سفير الإمارات لدى الصين: الاقتصاد الصيني سيكون دوما في ازدهار خاصة
أجرى سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين علي عبيد الظاهري مؤخرا مقابلة حصرية مع وكالة أنباء شينخوا، وشارك آراءه حول العلاقات الصينية العربية الإماراتية و”الحزام والطريق” والتداول المباشر بين العملة الصينية اليوان والدرهم الإماراتي والإبداع العلمي والتكنولوجيو غيرها من المواضيع الأخرى. وما يلي تفاصيل المقابلة مع السفير:
1.في هذه السنوات نعرف أن العلاقات الصينية العربية عموما والعلاقات الصينية الإماراتية خصوصا شهدت العديد من التطورات، فكيف تقيم هذه التطورات خاصة بعد تولي الرئيس الصيني شي جين بينغ منصبه في عام 2013.
العلاقات الصينية الإماراتية متميزة وعلى قدر كبير من الثقة المتبادلة والشفافية في التعامل. شهدت العلاقات الصينية العربية الإماراتية نموا أسرع منذ تولي الرئيس شي جين بينغ منصبه في 2013 وخاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها إلى الشرق الأوسط في العام 2016، فالعلاقات متميزة وعلى مستوى عال، ولا شك أن الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين من البلدين لعبت دورا كبيرا في دفع العلاقات السياسية بين الجانبين الإماراتي والصيني نحو مزيد من الشراكة الاستراتيجية وخاصة أن البلدين يشهدان نموا غير مسبوق على كافة الأصعدة.
2. ما هو المجال أو القطاع الذي شهد أكبر تطور في التعاون بين البلدين وكيف تتوقع أفق التعاون بين البلدين في المستقبل؟
مما لا شك فيه أن القطاع الذي شهد أكبر قدر من النمو في التعاون الثنائي هو قطاع الطاقة، لأن الشركات الصينية أصبحت حاليا هي أكبر شريك في قطاع النفط والغاز وكل ما يتعلق بهذا المجال، كما أن الصين أصبحت الآن أكبر مستورد في هذا القطاع من دولة الإمارات، لكن التجارة ككل بين البلدين في نمو وتطور وازدهار كبير غير مسبوق.
العلاقات بين الجانبين استراتيجية، والاستثمار في النفط والغاز علاقة طويلة المدى، ولا ترجع إلى تأثير عامل السوق في المدى القصير، فهي علاقة طويلة المدى وعلاقة استراتيجية، والتطورات والاستثمار في مجالات أخرى في تطور كبير بين البلدين، وخاصة في مجال الموانئ والتكنولوجيا ومجالات أخرى.
3. كيف تقدر سعادتكم دور وأهمية مبادرة الحزام والطريق الصينية في دفع التنمية في الدول المختلفة بما فيها الدول العربية؟ وما هي الإنجازات المحققة بين الصين والإمارات في هذا الصدد؟ وهل هناك مشروعات تجارية سيتم تدشينها بين البلدين؟
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة داعما رئيسيا لمبادرة الحزام والطريق، ونحن من أوائل الدول التي بادرت وانضمت لمبادرة الرئيس شي التي أُطلقت عام 2013، وتبلور عن هذه المبادرة انضمام الإمارات رسميا في عام 2015 كعضو مؤسس إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والمرتبط بطريق الحرير. وننظر لمشروع الحزام والطريق بتفاؤل وأمل، ونأمل أن يربط هذا المشروع الدول ليس تجاريا فقط وإنما ثقافيا أيضا، وأن تكون هناك شراكة بين هذه الدول للمصلحة الكلية. والمشروع يتيح مناخا ممتازا للاستثمار ونحن لدينا الأرض الخصبة والفرص للاستثمار في الإمارات من خلال توفر مقومات وحوافز تجعل من الإمارات إحدى أبرز الدول المؤهلة لدعم هذه المبادرة وتفعيل المشاريع المتعلقة بها.
4. بعض وسائل الإعلام الغربية قالت إن مبادرة الحزام والطريق تمثل تهديدا للدول الأخرى، فهل تعتقد أن مبادرة الحزام والطريق تشكل تهديدا للدول العربية؟
نحن كدولة الإمارات ننظر لمبادرة الحزام والطريق على أنها مبادرة ممتازة، ومن هذا المنطلق نحن كنا من أوائل الدول التي بادرت وانضمت لهذه المبادرة المتميزة، ونظرا لأن علاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية علاقة استراتيجية لذا كان من باب أولى أن نكون متقدمين على صعيد مبادرة الحزام والطريق. نحن نتشاطر الرؤية والأفكار الجوهرية في القضايا المتعلقة بالتجارة والسلام والازدهار، وأكد قادة الإمارات مرارا دعمهم ومشاركتهم في مبادرة الحزام والطريق من البداية، فالإمارات عضو مؤسس في البنك الآسيوي وملتزمة بمهمة مركزية لترجمة رؤية الحزام والطريق إلى أسلوب حياة. نحن لا شك نتشاطر الرؤية والقناعات والأفكار الجوهرية نفسها ذات الصلة الأساسية بالتجارة والسلام والازدهار، وبالنسبة لشعبنا فإن هذه القناعات تجاوزت المبادئ المذكورة إلى إجراءات ملموسة حتى تأتي قوة علاقاتنا التجارية كأفضل تعبير على هذا الشيء.
