صين “شي”.. وقائع وحقائق
موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر حسن عبد القادر*:
قبيل زيارتنا الى الصين بوفد دولي للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين، بدعوة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الحليف عن طريق إدارة شمال أفريقيا وغرب آسيا في الحزب، طالعت الكثير من الأخبار الكاذبة ضد الصين، ومن الواضح لي منذ ذلك اليوم وإلى اليوم أيضاً، أن ما يُثار ضد الصين في الإعلام العالمي وبعض الإعلام العربي، هو جزء من حرب سياسية تشن غربياً على الصين، لتشويه صورتها وإبعاد الجماهير العالمية عنها، ولوأد مِثالها الاجتماعي والاقتصادي والدولي الساطع ونهجها الهادئ في معالجة النزاعات والمواجهات العالمية، وصولاً إلى تبريدها، حِفاظاً على إنسانية الإنسان من الموت والدمار وتخريب العقول لصالح مصالح اقتصادية وسياسية غربية لطالما شنت علينا نحن العرب حروباً مشابهة منذ عشرات السنين.
لكن حبل الكذب قصير والصدق طويل كما يقول المثل، فقد تكشف أن الاكاذيب لا مكان لها في الإعراب ولا في الواقع، وكان ذلك فور نشر الصين للعديد من المقالات والأخبار حول تطوراتها السياسية والقانونية، التي رسمت وجهاً جديداً لسياسة جماهيرية، أجمع على صحتها وضرورتها الحزب الشيوعي الصيني، ومن ورائه الشعب الصيني، بهدف حماية المجتمع الاشتراكي الصيني وطريق تطوره، وصد أية محاولات لمحاصرته بخاصة في البحرين الشرقي والجنوبي ومضيق ملقا، أو حتى من خلال ميانمار وغيرها من الأراضي، التي يريدون في الغرب وبعض حلفائهم الآسيويين أن يُغلقوا منافذ “طريق الحرير الجديد” المُسمّى بـِ “الحزام والطريق” البرية والبحرية الصينية، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك كما أثق، فالصين دولة كبرى والاقتصاد الأول الانتاجي في العالم، وقوتها العسكرية والسياسية تضمن أمنها وأمان وصولها إلى مختلف دول وبقاع وقارات العالم.
الكذب ينطلي على أقل الأقلية التي هي غير مثقفة وغير متعلمة وغير واعية سياسياً وغير ممارسة للسياسة، أما غالبية الشعوب فهي تعرف الصحيح من الخطأ والخطيئة، وتدرك أن الإعلام الغربي يَلعب لعبة دولية خبيثة ضد الصين لمنعها من أن تكون الدولة الاقتصادية الأولى في العالم. إلى ذلك تتعامل مختلف الدول بحذر شديد مع هذا النوع من الأخبار الملفقة وتعرف مدى فبركتها وأهداف ذلك، ولهذا بادرت عشرات الدول في العالم، وبضمنها الصين، إلى حماية نفسها من خلال وضع قوانين تضمن وقف الفبركات والأكاذيب وللتصدي لها.
القيادة الصينية عملت بنباهة وحسن تصرف لوقف سيل الادعاءات والأكاذيب الغربية، في إطار التوعية السياسية والأخلاقية لمواطنيها، ولجأت إلى مزيد من الشفافية مع مواطنيها لإطلاعهم على مدى الأهداف المغرضة للغرب، الذي يحاول إغلاق آسيا الوسطى والدول المجاورة للصين أمام الصين تجارةً وثقافةً وعلاقاتٍ إنسانية!، ذلك أن الإعلام الغربي يعمل لمساعدة صانع القرار السياسي هناك للتمهيد لدخوله إلى دول ما تستعدي الصين ولمزيد من هذا الاستعداء من أجل ان يتحكم الغرب وفي طليعته أمريكا بدولة أو عدة دول أآسيوية على وجه التحديد، لضرب مقومات علاقات الصين بها.
