“الاتحاد الدولي” مكرّماً في الصين
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا:
لم أفقد دهشة تلقي دعوة جديدة إلى الصين، ولا أعتقد أنني سأفقد هذه الدهشة في يوم من الأيام. فالصين بلد كبير، كبير جداً، وفي كل زيارة ستجد مكاناً آخر تتعرف عليه. وحتى المدينة التي سبق لك زيارتها مرة ومرتين وثلاث، سيكون فيها المزيد من الأسرار التي تتكشف لك مع كل زيارة جديدة، والسرّ عميق عمق التاريخ، وواسع وسعَ الفضاء، وممتدّ امتداد المستقبل المقبل على جناح التطور الذي تعيشه هذه الدولة الكبرى.
ومع كون زيارتي هذه هي الرابعة للصين، فأنا أضع لها مكاناً خاصاً في قلبي، ربما أهم من المكان الذي تحجزه عادةً الزيارة الأولى، بغموضها وبكريّتها وتجاربها، لأن هذه الجولة لها أوليّتها المتميّزة، فهي بحد ذاتها تكريم من الدولة الصينية العظمى، ممثّلة بالحزب الشيوعي القائد، لجهود ثلّة من الإعلاميين العرب الذين بذلوا على مدى سنوات جلّ ما لديهم من طاقات في خدمة العلاقات العربية الصينية وعلى طريق تعزيز أواصر الروابط بين العرب والصين.
والأهم في هذا التكريم أنه ليس تكريماً لأفراد من أنحاء العالم العربي جمعهم موعد واحد في هذه الجولة، وإنما هو تكريم لمؤسسة تحمل كل مقوّمات المؤسسة ـ بالرغم من محدودية إمكاناتها وزهد القائمين عليها ـ وتعمل منذ سنوات طويلة على تعريف العرب بالصين وحضارتها وتاريخها، وتبصيرهم بحاضرها، وتوعيتهم على مستقبلها وحجم تأثيره على مستقبلهم. وهذه المؤسسة هي الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين.
وإذا كانت المؤسسة ليست فرداً واحداً، فهي لطالما بُنيت في انطلاقتها على جهود فرد، آمن بفكرة، وناضل من أجلها، وضحى في سبيلها، فأصبحت كياناً موجوداً وراسخاً، فيسلّم الراية إلى المريدين والمحبين والمؤمنين بالفكرة، كي تستمر المسيرة.
وفي مؤسسة الاتحاد هناك هذا الشخص، وهو الأكاديمي المناضل الزاهد الأستاذ مروان سوداح، الذي لم يكتفِ بالتأسيس والإطلاق، بل سعى وما يزال يسعى لتنمية هذه المؤسسة وتكبيرها وتعزيزها، لتنتشر في مختلف أنحاء العالم العربي.
لقد بنى الأستاذ سوداح خيوط علاقة فولاذيّة القوة، ذهبية الجمال، دافئة الحب، مع الصين كل الصين، مع القيادة ومع الإعلاميين ومع المسؤولين ومع الناس العاديين، فكانت ثمار هذه العلاقة اعترافاً صينياً حقيقياً بمؤسسة الاتحاد وبالمساهمين في نجاحها والمضحّين من أجلها، والذين ينتشرون في معظم دول المشرق والمغرب العربيين. ولعلّ هذه الزيارة الجديدة ستكون فرصة لمزيد من الانتشار والتعريف بما يقوم به الاتحاديون من محاولات لتنمية علاقة أكبر وأوسع وأعمق مع الصين.
وفد الاتحاد المدعو للتكريم كبير، وهي أول مرة ربما التي يُدعى فيها وفد بهذا الحجم من مؤسسة واحدة ليتم تكريمه على جهوده في رفد علاقات العرب والصين بالحياة والحيوية، وهذا ما يؤكد على أن البذرة التي زرعها “مغامر” منذ عقود باتت شجرة عميقة الجذور، وارفة الأفنان، تغطي بظلّها شرق العرب وغربهم في آنٍ واحد.
وفي الوقت نفسه، لا بد من شكر القيادة الصينية، والحزب الشيوعي في الصين، والمؤسسات السياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية وغيرها، التي وجّهت لرئيس الاتحاد وأعضائه عشرات الدعوات خلال السنوات الماضية للتعرف على الصين ومعاينة تطورها عن كثب، كما لتوجيهها هذه الدعوة الجماعية لوفد الاتحاد المتكامل، الذي كان من المفترض أن يضم عشرين عضواً دفعة واحدة، ولكن ظروفاً ذاتية وموضوعية أدّت إلى تقليص العدد إلى سبعة عشر عضواً، وهذا بدوره رقماً ليس عادياً، إذ تستقبلهم لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، وتكرّمهم بلقاءات هامة ومميزة مع شخصيات عدة من الحزب والدولة، فضلاً عن جولة سياحية استطلاعية ترفيهية في عدد من المدن، تسمح لهذا العدد الكبير من الأشخاص بنقل مشاهداتهم إلى القراء والمتابعين في أنحاء العالم العربي.
نحن بانتظار بكين، وقويتشو، وشنغهاي. نحن بانتظار الصين الجميلة والواسعة والمنفتحة والأصيلة مرة أخرى.. فإلى هناك.