5.ما هي أحوال الاستثمار الصيني في الإمارات والاستثمار الإماراتي في الصين؟ وكيف تقيم الظروف الاستثمارية في الصين؟ وما هو القطاع الذي يتمتع بأكبر جاذبية للاستثمارات في الصين، ونحن نعلم أن الإمارات والدول الخليجية الأخرى استثمرت الكثير من الأموال في تركيا وأوروبا؟
هناك تطور إيجابي للغاية وتوسع وازدهار مستمر في مجالات الاستثمار، حيث تم إطلاق صندوق الاستثمار المشترك بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية في عام 2015، وهو ما مثل إضافة، وتمخضت عنه مشاريع كثيرة، وهناك مواصلة لاستكشاف فرص الاستثمار في مشاريع مهمة والإضافة للعلاقات الاستراتيجية والتجارية بين البلدين. وقد ساهمت الظروف الاقتصادية والاستثمارية المواتية بين البلدين بشكل كبير في تسريع تطوير العلاقات الثنائية. مجددا نؤكد أن علاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية علاقات استراتيجية ومتكاملة ونحن نشارك إخواننا في جمهورية الصين الشعبية التطلعات وذات الرؤية حيال المصالح المشتركة المتمثلة في دعم شعبي البلدين نحو التطور والتميز بالمشاركة مع الدول الأخرى.
6. كيف تقيم التعاون المالي بين الصين والإمارات؟ ونعلم أنه في الوقت الراهن قد تحقق التداول المباشر بين العملة الصينية اليوان والدرهم الإماراتي، وكنتم قد أشرتم قبل قليل إلى صندوق الاستثمار المشترك بين البلدين، فكيف يتطور هذا الصندوق؟
يوجد فريق فنى مشترك يبحث مجالات وفرص الاستثمار بين البلدين ووجد الفريق الفني ما يقارب 100فرصة استثمارية مشتركة وتم اختيار أربع مشاريع للاستثمار في مجال صناعة الطيران والصناعات المتقدمة والتكنولوجيا وهناك استثمارات في التطوير العقاري واستثمارات مالية أيضا. لذا فإن العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين في تطور وازدهار وتمضى في طريق استراتيجي وتصب في مصلحة شعبي البلدين.
7. في هذه السنوات تزايد استخدام اليوان الصيني وتسارعت عملية تدويل اليوان الصيني في مناطق كثيرة بما فيها منطقة الشرق الأوسط، كيف تقيم إيجابيات استخدام اليوان الصيني في الشرق الأوسط؟
استخدام اليوان الصيني عمل على تسهيل وتسريع العمليات المالية في شتى مجالات التعاون وعزز من التبادل التجاري بين البلدين، وخاصة بعد إعفاء مواطني البلدين من تأشيرة الدخول حاليا، وهو ما يزيد من التدوال المباشر بين العملتين ويعزز القطاع السياحي بين البلدين.
9.تهدف الصين حاليا إلى القضاء التام على الفقر بحلول عام 2020 وكذلك إتمام بناء مجتمع رغيد الحياة بشكل معتدل تحت قيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ، فكيف تقيم جهود الرئيس شي في هذا الصدد؟ وكيف تستفيد دول العالم من هذه التجربة؟
نحن نثمن كل المبادرات الرائدة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونحن نتشاطر معه ذات الرؤى والأفكار والقناعات الجوهرية المتعلقة بالتجارة والسلام والازدهار ومكافحة الفقر ورفع مستوى معيشة الشعوب، وتعتبر دولة الإمارات الإرهاب آفة عالمية تتجاوز الحدود الوطنية وتتسبب في انتشار التطرف وتفاقم الأزمات الأمنية والإنسانية في المنطقة والعالم، وتشدد على أهمية القضاء على هذه الآفة عبر تعزيز الجهود الدولية في إطار الركائز الأربع الاستراتيجية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. وهو ما تتفق الإمارات فيه مع الصين. إن المبادرة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ حول بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية تربط أحلام الشعب الصيني بأحلام الشعوب الأخرى حول العالم بشكل وثيق، فالمبادرات الصينية الأخيرة متميزة ويحسب لجمهورية الصين الشعبية الأخذ بزمام المبادرة حاليا نظرا لعاملها المشترك بين الشعوب والدول.