في الواقع، لا يوجد شيء اسمه “الخطر الصيني”، أو “صراع الصين لتدمير العالم”، أو “الاستعمار الاقتصادي والعسكري الصيني!”، أو “إرهاق الصين للعالم” و”التهديد الصيني”، وغيرها العشرات من شعارات تخويف الشعوب من الصين، وهي في حقيقتها افتراضات وأمنيات وخيالات تتعارض مع الواقع والحقائق وطبيعة علاقات الصين بدول العالم، ونحن كوفد دولي للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين، لم نلاحظ وجوداً لهذه الفبركات الغربية في الصين، التي تقوم سياستها مع الآخر على النديّة واحترام استقلالية كل طرف للآخر، وعدم التدخل في شؤون الدول والتنظيمات والهيئات والأحزاب المختلفة.
في حقيقة الأمر، يُحاول الغرب برمّته إبداء التضامن فيما بين دوله، لأنه بدأ مسيرة التراجع والضعف، ودبّ الوهن فيه اقتصادياً وسياسياً، وصارت قوته أقل من متطلب إلحاق الهزيمة بدول متوسطة وحتى صغيرة تتحالف معها الصين وروسيا.
الغرب يريد ان يبقى العالم مرتبطاً به ومنفذاً لأوامره، وحامياً لقيمه الاجتماعية والسياسية وغيرها. ولهذا، يعمد إلى شن حروب قارّية لتتم محاصرة الصين ومِثالها الناجح في كل الحقول، وما يروج له عادة في أوروبا وأمريكا بأن الصين “ستكون القوة الرئيسية لعصر “ما بعد الغرب” و “ما بعد النظام”، هو مجرد مراهقة سياسية ومرض سياسي يعمل على إضعاف هذا الغرب بيد الغرب نفسه، وهو الذي يقوم بحفر قبره بنفسه ليدفن قيمه التي لم تألفها الشعوب، بل ولم تعد هذه الشعوب تريدها ولا تريد مجرد السماع عنها.
الصين، وبرغم انفتاحها، إلا انها تمثل سداً أمام القيم الغربية، فهي تحافظ على دور الاشتراكية والماركسية في نظامها وخططها وطرق تفكيرها، وهي علامة هامة على أن الصين بعيدة عن الغرب قيمياً وثقافياً، وإن كانت تعمل على علاقات طبيعية مع الغرب، فهذه العلاقات قيمة إنسانية تفضي إلى سلام الأمم وليس إلى الحرب التي توصل إليها سياسة التحدي والاستعداء والشخصية الامبراطورية للغرب، الذي يريد البقاء إمبراطوراً على العالم الى الابد!
نلاحظ اليوم أن بُنية النظام العالمي كانت دائما تتشكل وتختفي في إطار التفاعل بين الحضارات، لكن النظام الرأسمالي بدأ بالتراجع، فحقبة الرأسمالية الصناعية المتطورة آخذة بالانهيار التدريجي ونحن نرى ذلك كل يوم، فلم تعد الأنظمة الرأسمالية تقدم أية قيمة عادلة للشعوب، بل انها لم تقدمها مطلقاً لكونها تتمسك بالهيمنة وكسر رقبة الآخر الذي لا يُنفّذ تعليمات الغرب، ومطالب الهيمنة وإقصاء الآخرين عن عملية بناء النظام العالمي وإصلاحها.
