“الشّعبِي الصّيِني” ومُهَمّاتِه الوَطنيّة والأُممية (العدد 78)
نشرة الصين بعيون عربية ـ الأكاديمي مروان سوداح*
الاحتفاء بالعيد التسعين لتأسيس الجيش الشعبي الصيني يَكتسب طابعاً وطنياً وعالمياً حقيقياً، فلهذا العيد – الذكرى ألقٌ خاص لتاريخه المجيد ورسالته الأُممية – الكونية لكل الشعوب.
إنه الجيش المَبدئي المِغوار الذي بتحريره للوطن الصيني وكَنسه الإحلاليين والمُستوطنين الأجانب واستئصال أَروُمَتَهَم ببنادق مقاتِليه وإراداتهم الموحَّدة التي تكتّلت لتغدو قوة ضاربة، مَارَسَ تأثيراً مُباشِراً وحَاسماً على عملية تحرير آسيا مِن جَحافل شتى الاستعماريين، فأوقف بالتالي امتدادهم إلى مختلف بقاع العالم وشلَّ تطلعاتهم التوسعية.
في البداية كان الزعيم العظيم “ماوتسي تونغ” الذي صَاَغ فكرةً طليعية وتحررية واستقلالية. ثم كان شروعه بتفعيلها على الأرض الصينية المُعذّبة، إذ أصرّ على اجتياز الألف ميل الأولى سويا ًمع كَوكبة صغيرة من رفاقه الأشدّاء. وفي سياقات هذه الحِراكية الشاملة، نجح بتثوير الشعب وتخليق نواة ثورية استند إليها لتأسيس المقاومة الشعبية في حزب طليعي، ثم ما لبث مع مرور الأيام والسنين أن أصبح الحزب الأكبر والأمتن على وجه البسيطة.
أما الجيش الذي انبثق عنه فقد صَاَرَ هو الآخر الأكبر عَدداً في الكون، والأكثر ضبطاً وربطاً وحملاً للمَحَامِل الأثقل، ليَحمي دولة فتية غدت كُبرى بامتياز، لكنها لم تتراجع عن فخار انتمائها للعالم النامي والدول الثالثية، فشكراً لكَ “ماو” ولكَ “شي” للعناية بهذا الجيش الجبّار، والشكر موصول لكل الزعماء الصينيين الأفذاذ منذ لحظة التحرير والاستقلال والحرية الناجزة.
الجيش الصيني لم يتوقّف عن الدفاع عن الوطن وبيته الآسيوي من خلال تحرير تراب الصين. فكل المحطات النضالية الحربية لهذا الجيش العقائدي، طوّرتهُ وشكّلت صَقلاً حقيقياً ومتواصلاً لقِواه وتذخيراً لم يتوقف لحظةً لمقاتليه الأشاوس. في تلك الأوقات العصيبة والتاريخية التي كُتب فيها التاريخ الجديد والمستقل للصين والشعب الصيني، تداخلت المَهام الوطنية بالأممية للحزب والجيش والشعب، وتمتّنت كوادر هاتين المؤسـستين العَميقتين وصفوفهما في معارك التحرير ومؤازرة الحُلفاء السوفييت (ستالين) والكوريين (ماوتسي تونغ) وفلسطين وحقوق العرب التحررية والوطنية، حين أفصح الزعيم الخالد “ماو” لبعض قادة العرب، عن رغبته بتحرير فلسطين بملايين من المقاتلين الصينيين، في استنساخ منه لانتصار الصين على العسكرتاريتين اليابانية والأمريكية في “الحرب الكورية”. فمنذ اللحظة الاولى لانتصارات الصين وحُلفاء الصين في آسيا، تتالت نجاحات الجيش عاملةً على تغيير مَعالم العَالم وهذه القارة، ولاح أمل في نصر شامل لكل الأُمم.
وعود على بدء، فقد لاحظنا كيف أن القيادات السياسية والعسكرية الصينية، بقيت وفيّة لرسالة الآباء والأجداد في الحِفاظ على المبادئ والعقيدة والوطن، ذلك أنها تكفل استقلالية وحرية الصين وشعب الصين. ففي كتاب صَدَرَ مؤخراً في بيجينغ، نطالع الكثير من التصريحات المُختارة للرفيق الرئيس شي جين بينغ، وتتناول قضايا الدفاع الوطني وبناء جيش قوي وتعزيز مكانة البلاد عسكرياً، والدعوة للزوم ترسيخ الأساس الأيديولوجي والسياسي الأمثل في أذهان الضباط والجنود وسلوكياتهم، ليكون كل واحدٍ منهم مُخلصاً تماماً لجوهر القضية الوطنية المقدّسة ولمؤسستي الحزب والدولة وقيادتيهما، وليستشعروا في أنفسهم ويُدركوا عقلياً مكانتهم المتميّزة والطليعية في العملية الوطنية – العسكرية والسياسية والأيديولوجية لحماية البلاد.
وفي هذه الأثناء، تستمر قيادة الجيش الشعبي الصيني في المراقبة عن كثب للتغيّرات السياسية والعسكرية على الصعيد المحلي والبُعدين الآسيوي والعالمي، وتواصِل الالتزام بعملية رفع مستوى الوعي في إدراك أبْعَاد الأزمات الإقليمية والدولية المتلاحقة، ومنها القضيتين السورية والفلسطينية، إضافة للعراقية، وطبيعة ارتباطها بكل ما تقدّم وبمبادرة الحزام والطريق الشهيرة، والتوترات في إقليم شرق آسيا والمحيط المجاور، والمهام المُلقاة على عاتق المؤسـسات الصينية ذات العلاقة بهذه الامور.
زد على ذلك، العمل على توفير الأُسـس والإمكانيات المختلفة للوفاء بالمهام الخاصة بالقرن ال21 الذي يَشهد تكالب القوى الاستعمارية ونظامها، بسبب بداية ضعفها وتحلّلها، ويتقاطع هذا مع مهام توفير دعم أمني عالٍ وقوي للمؤسسات الصينية العميقة بهدف بناء مجتمع صيني متناغم ومزدهر، يُوفّر أسساً أمتن لتطبيق المهام القتالية والعسكرية – السياسية التي تجعل القوات المسلحة الصينية مُستعدةً للقتال في أية لحظة.
*رئيس الإتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصّين.
*المَقال خاص بالنشرة الاسبوعية لموقع الصين بعيون عربية.