10. في العام السابق نما الاقتصاد الصيني بنسبة 6.9 %، فكيف تقيم أداء الاقتصاد الصيني وآفاقه وكذلك مساهمته على الصعيد العالمي؟
ينمو الاقتصاد الصيني في حدود 7 في المئة ولا يزال يفوق التوقعات ولا يزال منتعشا مقارنة بالاقتصاد العالمي الذي ينمو في حدود 3 بالمئة، ومما لا شك فيه أن الاقتصاد الصيني يدفع عجلة نمو الاقتصاد العالمي، وساهم في نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 30 بالمئة وهذا شيء ملموس، وهناك توقعات أن يزيد في السنوات القادمة، وربما يكون الاقتصاد الصيني بعد ذلك هو الاقتصاد الأول في العالم، وهذه الأشياء تجعل من الاقتصاد الصيني مستمرا ومتواصلا بشكل أساسي و سلس وإيجابي مما يساعد على استقرار الاقتصاد العالمي، وليس من مصلحة العالم أن يتأثر الاقتصاد الصيني، ولكن على العكس أنا أعتقد أنه مما يهم العالم أن يرى الاقتصاد الصيني مزدهر دوما، وانا متأكد أن الاقتصاد الصيني سيكون دوما في ازدهار خاصة حسب الخطة الموضوعة والنمط الاقتصادي الموجود والتطورات في التكنولوجيا والأعمال الذكية والذكاء الاصطناعي وهي قوى داعمة جديدة للاقتصاد الصيني. تبنبت الصين استراتيجية جديدة لتنمية اقتصادها خلال المرحلة المقبلة تتجنب المخاطر الرئيسية لمواصلة دعمها للاستقرار الاقتصادي العالمي، وهذا ما نلمسه حاليا لأن الاقتصاد الصيني داعم للاقتصاد العالمي والعربي أيضا.
11. كما تعلم الصين حققت تقدما ملموسا في الإبداع العلمي والتكنولوجي في هذه السنوات، وفي الفترة الأخيرة ظهر مصطلح جديد عن الاختراعات الأربعة الجديدة بالصين ومنها الدراجات التشاركية الهوائية والشراء عبر الإنترنت، وكما ترى الدراجات التشاركية الهوائية منتشرة في جميع شوارع بكين، فكيف تقدر التقدم التكنولوجي في الصين في هذه السنوات؟
حققت الصين إنجازات ضخمة في مجالات مختلفة وخاصة في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي وأصبحت الصين دولة رائدة في مجال التكنولوجيا وانتقلت إلى مصاف الدول المتقدمة وفي مجالات البحوث العلمية والتكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي وإطلاق الأقمار الصناعية وصناعة حاملات الطائرات وصناعة الطائرة (سي 919 ) وصناعة القطارات الفائقة السرعة والسيارات والمركبات العامة ذات الدفع الآلي وغيرها، ونذكر منها قطار الرصاصة الذي أصبح أسرع قطار في العالم بعد زيادة سرعته إلى 350 كيلومترا في الساعة، فكل هذه التكنولوجيا تجعل من بلد عريق مثل جمهورية الصين الشعبية بلدا متقدما في التكنولوجيا، والصين تساعد دولا كثيرة في هذه الأمور المتطورة بعد كل ما بذلته من البحوث والتجارب والاستثمارات في هذه المجالات. ودولة الإمارات شريك استراتيجي للصين في هذه المجالات وتنظر لهذه التطورات نظرة استراتيجية وتتابعها، وبدأنا الحديث في أن نكون شريكا استراتيجيا في هذه التجارب والبحوث مع إخواننا في جمهورية الصين الشعبية.
هل هناك مشروعات تكنولوجية تعاونية بين الصين والإمارات؟
هناك تعاون كبير بين البلدين في هذا الصدد، فهناك تعاون عن طريق الجامعات والمؤسسات التعليمية والتركيز على ما يسمى تبادل المعرفة وهذا يهمنا كثيرا، فنحن لا نهتم فقط بالحصول على التكنولوجيا ولكن نحرص كذلك على المشاركة في تطوير التكنولوجيا.
فيما يتعلق بالحياة اليومية لعامة الناس في الإمارات، هل استفاد عامة الناس من التعاون التكنولوجي بين الصين والإمارات؟
هناك تطورات ملموسة وإن شاء في المستقبل القريب سيكون التطور التكنولوجي ملموسا من قبل الشعب الإماراتي في شتى المجالات.
12. في مارس من هذا العام ستبدأ الدورتان السنويتان لأكبر هيئة تشريعية وأكبر هيئة استشارية سياسية في الصين وذلك لأول مرة بعد المؤتمر الوطني الـ19، فما هي النقاط التي تلفت أنظاركم بشكل أكبر؟ وكيف تتطلع إلى أهمية هاتين الدورتين السنويتين؟
نتطلع بحماس كبير لمتابعة الحدثين السياسيين المرتقبين في شهر مارس، وهما افتتاح فعاليات الدورة السنوية الأولى للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في الدولة، وافتتاح فعاليات الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ13 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أعلى هيئة استشارية سياسية، ونتمنى أن يتكلل هذين الحدثين السياسيين بالنجاح والتوفيق وأن يجلبا مزيدا من الازدهار والرقي لجمهورية الصين الشعبية وشعبها الصديق. وأريد أن استغل هذه الفرصة لأبارك للشعب الصيني الصديق وأهنئه بمناسبة السنة القمرية الصينية الجديدة وأتمنى لهم دائما الازدهار والأمن والأمان وأن يحققوا كل الأهداف الموضوعة لسنوات طويلة قادمة.