تعليق: المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تأخذهما لوضع يتطلب الإسهام الثنائي لمعالجته
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
أعربت الصين عن نية حسنة لتسوية خلافها التجاري مع الولايات المتحدة، مع قبول نائب وزير التجارة ونائب الممثل التجاري الدولي الصيني وانغ شو ون، دعوة أمريكية وقيادته وفدا إلى هنا من أجل استئناف المحادثات، وأصبحت الكرة الآن في ملعب واشنطن لجعل هذا الحوار لا يمثل ممارسة أخرى غير مجدية.
لقد حظيت هذه المحادثات على مدى يومين بالإشادة والتطلعات بعد أن عاد أكبر اقتصادين بالعالم إلى طاولة المحادثات بعد شهرين من الخلاف المتفاقم. إنها إظهار لرغبة متبادلة لمعالجة الخلافات الحالية وتفادي مزيد من عواقبها على النمو والاستقرار المالي بالعالم.
رغم ذلك، فهذا الوضع غالبا ما يأخذ الطرفين إلى وضع صعب يتطلب الإسهام الثنائي لمعالجته. وأية ثمار متوقعة من هذه الجولة من التبادلات تتطلب تفاعلا حيويا وتفكيرا متفهما من كلا الجانبين. وهذا لا يمكن أن يكون من جانب الصين وحدها.
ورغم أن دعوة الولايات المتحدة للصين تظهر رغبتها في التوصل لاتفاقات تفاوضية، فإن روح “فن الاتفاق” تكمن أكثر في التنازل المتبادل وليس بالمساومة المفروضة. إن ممارسة أقصى الضغوط تظهر حالة إما أن تقبل بطريقتي أو لا طريقة أخرى، ثم أن عقلية المحصلة الصفرية أثبتت عدم نجاعتها مع الصين، وتهدد بنتيجة لا يوجد فائز فيها.
لقد وفرت جولات المحادثات السابقة بين البلدين دروسا وافرة لكليهما للعمل على إزالة سوء الفهم وسوء التقدير، خلال المشاركة في هذه الفرصة التفاوضية التي لم تأت بسهولة.
ومن بين هذه الدروس، ضرورة أن تتحلى الولايات المتحدة بنهج أكثر مرونة يؤكد التفاهم المتبادل وليس الضغط من جانب واحد. وأية نتائج مقبولة من الطرفين خلال هذه الجولة من المحادثات يجب أن تعتمد على جهود ثنائية، حيث ينبغي أن يسعى الطرفان للقاء بعضهما البعض عند منتصف الطريق.
إضافة لهذا، هناك مثل يقول إن روما لم تبن بين ليلة وضحاها. ومراحل التنمية المختلفة بين الصين والولايات المتحدة تجعل تسوية قضايا مثل الدخول للأسواق، غير ممكنة في مرة واحدة، ومع وجود الكثير من المصالح المترابطة بينهما، يتعين عليهما التحلي بمزيد من الصبر والسعي لأرضية مشتركة وتنحية الخلافات جانبا.
ونجاح هذه المناقشات يتطلب أيضا وضع قائمة متفق عليها للمشاكل ذات الأولوية. رغم ذلك، تبقى واشنطن متعنتة وغير واضحة في هذا المجال، لأن السلطات الأمريكية مثل البيت الأبيض ووزارة الخزانة ومكتب الممثل التجاري الأمريكي، تظهر اهتمامات وأولويات مختلفة فيما يتعلق بالصين.
وكما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كتابه حول صنع الاتفاقيات “المهم هو أن لا تكون طماعا جدا”، وهذا يعني أنه يتعين على كلا الجانبين أن يعملا على تحديد أولوياتهما الرئيسية خلال هذه الجولة من المحادثات ووضع خريطة طريق، في مسعى لإيجاد طريق للخروج من المأزق الحالي باتجاه تسوية نهائية للقضايا.
والأكثر من هذا، وبما أن أهمية الثقة تأتي بمكانة لا تتقدمها أهمية أخرى، يتعين على الجانب الأمريكي أن يكون مستعدا للتفاعل واحترام التزاماته وليس النكوص عنها، إن كان فعلا يعنيها. إن أية ثمار للحوار الثنائي لن تتحقق إذا نكثت واشنطن بتعهداتها كما فعلت من قبل. إن مصداقية الدولة أمر في غاية الأهمية، وسيكون الأمر في صالح البلاد تماما إذا حافظت على مصداقيتها مع الآخرين.
وفي الوقت الذي تبحث فيه واشنطن سياستها تجاه الصين، لا يمكنها تجاهل صيحات وشكاوى قطاعات الصناعة الأمريكية المتأثرة والتي ستتأثر بالخلافات الحالية مع الصين. وهناك تحذيرات من عواقب تكتيكات السياسة الأمريكية مثل تدمير سلسلة الإمداد العالمية وشل القطاع الخاص في الولايات المتحدة وفقدان فرص العمل والضرر لمصالح المستهلكين، حيث سادت هذه التحذيرات مناقشات وجلسات استماع عامة لستة أيام، أظهرت تعليقات من قطاعات تجارية وصناعية حول الرسوم الجمركية المقترحة على ورادات من الصين بقيمة 200 مليار دولار أمريكي.
في الحقيقة، إن أسلوب فرض الرسوم من جانب واحد، لم ينجح أبدا في تاريخ الولايات المتحدة. وعواقب المواجهة التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد بالعالم ستكون لها عواقب وخيمة من كافة الأوجه، أكثر بكثير مما تتصوره واشنطن.
إن لغة التهديد الأمريكية أو وجوب التنفيذ الآن وليس غدا، لن تسهم إلا بقطع عملية الحوار المثمر، وعلى الولايات المتحدة أن تنظر بعقلانية للعلاقات التجارية الصينية-الأمريكية، وتبحث عن حل يحقق الفوز المزدوج، لمعالجة الخلافات عبر الحوار المتكافئ مع الصين، والعمل المشترك لصيانة نظام تجاري عالمي مفتوح وقائم على اللوائح ومتعدد الأطراف.