#هونغ_كونع.. 20 عاماً في أحضان الوطن الأم (العدد 75)
صالح عيدروس علي*
*كاتب يمني متخصص بالقضايا الصينية، وممثل رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين في اليمن، ورئيس فرع الاتحاد الدولي باليمن، ورئيس منتدى قراء مجلة الصين اليوم باليمن، ورئيس نادي مستمعي القسم العربي لاذاعة الصين الدوليةCRI باليمن، ورئيس نادي مشاهدي الفضائية الصينيةCCTV العربية باليمن.
في بداية القرن التاسع عشر انحطت أسرة تشينغ، وفي هذه الفترة تبنّت بريطانيا سياسة إغراق الصين بالأفيون، حيث كانت شركة الهند الشرقية البريطانيه تقوم بتهريب الأفيون من الهند إلى الصين. وبسبب حجم الكارثة التي لحقت بالصين، حظرت الصين هذه التجارة في عام 1838م، وإتلاف طرود الأفيون في إحتفال شعبي مع إغلاق متاجر الأفيون وتدمير مخازنه. واعتبرت هذه الخطوة حقاً سيادياً وطبيعياً ومشروعاً من جانب دولة دمرتها هذه المادة السامة.
إلا إن ذلك الحظر لم يرُق للحكومة البريطانية، مما حدا بها إلى شن حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، وهزمت الصين برغم المقاومة البطولية التي أبداها أبناء الشعب الصيني ضد هذا العدوان البريطاني، وأرغمت حكومة تشينغ على الإستسلام دون قيد أو شرط، وعلى توقيع إتفاقية نانكينج التي سلبت الصين جانباً كبير من سيادتها وألحقت بها ضرراً شديداً. فبمقتضى هذه المعاهده فتحت الصين موانئ كانتون وشنغهاي وأوموي وفوتشاو ولنجو أمام التجارة البريطانية، وتنازلت الصين عن جزيرة هونغ كونغ لبريطانيا. بعدها أمتد النفوذ البريطاني ليشمل شبه جزيرة كولون والجزر الصغيرة المطلة على حوض الميناء الطبيعي لهونغ كونغ، وأكتملت لها الحدود الجديدة للجزيرة بضم كولون و 235 جزيرة صغيرة إليها، ثم أستأجرت بريطانيا هذا كله “تحت إسم مستعمرة هونغ كونغ” من الصين، بعقد مدته 99 سن’، تبدأ من عام 1898 ، وتنتهي في 30 حزبران/ يونيو 1997.
استولى اليابانيون على جزيرة هونغ كونغ في كانون الأول/ ديسمبر 1941واستعادتها بريطانيا منهم بعد الحرب العالمية الثانية.
تقع هونغ كونغ على الجانب الشرقي لمصب نهر اللؤلؤ في جنوب الصين، وهي كثيرة السكان، ومساحتها ضيقة ومواردها محدودة، وتعتمد على استيراد الوقود والمواد الخام الصناعية والاطعمة وحتى مياه الشفة لسكانها، إلا انها تحتل مكانة هامة في اقتصاد العالم، والتجارة والشؤون المصرفية والسياحة والصناعة الانتاجية من أعمالها الرئيسية. معظم منتجاتها تصدر إلى الخارج، كما إن هونغ كونغ مركز مالي عالمي وميناء تجاري يعبر جزء كبير من التجارة الخارجية للمناطق الداخلية الصينية من خلاله.
في عام 1982 ، قامت مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك بزيارة الى بكين، ناقشت خلالها مع القيادة الصينية مستقبل هونغ كونغ بعد 1997، وكان هدفها الاصلي أن تبحث استمرار الحكم البريطاني بعض الوقت، ولكن الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ مهندس سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية، طرح اقتراحه: “دولة واحدة ونظامان”، ووعد بأن الصين الاشتراكية ستحافظ على نظام هونغ كونغ الرأسمالي وأسلوب حياتها، بإعتبارها “منطقة ادارة خاصة وذلــك لمدة خمسين عاماً”.
وأصبحت هذه الصيغة ضمن “الإعلان المشترك والقانون الاساسي “وهما الاتفاقيتان الرئيسيتان بين الصين وبريطانيا في شأن مستقبل هونغ كونغ وعودتها الى الوطن الأم.
في أول تموزز/ يوليو 1997 غادر كريس باتن آخر حاكم بريطاني لهونغ كونغ، وقام ولي العهد البريطاني الامير تشارلز بتسلم علم بلاده ملفوفاً والرئيس الصيني جيانغ تسه مين يرفع علم بلاده، وتم تنصيب سي اتش تونج كأول رئيس تنفيذي مسؤول عن منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وفي هذا اليوم طويت صفحة مأساوية من صفحات الاحتلال البريطاني دامت 156 عاما، وبهذا أصبحت هونغ كونغ أول منطقة ادارية خاصة لجمهورية الصين الشعبية.
