“نانجينغ” بِقلمِ صِينيٍّ يَقطر حَسرةً وبكاءً وألماً
موقع الصين بعيون عربية ـ
أبو موسى وانج هونجوا*:
تكون عاطفتى ويكون قلبى مضطربين ومرتبكين للغاية كل سنة، وبالتحديد إبتداءً من أوائل ديسمبر، إذ أنه قبل ٨٠ عاماً، في يوم ١٣ من هذا الشهر بالضبط، لعام ١٩٣٧، تعرّض أجدادنا الأحباء وآبائنا المُكرّمين، وأمهاتنا العظيمات، وأطفالنا أروحنا، الى ذبح بالسكاكين والحِراب العسكرية، إضافة الى نهب واغتصاب جرى بمخالب الغزاة اليابانيين الأقزام الخالين من الروح والمشاعر. كانت مذبحة يومها فى مدينة نانجينغ، والتي كانت عاصمة للصين قبل تحريرها بأيدي وسواعد وعقول وقلوب جيش الشعب.. جيش التحرير الصيني، وهي مدينة لا تزال إحدى أفضل وأحسن مدن الصين وأكثرها توليداً للوطنية والوحدة الوطنية والمشاعر الإنسانية.
في هذه المدينة الوادعة أحدث اليابانيون مذبحة كبرى لم يسبق لها مثيل، فقد قام بها الجيش اليابانى المُعتدى على الصين، واستمرت المذبحة من فترة ٤٠ يوماً الى 60، حيث قتلوا حوالى ٣٠٠٠٠٠شخص، أُميتوا بأشكال متعددة شنيعة. لكنني لا أريد هنا تعداد أشكال الذبح والقتل والنهب والاغتصاب وغريها التي ارتكبها الجيش الياباني وقادته بصفاقةٍ وخِسّة، لأن جسدي سيرتعش وينتفض جراء ذلك، فقد مضى 80 سنة بالضبط على الألم الذي عاشته كل بلادي وكل مواطن في وطني العزيز.
واليوم حين نُحيي ذكرى شهدائنا في نانجينغ وكل الصين وعددهم أكثر من 37 مليون شخص، وحين أصبحت الصين دولة قوية اقتصادياً ومالياً وعسكرياً، ولها وزن يُحسب حسابه على المستويات الإقليمية والقارية والدولية، فإنني أتخيل فى ذهني دائماً، ما الذي كان سيكون عليه واقعنا اليوم لو بقي اليابانيون محتلين على وطننا ومسيطرين على شعبنا؟!
إن مثل هذا الفظائع كان يمكن أن تحصل يومياَ بحق شعبنا، الذى عانى الأمرّين من الاستعمار الاجنبى المتعدد الجنسيات، والذي كان يستهدف الصينيين كباراً وصِغاراً كبشر وآدميين، والصين كأرض.. لقد كاد شعبنا يُباد من على وجه البسيطة، كما هو شعب فلسطين اليوم، الذي يتعرض على مخطط إبادة في فلسطين المحتلة مِن قِبل الصهاينة والغرب‘ باحتلال أرضه وعاصمته القدس المقدسة للمسلمين وأحرار العالم أجمع.
الإجابة على كل الاسئلة والاستفسارات “ما الذي كان عليه وضعنا نحن الصينيين تحت هيمنة الوحش الياباني” هي إجابة مشوشة! لقد كنا مُعرّضين يومياً، بل كل دقيقة وساعة ويوم للقتل والنهب والاغتصاب، ولتحويلنا الى عبيد لهم، دون ان نستطيع مقاومتهم، ودون إمكانات حربية مضادة، لا سيّما عندما عملت حكومة الكومينتانغ بعمالة مع اليابانيين، فقد كرست جهودها لإضعاف أمتنا ودولتنا وقتل روح الأمة الصينية. فتحت قيادة حكومة الكومينتانغ الرجعية كان الشعب ككومة متناثرة من الرمال، متفرقاً هناك في وطنه.. لكن المَثل يقول: “في الاتحاد قوة وفي التفرقة ضعف”، لذلك نهض شعبنا تحت قيادة الزعيم ماوتسي تونغ العظيم لتحرير الوطن وأوقف ارتكاب اليايانببن لمذابح تلو المذابح، والإغتصابات تلو الاغتصابات بحقنا.
لقد شارك الرئيس شي جين بينغ العظيم في مراسم يوم الحداد الوطنى وإحياء ذكرى ضحايا مذبحة نانجينغ، خلال سنتين متتاليتين، وألقى رئيسنا المتواضع والمحبوب كلمات في تلكم الاحتفالات المؤلمة، وألهمنا بعزيمة من عنده، مما يدل على انه هو ونحن لن ننسى أبداً تاريخنا المظلم والاحتقارات اليابانية والأجنبية الاستعمارية عموماً، ولا أن ننسى التاريخ والخيانة لشعبنا من جانب العملاء، فروح الأمة تحولت الى روح مارد، جمعت أشلاءها من حولها بجهد جديد متميز، وصارت متضامنة معاً حول الرئيس شي جين بينغ، حتى أصبح شعبنا القوة التى لا تقهر، ولا من قوة فى الارض يمكن ان تهزمه.
ومن هنا، من على هذا المنبر الطيب موقع ” الصين بعيون العرب” الذي نحبه ونحترمه ونجله، أريد أن أنقل حديث أول المائة العظماء فى العالم، الرسول الكريم محمد (ص): ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضاً))، أما أمةُ التنين، فعليها أن تكون بناءً صلباً من الصينى للصينى، ومن الصيني للصديق غير الصيني، تماما كالبنيان المرصوص يشد بعضهم أزر بعض، حتى لا تتكرر مذبحة نانجينغ باْذن الله تعالى العلي القدير العظيم.
…
*مُستعرب صيني ويكتب بالعربية وعضو ناشط ورئيس ديوان الشؤون والمتابعات الإسلامية في الصين في دواوين ومديريات الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.