بكّينيون خطفوا أنظاري!
موقع الصين بعيون عربية:
فيصل ناصيف عبد الرحمن صالح*:
كثيرة هي المشاهد المُمتعة في العاصمة الصينية. بكين العاصمة مدينة كبيرة ومُتّسعة وتمتاز بالأصالة والمُعَاصرة، وبتعدّد القوميات واللغات الصينية، بالإضافة الى عشرات اللغات التي يتحدث بها سياح المدينة الوافدين إليها من كل دول العالم.
وصلنا إلى بكين في 18 مارس/ آذار هذا العام (2018) بدعوة رفيعة المستوى من قيادة الحزب الشيوعي الصيني. والمذهل الأول في هذه الدعوة هو أننا جميعنا وصلنا في الوقت نفسه إلى العاصمة الصينية، برغم أننا ننتمي إلى دول عربية عديدة، وقد انطلقنا من عواصمها في أوقات مختلفة وربما أيام مختلفة أيضاً، لكننا وصلناها في وقت واحد بالضبط، والتقينا جميعاً في مطارها كمجموعة واحدة بالضبط، حيث تعارفنا على بعضنا البعض لأول مرة في حياتنا بعد عمل اتحادي طويل، وبفضل هذه الدعوة الصينية القيادية التقينا واجتمعنا وتصادقنا وترافقنا وتعمّقت رفاقيتنا. وفي مطار بكين الدولي، كان في استقبالنا مُمثّلات عن إدارة غرب أسيا وشمال أفريقيا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الصديق، وكُنّ يَعرفنَ وجوهنا عن ظهر قلب، برغم أنها المرة الأولى التي التقيناهن.
ماذا يعني لنا كل ما ذكرتهُ أنا هنا عن وصولنا سوياً الى بكين؟ كان التنسيق عالي المستوى للقيادة الصينية لنلتقي جميعاً مرة واحدة وفي ساعة واحدة. كان ذكاءً خارقاً وعملاً دقيقاً يُعبّر عن مسؤولية كبرى تجاهنا.. في حمايتنا وجمعنا سوياً في بلد واحد، واجتماعنا بكُلّيتنا في لحظة واحدة بحجز تذاكر جميع الطائرات لنلتقي في ساعة واحد، ما يدل دلالة واضحة وصريحة على أن القيادة الصينية تعمل بصمت وهدوء تامّين، ودون تفسير مواقفها وأعمالها، لكن النتائج تأتي دوماً في صالحها وتصب في مَصبّها، لأن تكتيكاتها وسُبلها ذكية وتنم عن رغبة تاريخية متأصلة بإحراز النجاح لهم، للصينيين، وفي الوقت نفسه يكون هذا النجاح نجاحاً لنا أيضاً نحن الأُمميين غير الصينيين، لكنه بالطبع وحتماً نجاح لنا مع الصينيين حالياً وضمانة لنجاح جماعي في المستقبل لنا ولهم…
والمسألة الثانية هي، أن الرفيقات الصينيات المرافقات لنا من قيادة الحزب، سلّمن لنا فور اللقاء معهن في المطار، برنامج الزيارة الحافل إلى ثلاث مدن وإلى مناطقها المدينية والريفية الجاذبة والغالية في مضامينها السياسية والاقتصادية والنفسية والطبيعية والأيكولوجية وغيرها، والهدف كان أن نحصل على إفادة شاملة من هذه المدن والقرى والمناطق، لنتصوّر بشكل صحيح الواقع الصيني الذي رآه معظمنا للمرة الأولى في حياته، بعدما كان صديقاً له منذ عشرات السنين التي انقضت ونحن نقرأ عن الصين ونستزيد من علومها وثقافتها ونتحدث عنها، ونذود عن أفكارها الوطنية والإنسانية لكونها كانت وستبقى زاداً لنا وزوّاداً.
والإيجابية الثالثة التي شغلتني بالتفكير المتواصل والإعجاب كانت الموافقة الفورية للحزب الشيوعي الصيني، (الذي هو أكبر حزب في العالم، يصل عدد أعضائه إلى 90 مليون عضو)، ونزولاً عند رغبة بعض أعضاء الوفد الاتحادي الأُممي وبخاصة الشاعر والكاتب الأخ طارق قديس والدكتور سمير حمدان، إجراء تغيير طفيف على برنامج الوفد، لتمكينه من زيارة “سور الصين العظيم”.
والمعروف عالمياً، أن السائح الذي لم يَزر هذا السور عند زيارته إلى الصين، وكأنه لم يزرها ولم يعرفها أبداً وسيبقى يجهلها، لما يمثله هذا السور من تاريخ حافل للصين، وهو يختصر هذا التاريخ في عرض نفسه للسائح والزائر، لما يكتنزه من قوّة وعلوم مكّنت الصينيين من حماية أرضهم وسيادتهم وشعبهم من المعتدي والمحتل على مر العصور والأزمنة.
وفي الجزئية الرابعة، وبعدها يوجد جزئيات كثيرات لا مجال لاستعراضها هنا، أن تنقّلنا بين المدن والمناطق الرئيسية التي زرناها في الشرق والغرب الصينيين، كان بواسطة الطائرات الصينية وشركات الطيران الوطنية الصينية، ما يعني أن القيادة الحزبية الصينية بذلت أقصى جهدها لإراحة الوفد، ولتقليص زمن السفر لأجل توفير زيارات أكثر لأعضائه للاطلاع على الصين، وللتأكيد من جانبها على مدى محبة الصين حزباً ودولة وشعباً “للاتحاد الدولي”، مُمَثلاً برئيسه شقيقنا ورفيقنا وزميلنا الأكاديمي مروان سوداح، الذي لا ينفك يناضل من أجل علاقات استراتيجية فعلية وفاعلة لا صورية مع الحزب الشيوعي الصيني ودولة الصين، منذ نصف قرن، أي منذ ما قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية للكثير الكثير من الدول العربية مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة والحليفة!
ولهذا الحديث بقية تأتي وقد تطول عن حزبيين بكينيين خطفوا أنظاري!
…
#*فيصل_ناصيف_عبدالرحمن_صالح: خبير #تصوير محترف و#مصوّر إعلامي مُعتمد وخاص بالإتحاد #الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب #العَرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين، وكاتب، ومتخصص بفنون #نباتات الـ”#بونساي” والبيئة والانسان.