وصف الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم 26 حزيران/ يونيو مبدأ “دولة واحدة ونظامان” بأنه أفضل ترتيب مؤسسي يحقق رخاء هونغ كونغ واستقرارها.
في خضم زيارة الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إلى معرض في المتحف الوطني في بكين، يبين الإنجازات التي تم تحقيقها في هونغ كونغ منذ عودتها إلى الوطن الأم في عام 1997. قال الرئيس شي جينبينغ، إنه خلال الأعوام العشرين الماضية أثبت مبدأ “دولة واحدة ونظامان” أنه لا يمثل فقط أفضل الحلول التاريخية لقضية هونغ كونغ ، لكنه يمثل أيضاَ أفضل ترتيب مؤسسي لرخاء هونغ كونغ واستقرارها على الأجل الطويل منذ عودتها.
وأضاف شي: “سوف نواصل بشكل شامل ودقيق تنفيذ مبدأ “دولة واحدة ونظامان” ونعالج القضايا بما يتماشى مع الدستور والقانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ونعزز التنمية الشاملة لهونغ كونغ “. وأعرب شي عن أمله في أن ينضم أبناء الوطن من هونغ كونغ إلى بقية الشعب الصيني في تعزيز مبدأ “دولة واحدة ونظامان” في هونغ كونغ ، وفي النضال للحفاظ على رخاء المنطقة واستقرارها، بما يجعل المستقبل أكثر جمالا.
وأظهر العرض الذي حمل اسم ” الدوائر متحدة المركز” أن أبناء الوطن من هونغ كونغ وجميع أبناء الشعب الصيني ، لديهم قلب واحد ، ويساهمون معاً في تحقيق التنمية للشعب.
أما كبير المشرعين تشانغ ده جيانغ، فقال إن التطبيق الحازم لمبدأ “دولة واحدة ونظامين” والقانون الأساسي قد حافظ بشكل فعّال على الرخاء والاستقرار في هونغ كونغ ، خلال الـ20 عاما الماضية. وأضاف تشانغ أن تطبيق مبدأ “دولة واحدة ونظامين” والقانون الأساسي ساعد أيضاً على حماية سيادة وأمن وتنمية الصين.
أدلى تشانغ، رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وعضو اللجنة الدائمة بالمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بهذه التصريحات خلال اجتماعه مع ليونغ تشون- يينغ الرئيس التنفيذي (السابق) لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ولام تشنغ يوت- نغور التي تولت منصب الرئيسة التنفيذية الجديدة في الأول من تموز/ يوليو. ودعا تشانغ حكومة ومجتمع منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة إلى الاستمرار في الإسهام في مستقبل هونغ كونغ الساطع وتحقيق الحلم الصيني في إعادة التجديد الوطني .
وقبيل حضور تشانغ للحفل الافتتاحي لمعرض في المتحف الوطني في بكين للاطلاع على الانجازات التي تم تحقيقها في هونغ كونغ منذ عودتها إلى حضن الصين الأم في عام 1997، رأى إن السلطات المركزية اعترفت بشكل كامل بعمل حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة تحت إدارة ليونغ، خلال االأعوام لخمسة السابقة، وبأن ذلك سيعمل على استمرار تحقيق تقدم في ظل الإدارة الجديدة. بينما وصف عضو مجلس الدولة يانغ جيه تشي الإنجازات التي حققتها هونغ كونغ خلال الـ 20 عاما الماضية بأنها “بارزة”، وعزا تحقيقها إلى سياسة “دولة واحدة ونظامين” والجهود التي بذلها أبناء هونغ كونغ، مشيراً في الحفل الافتتاحي إلى أن الرخاء والاستقرار اللذين حققتهما هونغ كونغ أثبتا أن سياسة “دولة واحدة ونظامين” هي الأفضل لهونغ كونغ، التي ستستمر في القيام بدور كامل من أجل الحصول على منافع فريدة من هذه السياسة والسعي لتحقيق التجديد الوطني وبناء هونغ كونغ أفضل.
…
نتمنى لهونغ كونغ كل تقدم ونجاجات مستمرة في ظل وحدة الدولة الصينية وتمثيلها لتراب الصين كله، من أجل ازدهار أمثل وبروز في آسيا والعالم على نحو يؤكد سلمية الاقتراحات الصينية على مثال هونغ كونغ، فالسياسة الصينية واحدة لا تتغير إذ تستند اإلى مبادئ واضحة ومنهج ثبت لا يتغير.