الصين: التعديلات الدستورية تعزز سلطة الحزب والدولة
موقع الصين بعيون عربية ـ
تمام محمد يوسف*:
شهدت السنوات العشر الماضية نقلة نوعية في حياة الشعب والدولة الصينية، تمثلت داخليا في تطوير عمل مؤسسات الحزب والدولة من خلال إعداد قيادات كفوؤة تسهر على إنجاز برامج الحزب والتي محورها رفاه وتقدم الشعب الصيني.
وقد تم الانتباه مبكراً إلى أهمية سيادة القانون وتوسيع مبدأ المساءلة للعاملين في قطاعات الدولة وتوسيع هامش الديمقراطية وتمكين الشعب من انتخاب قياداته بكل شفافية واقتدار.
وجرى العمل على تحسين اسلوب القيادة طبقاً لحكم القانون وإعلاء دور المحاكم. وقد أولى الحزب جانباً هاماً من نشاطه لتعزيز الديمقراطية من خلال توسيع هامش مشاركة الأحزاب المختلفة والتي تتسابق جميعاً لخدمة الشعب الصيني وتحقيق طموحاته في حياة كريمة ورغيدة.
وقد لعبت سياسة الحزب الداخلية دوراً كبيراً في تحفيز الاقتصاد ليشكل درعاً للدولة الصينية من حيث توفير فرص العمل لملايين الشباب وتوفير دخول للعاملين تمكّنهم من العيش الكريم.
لم يكن كل هذا ليحدث لولا توفير البنى التحتية الضرورية من طرق ووسائط نقل وتكنولوجيا حديثة من خلال نتاج لجامعات متقدمة تربط العلم بالحياة.
لقد تمكنت الصين خلال السنوات القليلة الماضية من حجز رياديتها الاقتصادية على المستوى العالمي بحيث أصبح حجم الاقتصاد الصيني يماثل حجم أكبر الاقتصاديات العالمية. وقد لعبت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية الدور الأكبر في هذا النجاح.
ومع كل هذه النجاحات جاء إعلان الصين عن العمل على افتتاح طريق الحرير القديم من خلال مبادرة الحزام والطريق والتي رصدت لها المليارات بهدف مساعدة البلدان الواقعة على هذا الطريق وربطها بعلاقات اقتصادية تقوم على مبدأ رابح رابح.
إن النجاحات الصينية السابقة تحققت بفضل القيادة الواعية للحزب وعلى رأسه الرفيق شي جين بينغ. ولضمان استمرارية هذا التطور ولتحقيق بقاء الانسجام بين مؤسسات الدولة تم التصويت على تعديل المادة المتعلقة بمدة الرئاسة والتي كانت محددة بدورتين، خمس سنوات لكل منها.
يجب أن نعلم بأن للصين خصوصية تملي عليها شكلاً من الحكم يتناسب معها. وهناك ثلاث مؤسسات لا بد من تكاملها وهي الأمين العام للحزب ورئيس اللجنة العسكرية ورئيس الدولة. إذ من غير المعقول ان يكون للحزب أمين عام غير رئيس الدولة وغير رئيس اللجنة العسكرية وهكذا تصبح الدولة بثلاثة رؤوس. من هنا جاء التعديل وبأغلبية أعضاء مجلس الشعب ليزيل محدودية المدة الزمنية وبذلك يحقق الانسجام بين قيادة الحزب وقيادة الدولة .
هناك أنظمة حكم متعددة في العالم تشتقها الشعوب لتحقيق مصالحها. فالرئيس بوتن على سبيل المثال يتبادل مع مدفيديف رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء لتجاوز المادة التي تحدد الرئاسة بدورتين متتاليتين. وبذلك فإن الشعب الصيني هو صاحب المصلحة الحقيقية في تطوير الأنظمة التي تحكم مؤسساته .
لقد حاولت أبواق الأعلام الغربية الإساءة لهذا التعديل من خلال تركيزها على عودة الديكتاتورية وحرمان الشعب الصيني من الديمقراطية. إن هذا الزعم غير صحيح، فإلغاء مفعول المادة التي تحدد الرئاسة بدورتين لم يقل بأبدية الرئيس بل لإعطائه الفرصة للبقاء في رئاسة الدولة طالما هو أمين عام للحزب. ونحن نعلم أن للحزب الشيوعي الصيني نظاماً داخلياً يمكّنه من التصويت على أمين عام جديد في أي فترة من الفترات. وهذا ينفي ادعاءات ماكينة الأعلام الغربية والتي لا تريد للصين وشعبها أي خير. وقد خبرت شعوب العالم ديمقراطيتها المزيفة التي تقوم على نهب خيرات الشعوب وإخضاعها من خلال القوة العسكرية وربطها باتفاقيات تسلب حريتها لسنوات طويلة، بعكس الصين التي لم تمارس القوة ضد أي دولة من الدول، ولم تستخدم قوتها الاقتصادية لتطويع الشعوب وتركيعها. لذلك فإننا ننظر للتعديلات الدستورية على أنها حاجة داخلية أملتها ظروف الدولة الصينية ونظامها الاشتراكي الخاص والذي أثبت أن الشعب مصدر السلطات وأن الحزب يوظف طاقاته الفكرية والذهنية لاجتراح سياسات تنعكس ايجابا على حياة الشعب.
ليس صدفة أن يتبنى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني سياسة أكثر صرامة نحو جملة من القضايا والتحديات وفي مقدمتها تخليص الشعب مما بقي من جيوب الفقر والعمل على تحقيق العيش الرغيد ومواجهة معضلة التلوث وتعزيز سياسة السلام والأمن الدولييين .
إننا على ثقة أن الصين بقيادة الرفيق شي جين بنغ ستغذ الخطى نحو مزيد من التطور والانفتاح على العالم وأن تكون محورا يحدد شروط الأمن والسلام في العالم.
إننا في العالم العربي، حيث في فلسطين لا زلنا نخضع لآخر إحتلال على الصعيد العالمي، نتطلع إلى دور أكبر للصين لا يمكن أن يتحقق إلا بصين قوية وبقيادة قوية وشجاعة تشكل المثل والقدوة.
*كاتبة من فلسطين