يقول الباحث جيانغ فنغ ـ الأستاذ الشهير في جامعة الدراسات الأجنبية في شانغهاي ـ إن الوضع الحالي في العالم هو على عكس ما انتظره الغرب، حيث حوّلت الصين قوتها الاقتصادية إلى رصيد سياسي في الصراع مع الغرب، أما بعض الساسة في ألمانيا فيرون بأن “النظام الديمقراطي بات على حافة الخطر”، وأن الصين بصفتها “قوة غير ديمقراطية” تعمل على تخريب هذا النظام، وأمام هذا الوضع، تبادر بعض الشخصيات الأوروبية الحكيمة للتنبيه إلى خطورة “سوء الفهم” بين الصين وأوروبا. ويستطرد فنغ، لقد عبرت شخصيات غربية عن أملها في تعزيز التبادل بين وجهات نظر الجانبين الغربي والصيني، لتجنّب ترسخ “الافتراضات الكاذبة”.. ولا شك أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية القوية بين الصين وأوروبا، تحتاج إلى تعزيز التبادل الثقافي عالي المستوى بين الجانبين، وتعميق المعرفة المتبادلة للأفكار ووجهات النظر.. إلى جانب ضرورة أن نشرح بوضوح بأن الصين تمثل مشيّداً للسلام العالمي ومساهماً في التنمية العالمية وحامية للنظام الدولي.
الغرب برمته يخسر من سياسته غير الصحيحة تجاه الصين، لأنها سياسة مواجهة، بينما تطرح الصين سياسة العلاقات المتوازنة والمتساوية والنفع الشامل، وهو ما لا يريده الغرب بطبيعته القهرية والاستحواذية على الآخرين بشراً ودولاً وحَجراً.
الأمين العالم للحزب الشيوعي الصيني الرفيق شي جين بينغ، يدعو بدون توقف إلى بناء “مجتمع المصير المشترك لآسيا والبشرية”، وهو ما شدّد عليه مؤخراً “هوانغ كون مينغ”، رئيس إدارة الدعاية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، خلال حفل افتتاح قمة قادة الإعلام لآسيا الذي أقيم في مدينة سانيا بجنوب الصين، خلال المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي. ويرى “هوانغ”، أنه مع التطورات الدراماتيكية وإعادة هيكلة العالم، قدّم الرئيس “شي” الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، سلسلة من الأفكار التي تتعلق بمصير البشرية، بما في ذلك الدعوة إلى بناء مجتمع مصير مشترك لآسيا والبشرية التي تقدم الحكمة الصينية ومنهجاً صينياً لتعزيز السلام والتنمية للعالم، والرخاء والتقدم لآسيا، مرفقة بتعزيز روح الانفتاح والابتكار وتسهيل الرخاء والتنمية في آسيا، لأن الصين ترغب في ضم الجهود مع آسيا والعالم من أجل مواصلة السعي إلى إيجاد سُبل جديدة للابتكار والمشاركة في مكاسب التنمية، في الوقت الذي تحتفل فيه بالذكرى الأربعين للإصلاح والانفتاح، ولتنعم آسيا بالانفتاح والابتكار، ولينعم العالم بالرخاء والتنمية حتى يتوافر له منبر ضخم للإعلام الحر حقاً لتتمكن مختلف الدول من عرض أنفسها، ومطالباً وسائل الإعلام الآسيوية بتدعيم الدعوة لتعزيز روح الابتكار وبناء توافق بشأن التعاون والحث على الحوار بين الدول ونشر صوت آسيا، ولأجل أداء دور نشط في تشجيع وإطراء إعادة إحياء آسيا ونشر تقارير عن الابتكار والتعاون في آسيا والعلاقات المربحة للجميع بين دولها، من أجل القيام بدور توجيه الرأي الإيجابي بالكامل والمساعدة في بناء عالم جميل وآسيا جميلة.
تحية رفاقية وشكر عميق للأمين العام للحزب الشيوعي الصيني الرفيق شي جين بينغ ولرفاقه بقيادة الحزب، الذي قدّم لنا بدعوته هذه للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحلفاء) الصين، فرصة فريدة ورفيعة المستوى لنعرف الصين عن قُرب وبأم أعيننا، ولنعرض ما شاهدناه وما سمعناه ولمسناه للقراء العرب في كل العالم.
…
*#عبدالقادر_حسن_عبدالقادر: كاتب وعضو ناشط في هيئة الاتحاد #الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين في #مصر، ومراسل نشط للقسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI.