السفراء العرب: مفهوم “مجتمع مصير مشترك للبشرية ” يترجم حكمة القيادة الصينية في تصورها لعالم مستقر
حث الاجتماع السنوي الـ 48 للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، الذي جاء تحت عنوان “بناء مصير مشترك في عالم مفكك”، على بذل جهود عالمية منسقة لمواجهة التحديات الكبرى من الحمائية إلى الإرهاب وتغير المناخ.
ويذكر أن موضوع المنتدى هذا العام يحيي ذكرى أول حضور لرئيس صيني للمنتدى عندما حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ العام الماضي وقدم مفهوم “مجتمع مصير مشترك للبشرية”.
ولاقي هذا المفهوم إقبالا متزايدا من مختلف الدول بالعالم بما فيها الدول العربية حيث أكد بعض السفراء العرب لدى الصين لوكالة أنباء شينخوا على أهمية المفهوم بشأن تقوية الازدهار والاستقرار العالميين وإصلاح نظام العلاقات الدولية القائم.
السفير القطري: مجتمع مصير مشترك للبشرية هو نداء العصر
قال سعادة سفير دولة قطر لدى الصين الدكتور سلطان بن سالمين المنصوري إنه وفي وسط الفوضى والحروب والتنافس الاقتصادي والحمائية التجارية التي تسود العالم، خرجت الصين برؤية جديدة تدعو للتعاون بدلا من الصراع، والسلام بدلا عن الحروب، والفوز المشترك بدلا من التنافس على الموارد، وكانت هذه الرؤية مجسدة في “مجتمع مصير مشترك للبشرية”، حيث جعل هذا المفهوم كل العالم بمختلف شعوبه وأممه عبارة عن أسرة واحدة ومجتمع واحد مبني على التعاون والسلام والازدهار المشترك.
وأكد السفير على أن هذا المفهوم هو الرد الصيني على التهافت على الثروات والتنافس غير الإيجابي، إنه نداء العصر لبناء مجتمع عالمي يعيش كأسرة واحدة مزدهرة ومتعاونة بسلام.
وأضاف السفير قائلا ” أعتقد أن مجتمع مصير مشترك للبشرية هو من أفضل المجتمعات التي تمثل الشعب، وهو طموح أي دولة في العالم وليس الصين فقط، لان هذا المجتمع متكامل ولديه أهداف مشتركة، تحقق التآلف والتناغم في المجتمع. ولتحقيق أهداف هذا المجتمع، هناك تحدي كبير تواجهه القيادة، نظرا لأنه لابد من تأسيس مجتمع يقوم على فكر وفهم مشترك، يسعى لتحقيق التنمية والازدهار. ونرى أن أهمية هذا المجتمع تتمثل بالأساس في أنه سهل التعامل معه، ويمكن أن يحقق التواصل بين المجتمعات.”
ونوه بأن الصين في الآونة الأخيرة ترى نتائج هذه التجربة الفريدة ، وذلك يعود إلى أنه هناك بيئة صالحة وسليمة لتكوين هذا المصير المشترك الصيني، وهذه البيئة تتمثل بالأساس في القيادة الصينية الرشيدة، والحزب الشيوعي الصيني الذي يتفهم مطالب الشعب ويسعى لتحقيق مطالبه بطريقة توفر “حياة رغيدة” لكل المجتمع الصيني.
وأشار السفير إلى أن مبادرة “الحزام والطريق” تخدم بفعالية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، قائلا ” إنني على يقين من أن المبادرة ستحقق نتائج هامة خاصة إذا بقت كل الدول المنخرطة في المبادرة تسعى لتحقيق نتائجها بهذا الحماس الذي رأينها طوال هذه السنوات. إذ أن آليات المبادرة لا تخدم فقط المصالح المشتركة أمنيا واقتصاديا، بل تسعى أيضا لخدمة المجتمعات والرقي بها إلى مستوى أعلى يتكون من مجتمع مصير مشترك للبشرية. وأبسط مثال على ذلك يتمثل في كون مفهوم ومبادئ مبادرة “الحزام والطريق” أصبح معروفا في كل دول العالم تقريبا، والمصطلح لم يعد صينيا بل أصبح مفهوما عالميا.”
