تونس بوابة الصّين المأمونة إلى أفريقيا
موقع الصين بعيون عربية ـ
سناء كليش*:
تتمتع تونس بموقع جيوسياسي متوسط في شمال أفريقيا، يُعدُ الأنسب لبيئة الأعمال الصينية، بل ويمكن القول كذلك بأن موقع تونس رئيسي ومفتاحي يتناسب مع “التحرّك الحريري” الصيني الجديد، ويتوافق أيضاً مع كل تحرك آخر لتصبح تونس مقر الصين ومركزها القاري الى أفريقيا الشمالية والوسطى والجنوبية.
إلى ذلك تُعتبر التركيبة السكانية التونسية، وصِغر مساحة الدولة التونسية، وتقدّمها الحضاري والثقافي المُلاحظ في العالم أجمع، وجذبها للسياحة وتميّزها بتقبّل الآخر الإنساني وإنسانها المُتمّيز بحمايته للحضارة والتحضّر بفرادةٍ لا ينقطع وِصالُها معه، واختلاط شعبها بثقافات الشرق والغرب الذي وفّره لها موقعها المتوسط والأقرب الى أُوروبا، أقول بأن تونس يمكن أن تغدو انطلاقاً من كل ذلك وغيره، مركزاً موثوقاً لانطلاقة صينية تتسم بزخم كبير وتكون الأسهل والأسرع نحو جميع الأفارقة، عرباً وغير عرب، ودولاً وشعوباً ومؤسسات بدون استثناء.
إن قراءة وتحليل مختلف الأنباء والتصريحات والآراء التي تنشر في تونس والصين، واهتمام الصين بتونس على نحو خاص من خلال تحركاتها المختلفة، تشي بأن البلدين يمكن أن يتفاهما لتحقيق قفزة نوعية جديدة في علاقاتهما، تؤسس حتماً الى قاعدة كبيرة وشاسعة تضمن ثباتها وعالميتها، ولأجل ان تكون جسراً مؤكداً وثابتاً للصين نحو كل أفريقيا.
فمنذ شباط العام الماضي 2017م، بادرت تونس الى تعبيد رحلة الشراكة الأكثر فعالية مع دولة (هان) الكبرى، من خلال توقيعها 3 اتفاقيات استثمارية تتعلق بالقطاع المالي والتكنولوجيا، وبناء “مول” تجاري ضخم في مرفأ تونس المالي.. فقد تلقت تحركات تونس لإصلاح اقتصادها زخماً كبيراً بهذه الاستثمارات، وقيمتها نحو نصف مليار دولار أمريكي دفعة واحدة، وهو ما يَعتبره محللون اقتصاديون ومراقبون إعلاميون بداية الازدهار الصيني في تونس بالذات، وبدايةً لازدهار تونسي باستثمارات صينية يتم ترجمتها على أرض الواقع التونسي استثماراً بَعد آخر، لاسيّما لدخول المزيد من المُستثمرين الصينيين الى تونس، وملاحظتهم أهمية هذه الدولة العربية من جميع النواحي، ورقي شعبها وانفتاحيته، وأخذاً بعين الاعتبار مناخ الأعمال المناسب شعبياً ورسمياً، والذي يَسير بخطوات متسارعة نحو التعافي والانطلاق الى فضاءات مُنتجة ومُتميزة.
والمهم هنا بالدرجة الأولى، أن العلاقات ما بين تونس والصين تتميز باستراتيجيتها، بخاصة تلك التي تتعلق بمشروع طريق الحرير الجديد، الذي يُشرف عليه الرئيس الصيني شي جين بينغ مباشرةً ومنذ بدايته، إذ كانت تونس من أولى الدول التي أعربت عن مساندتها لمبادرة – مشروع “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21″، المعروفة بمبادرة “الحزام والطريق”، وأبدت رغبتها الصريحة في الانضمام إليها والعمل بموجبها بفعالية.
ومن المتوقع أن تتزايد الاستثمارات الصينية في تونس الى عدة مليارات من الدولارات حتى العام 2020م، لتؤسس الى شراكة فاعلة جداً، تضع قواعد موثوقة للمستقبل بين الجانبين، إذ تشجع تونس وتستقطب التمويلات والاستثمارات الضرورية لتحقيق الانتعاشة الاقتصادية المأمولة للدولة، وأما الاستثمارات الصينية فهي موثوقة ومأمونة، وستكون مجالات القادم منها الطاقات المتجددة والكيمياء والبتروكيمياء، بالإضافة الى توسيع التبادل السياحي واستقطاب السياح الصينيين وعددهم هائل للغاية، والتعاون الثقافي والفني وغيره الكثير.
وقد سبق لسعادة السفير التونسي لدى الصين، ضياء خالد، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) الرسمية الصينية للأنباء، تأكيده أن العلاقات التونسية الصينية قد شهدت حركية متميزة خلال الفترة الماضية، وتطلع إلى تحقيق قفزة نوعية مستقبلاً في العلاقات بين البلدين “في المجالات كافة”. ونوّه السفير كذلك الى أهمية “مبادرة الحزام والطريق”، كونها “تمثل فكرة رائدة وطموحة، وستمكن الدول الواقعة على طول طريق الحرير للاستفادة من عديد المشاريع خاصة منها المتعلقة بتطوير البُنية التحتية وتبادل الخبرات والاستثمار والسياحة والبحث العلمي والتعليم والتكوين…، كما ستكون حلقة ربط بين شعوب تلك الدول وثقافاتها، وهناك امكانيات هامّة للتعاون بين تونس والصين في إطار هذه المبادرة، حيث يمكن لتونس بحكم موقعها المتميز في قلب البحر المتوسط أن تمثل منطلقا للشركات الصينية للدخول إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية كذلك”.
الصين مهتمة بتوطين استثماراتها في أفريقيا، وتونس مهتمة هي الاخرى بهذا الأمر ولأجل أن تكون جسراً موثوقاً وسهلاً والأسرع والأكثر أمناً وآماناً وديمومةً لسبيل الصين إلى القارّة السمراء، كما وأن تونس تسعى ما وسعها الجهد إلى تحقيق قفزة نوعية في علاقاتها مع الصين، عَبر توفير مُستلزمات هذه العلاقات على الصعيدين الوطني والقاري والعالمي.
*#سناء #كليش: كاتبة وصحفية #تونسية ناشطة ومعروفة ومن المجموعة الاولى المؤسِّسة للعضوية الأُممية في الاتحاد الدولي للصُحفيين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين.