشاركة في هذه المبادرة، والاستثمارات الضخمة التي أطلقتها الصين في هذا الإطار.
بعدها، كان حفل الوداع، تجمع المشاركون جميعاً في قاعة المحاضرات حيث ألقى رئيس مركز التعليم التابع لإدارة الفضاء الإلكتروني الصينية كلمة الوداع، وشكر جميع المشاركين في الدورة، ومن ثم قام ممثل عن كل دولة بإلقاء كلمة حول الدورة وحول النشاطات التي قمنا بها كذلك حول مبادرة الحزام والطريق والجهود الكبيرة التي تبذلها الصين في سبيل إنجاحها، بعدها تحدث كل مشارك في الدورة حول مشاعره في هذه الدورة والأشياء التي تعلمها خلالها، ليقوم بعدها رئيس المركز بتوزيع شهادات مشاركة لجميع المشاركين في الدورة، ثم أخذنا جميعاً صوراً تذكارية.
ليلاً، قررنا الإستفادة من الوقت المتبقي لنا في بكين. خرجت مع مجموعة من الأصدقاء إلى شوارع بكين، تنقلنا مشياً على الأقدام في محاولة منا لمشاهدة كل ما نستطيع مشاهدته والتعرف على هذه المدينة الرائعة ليلاً: حفلات موسيقى تقليدية في الشوارع، الأضواء في كل مكان، المناظر الخضراء ونوافير المياه تملأ الأرصفة. بكين رائعة جداً.
في آخر أيامنا في بكين، ذهبنا لزيارة المدينة المحرمة وساحة تيان آن من، ركبنا مترو الأنفاق، وأنتقلنا إلى المحطة المجاورة مباشرة للساحة، انتقلنا بعدها في رحلة في الأسواق الشعبية المحيطة بالمدينة، والشوارع التراثية القديمة، دخلنا بعدها الحديقة الأمبراطورية، وهي مجموعة من الحدائق الكبيرة التي تحيط بالقصر الإمبراطوري. المكان مميز في الداخل، لن تملّ من المشي في هذه الحدائق أبداً. زرنا بعدها القصر الإمبراطوري بغرفه التي لا تنتهي، ومن ثم انتقلنا إلى الخارج لزيارة ميدان تيان آن من، خارج جدران القصر تقف صورة ضخمة للزعيم ماوتسي تونغ تحيطها عن اليمين والشمال مجموعة كبيرة من الأعلام الصينية، في الجهة الأخرى من الطريق ميدان السماء أو ساحة تيان آن مين، وعدد كبير من الأبنية الضخمة المحيطة بالميدان كمبنى متحف الصين الوطني ومبنى قاعة الشعب الكبرى، وعدد من التماثيل المنتصبة داخل الساحة.
ومن ثم، عدنا إلى الفندق للاستراحة، وبدأنا بتجهيز أغراضنا للعودة إلى بلداننا، تجهيز الحقائب، توضيب الهدايا، التأكد من أن كل الأمور موجودة، ومن ثم توديع الأصدقاء.
في هذه الرحلة كان لنا شرف اللقاء بمجموعة كبيرة من الأصدقاء الإعلاميين على طول الحزام والطريق، من الدول العربية وغير العربية، تعرفنا إليهم، بنينا علاقة صداقة، لا بل علاقة أخوة بيننا، وكان الوداع. غادرنا الفندق على دفعات كل دولة بحسب موعد طائرتها، كانت لحظات مليئة بالحزن أننا سنترك الأصدقاء الذين تعرفنا عليهم، وكان كل الأمل باللقاء مرة أخرى في القادم من الأيام.
أما بالنسبة إلى وداع الصين، فأنا أعتقد أن هذا ليس وداعاً، بل هو دعوة إلى اللقاء مرة أخرى في المستقبل القريب إن شاء الله.