الصين تستخدم قمرا صناعيا كموميا لنقل البيانات
قامت الصين، وفي خطوة كبرى نحو بناء شبكة اتصالات عالمية، بارسال رمز غير قابل للقرصنة من القمر الصناعي الكمومي إلى الأرض، مما يشير إلى تحقيق تكنولوجيا التوزيع الرئيسية الكمومية لما هو مطلوب منها لأول مرة، وتحاول الصين أن تكون الأولى عالميًا فيما يخص وضع حجر الأساس للجيل القادم من تقنيات التشفير بالاعتماد على ما يسمى “التشفير الكمومي”.
وتمكن الباحثون الصينيون العاملون في مشروع التجارب الكمومية في مقياس الفضاء QUESS من نقل رسالة سرية من الفضاء إلى الأرض عبر مسافة أبعد من أي وقت مضى، وذلك باستعمال القمر الصناعي الكمومي الذي أطلقته إلى الفضاء بتاريخ 16 أغسطس/آب الماضي ويحمل اسم Micius، في خطوة أطلق عليها البنتاغون “تقدماً ملحوظاً”.
ويجري استعمال تكنولوجيا التوزيع الرئيسية الكمومية في الاتصالات الكمومية لجعل عملية التنصت مستحيلة وضمان أمن الاتصالات بشكل كامل، وقد أثبتت الصين ذلك للعالم عن طريق إرسال بيانات لمسافات طويلة باستعمال أقمار صناعية يحتمل أن تكون غير قابلة للاختراق، وتسمى هذه التقنية بتكنولوجيا التوزيع الرئيسية الكمومية (QKD)، ويعتمد التشفير النموذجي على الرياضيات التقليدية.
ويمكن لهذا الأمر في الوقت الراهن أن يكون أقل أو أكثر مناسبة وأمن عندما يتعلق الأمر بالقرصنة، في حين أن تطوير تقنيات الحوسبة الكمومية يهدد ذلك، حيث تشير الحوسبة الكمومية إلى حقبة جديدة من أجهزة الحواسيب الأسرع والأقوى، وتذهب النظرية إلى أنها ستكون قادرة على كسر المستويات الحالية للتشفير، وهو السبب الذي يدفع الصين إلى التطلع لاستعمال التشفير الكمومي ضمن تقنيات التشفير الحالية.
وتستند تكنولوجيا التوزيع الرئيسية الكمومية في عملها لنقل البيانات على الجسيمات الكمومية المتشابكة مثل الفوتونات، وهي الجسيمات التي تنقل الضوء، ووصفت وكالة الانباء الصينية شينخوا هذا التشفير بانه “غير قابل للكسر”، ويعود ذلك بشكل أساسي الى طريقة نقل البيانات عن طريق الفوتون، والذي لا يمكن نسخه على نحو كامل، وأي محاولة لقياسه سوف تشتته، وهذا يعني أن الشخص الذي يحاول اعتراض البيانات سوف يترك أثراً.
وقال الباحثون في ورقة نشرتها مجلة “Nature” يوم الأربعاء إن تكنولوجيا التوزيع الرئيسية الكمومية تسمح لمستخدمين بعيدين، الذين لا يشاركون مفتاح سري طويل في البداية، بإنتاج سلسلة عشوائية مشتركة من البتات السرية، تسمى المفتاح السري، وباستعمال لوحة التشفير لمرة واحدة يؤكد أن هذا المفتاح آمن لتشفير وفك تشفير الرسائل، والتي يمكن بعد ذلك أن تنتقل عبر قناة اتصال قياسية.
وأشار الباحثون إلى أن أي متنصت على القناة الكمومية يحاول الحصول على معلومات عن المفتاح سيؤدي حتماً إلى إزعاج وتشتت النظام، ويمكن الكشف عنه من قبل المستخدمين المتصلين، وقد تكون الآثار كبيرة بالنسبة للأمن السيبراني، مما يجعل الشركات أكثر أمناً، ولكنه يجعل من الصعب على الحكومات اختراق الاتصالات.
وبحسب المعلومات فقد تمكنت الصين من ارسال البيانات بنجاح على مسافة 1200 كيلومتر من الفضاء إلى الأرض، مما يعني أنها أكبر بحوالي 20 ضعفاً فيما يخص الكفاءة المتوقعة باستعمال الألياف الضوئية لنفس الطول، كما انها أبعد من الحدود الحالية ببضع مئات من الكليومترات، وعلى سبيل المثال يمكن من خلال ذلك تلبية طلب اجراء مكالمة هاتفية آمنة بشكل مطلق أو نقل كمية كبيرة من البيانات المصرفية.
وعملت الحكومة الصينية على جعل تنمية قطاع الفضاء أولوية رئيسية بالنسبة لها، وعلى سبيل المثال فقد وضعت الحكومة خطة للوصول إلى المريخ بحلول عام 2020، وأن تصبح قوة فضائية رئيسية بحلول عام 2030، وتمتلك أيضاً طموحات عالمية فيما يخص تقنية التوزيع الرئيسية الكمومية.
وترى الصين أن نظامها للأقمار الصناعية يتفاعل مع الشبكات الأرضية المعتمدة على هذه التقنية من أجل إنشاء شبكة عالمية آمنة، بحيث يمكن تصور شبكة كمومية أرضية متكاملة، الامر الذي يتيح للتشفير الكمومي أن يكون مفيد على النطاق العالمي.