السفير الإماراتي: المفهوم يربط بين الحلم الصيني والحلم العالمي
قال سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين الدكتور علي عبيد الظاهري، إنه منذ طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ لمفهوم مجتمع مصير مشترك للبشرية، والعالم كله يراقب بحماس كبير تطلعات هذه المبادرة، التي تقدم نفسها كبديل لنظام العلاقات الدولية السائدة القائم على القطبية وفرض النفوذ من أجل خدمة مصالح الأقوياء.
وأكد “نحن نثمن حرص الرئيس الصيني على تعزيز الاستقرار والازدهار العالميين من خلال طرحه لمجتمع مصير مشترك للبشرية الذي يترجم بوضوح حكمة القيادة الصينية في تصورها لعالم مستقر تترابط فيه الشعوب والأمم من منطلق التبادل العادل للمنافع والمصالح المشتركة.”
وأردف قائلا إن ما يشهده العالم اليوم من منافسة شرسة بين الدول، وتزايد الحروب، وارتفاع الضحايا عبر العالم، يستدعي وقفة جادة للبحث عن الظروف المواتية والمشجعة لتأمين العيش المشترك بين جميع الشعوب. وهنا تكمن أهمية وقيمة العرض الذي قدمه الرئيس الصيني، حيث أنه يربط بين أحلام الشعب الصيني وأحلام الشعوب الأخرى حول العالم بشكل وثيق، معتبراً أن جميع الشعوب على اختلافهم هم أفراد لنفس العائلة.
وتابع السفير أن مصير الأمة الصينية يتقاطع مع مصير كل الأمم، وبالتالي فإن التوافق والتصالح والانفتاح على الآخر، كلها شروط أساسية لتحقيق أحلام جميع الشعوب ولتأمين مصيرها المشترك، غير أن هذا الحلم قد يصعب تحويله إلى واقع في غياب بيئة يسود فيها السلام ويستقر فيها النظام الدولي.
وعليه فإن العالم اليوم أمام تحديات كبيرة لتحقيق هذا الحلم وعلى رأسها محاربة الإرهاب وتحقيق التنمية والسلم العالميين. ومن هنا نلمس الرؤية الاستشرافية في مبادرة مجتمع مصير مشترك للبشرية في كونها تمثل بدرجة كبيرة صمام أمان يساهم على المدى المتوسط والبعيد في مواجهة هذه التحديات بحكمة وفعالية.
وأوضح السفير أن أبرز التحديات التي تواجه هذه المبادرة هي تعريف وتحديد آليات ترجمة فلسفتها على أرض الواقع. ذلك أن جوهرها عميق وغني ومتنوع تنوع المجالات التي تشملها من الأمن والسياسة إلى الاقتصاد والثقافة.
“ولهذا نرى وجوب تكاتف المجتمع الدولي من أجل توفير الآليات وبسط الأرضية المناسبة لتفعيل كل المبادرات الإيجابية والحكيمة على غرار مبادرة “الحزام والطريق”، إذ نعتقد أنها تمثل بشكل واضح آلية جدية للدفع المشترك للتنمية العالمية جوهر فلسفة المصير المشترك للبشرية.” حسبما قال السفير الإماراتي.
فيما يخص منطقة الشرق الأوسط، قال السفير ” لا شك بأن الجميع مدرك لخصوصية هذه المنطقة دينياً واقتصادياً وسياسياً، وعليه يتعين على كل التحركات الإقليمية والعالمية إزاء منطقة الشرق الأوسط أن تتسم بالحكمة وثقابة النظر لتُؤتِيَ أُكلها، وهذا ما نلمسه في رؤية الرئيس شي جين بينغ، ونحن نراقب بحماس نجاح التجربة الدبلوماسية الصينية المعاصرة خاصة مع دول منطقة الشرق الأوسط، ونتطلع بثقة إلى المبادرتين”الحزام والطريق” و “مجتمع مصير مشترك للبشرية”.”