زيارة الصين حلم يتحقق
موقع الصين بعيون عربية ـ
مراد بن عيسى*:
حينما وطئت قدماي لأول مرة أرض مطار بكين الدولي، مطلع شهر يونيو / حزيران 2013 ، بدأت رحلة جديدة من عمري وأدركت لحظتها أنني في مكان بعيد عن بيئتي ولغتي وثقافتي، شعرت وكأنني في حلم جميل يراودني،، حلم كبير لم أفكر يوما أننه سيتحقق. لكنها الحقيقة، إنني فعلاً في بلاد الصين التي كل من يزورها يحبها ويعشقها وينبهر بها، فتنشأ علاقة وطيدة مباشرة وبدون مقدمات بينه وبينها ، لأنه وبكل بساطة ومن حفاوة الاستقبال وتلك الابتسامة المرتسمة على وجوه المواطنيين الصينيين الذين قابلتهم وفي كل مكان دون استثناء، وطريقة التعامل الجيدة من الجميع، تدرك أنك في بلد كبير إسمه الصين.
وأنا أقوم بالإجراءات الروتينية في المطار اكتشفت أموراً جديدة في بلد عظيم وشعبها عظيم، وفي الوقت نفسه كانت تزول بعض التساؤلات القديمة، كيف وصلت الصين وشعبها إلى مثل هذا الرقي والتطور.
بعد خروجي من مبنى المطار، وأنا في طريقي متوجها إلى مقر الأكاديمية التي سنجري بها التربص في مجال الفنون المسرحية (دورة تدريبية لفنيي الفنون الجميلة المسرحية من الدول العربية)، كانت عيناي تلوحان هنا وهناك، تتأملان تلك المناظر المبهرة والبناءات والتهيئة العمرانية والمنشآت المتميزة، شوارعها الواسعة والمتناسقة، طرقها المنتظمة، حقيقة طرحت سؤالاً على الجميع وكان رفاقي يذكرونني به من حين إلى حين: “لماذا جئتم بي إلى هنا؟” لهول ما أرى، حقيقة.
تجربتي المتواضعة في جمهورية الصين الشعبية والتي دامت شهرين كاملين، توزعت يوماً للدراسة ويوماً للسياحة والاكتشاف، كانت جد متميزة ورائعة وبقيت ولا زلت أحكيها إلى يومنا هذا، فالصين بلد كله نظام وتطور، رقي وازدهار، ثقافة وعلوم، تخطيط وتجسيد. ووقفت على حقيقة جد مهمة وهي أنه لكل مجال في الصين أهمية كبرى، وعلى سبيل المثال كانت زيارتي للصين في اطار تربص في الفنون المسرحية، فوجدت ما لم أكن أتخيله، حيث أنني ظننت أنني سأجد معهداً وطنياً للمسرح، مثلما هو الحال في بلدي الجزائر، وإذ وجدت معاهد وطنية متعددة، ولكل معهد تخصصه، ووجدت طلابا كثيرين في المعاهد التي زرتها، ودخلت العديد من دور المسرح والأوبرا فوجدتها ممتلئة عن آخرها، فصراحة كان سؤالي: ما هذا.
وأنا صغير، كنت أسمع عبارة العملاق النائم، طبعا هذه العبارة كانت تقال في حق جمهورية الصين الشعبية، فقلت إذا كان هذا البلد بهذا الشكل يوصف بالنائم فإذا استيقظ فكيف سيكون، وأدركت أن الصين كخلية النحل، الجميع يكد ويجتهد من أجل ازدهار بلاده والعيش الرغيد.
لقد كانت لي تجربة جميلة جداً في التعامل مع هذا الشعب العظيم، واحترمت فيه احترامه الشديد لدولته ومعالمها وتاريخها وحضارتها، ورفعت القبعة لاحترامهم الكبير للسلم الوظيفي وتطبيق قوانين الدولة كل في اختصاصه ومجال صلاحياته، فتجد الموظف يمارس المهام المنوطة به بجدية وفي حدود صلاحياته، لا يزيد ولا ينقص ولا يتجاوز حدوده ولو بكلمة، فيا سبحان الله.
ووقفت متأملاً لشتى مجالات الحياة في الصين، فأبهرني شدة احترام الوقت، خاصة في وسائل النقل: الوقت مضبوط بالمقاس، ورحت أنظر إلى جوانب أخرى، فإذا أردت أن انهل العلم وجدت الكثير الكثير، وإذا أخذت الجانب السياحي لن يكفيني من الوقت سنين لـزور كل المعالم السياحية والرموز التاريخية و الحضارية المنتشرة في ربوع الصين. و إذا أردت تقييم تلك الإنجازات الكبرى التي وصلت إليها الصين في شتى المجالات فتدرك أن الفضل يرجع للقيادة الرشيدة للبلاد، للحزب الشيوعي الصيني الذي يتولى أمانته العامة حاليا الرئيس المتميز شي جين بينغ، وبفضل سياسة الإصلاح والانفتاح التي بادرت بها الصين مند أربعين عاما .
مرت خمس سنوات على زيارتي الأولى للصين، وما زلت أعيش على أمل العودة إليها مرات أخرى، لأنني أحببتها كثيراً ولم اشبع ولم أرتوِ منها، وبقيت ظمآناَ منذ سنة 2013، أعيش على هذا الأمل.
الجزء الأول – يُتبع
السيد مراد بن عيسى – نائب رئيس المجموعة الرئاسية الاتحادية لفرع الجزائر للإتحاد الدولي للصحفيين و الكتاب العرب أصدقاء الصين – رئيس مصلحة النشاط الثقافي بدار الثقافة لولاية ورقلة – عضو ربطة أصدقاء الصين في الجزائر ونوادي قراء مجلة الصين اليوم و أصدقاء إذاعة الصين الدولية….