خبير: الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر في حربها الاقتصادية على الصين
ضيف حلقة اليوم: المستشار الاقتصادي والخبير بالشؤون الصينية منيرغنّيم
الولايات المتحدة وكل من معها من دول غربية وإقليمية ويلحق بهم حاملو ألوية إرهابها تخطوا كل الخطوط الحمراء من الصين إلى إيران مروراً بسورية والعالم كله على جميع الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإقتصادية والعسكرية وهنا الحديث يطول جداً عن هذه التفاصيل لكن الأخطر في سلوكيات الولايات المتحدة أنها إستفزت الدب الروسي الذي لم يرد حتى الآن سوى ببعض التصريحات ولعله يتحضر لرد قاس والعلم عند الله في زمانه ومكانه وشكله ومضمونه ، ولكن من الواضح أن هناك رداً روسياً قاسياً ، لم يقف الإستفزاز الأمريكي عند الروسي بل تعداه ليصل إلى الشريك العالمي الإستراتيجي للدب الروسي ألا وهو التنين الصيني الذي لطالما طوال السنوات الماضية، لم ينكفىء عن الساحة العالمية وكان يظهر بين الفينة والأخرى ليدعم الموقف الروسي في كثير من المسائل العالمية الملحة وخاصة قضية الإرهاب في سورية ومنطقة الشرق الأوسط ككل ويشهر يده بحق النقض الفيتو في وجه الأمريكي جنباً إلى جنب مع الروسي لقطع دابر الإرهاب الذي ثبت بالحجة والأدلة القاطعة تورط الأمريكي في صناعته وتمويله ودعمه لتدمير دول بعينها.
رئيس شركة “علي بابا” العملاقة يتحدث عن أمد الحرب التجارية الأمريكية الصينية
وصل التمادي الأمريكي إلى حد زاد في غيه ضد الصيني وخاصة بعد الإعلان عن صفقة “إس 400” للصين مع عدة أسراب من طائرات SU35 روسية ما أفقد ترامب صوابه، فراح يضرب يمنة ويسرى بلا وعي وإحتساب العواقب كالمجنون بالعقوبات على روسيا والصين معاً ، فجاء الرد الصيني صاعقاً وعلى عجل وبعنف على قرارات الرئيس ترامب ضد المنتجات الصينية ، ففرض الصيني رسوماً جمركية على 2500 نوع من السلع والمنتجات الأمريكية علما أن هذه المنتجات كانت تدر مبلغ 720 مليار دولار سنويا على أمريكا وألمحت الصين إلى أنها ستقفل كل معامل السيارات الأمريكية ومعامل “جنرال الكتريك” الأمريكية في الصين وغيرها من العقوبات اللاحقة.
الأخطر هنا على الولايات المتحدة هو أن هناك حديثاً يدور في الأروقة الدبلوماسية المشتركة حول أن الرد الصيني الروسي المشترك سيكون صاعقاً وأكثر إيلاما للولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل المنظور.
في ظل هذه التطورات لابد من الإجابة على التساؤلات التالية:
هل يتناسب الرد الصيني على الأمريكي مع حجم الخسارة نتيجة العقوبات وماهي عواقب هذا التصعيد على كلا الطرفين وإلى أي حد يمكن أن تتطور ؟
هل يمكن أن نقول أنه إندلعت فعلياً شرارة الحرب الإقتصادية العالمية ؟
إلى أي حد سوف تؤثر هذه العقوبات والإجراءات المتبادلة على المشروع الصيني بكلفة 20 مليار دولار لدعم تطوير دول منطقة الشرق الأوسط وهل أرد أردوغان بهذه العقوبات أن يفشل هذا المشرع ؟
ماهي صيغة الرد الروسي الصيني المشترك والمتوقع قريباً ؟
المستشار الإقتصادي والخبير بالشؤون الصينية منيرغنّيم يرى أن
“الصين دولة ذات إقتصاد مخطط ومنظم وليس إقتصاداً عشوائياً أو يملك حرية إقتصادية مطلقة لرأس المال، وبالتالي القرارات الصينية المضادة لم تكون كردة فعل لأنه في البرنامج الصيني هناك نظاماً وخططاً طويلة الأمد ، إذا المسيرة الإقتصادية الصينية مبنية على أسس وقوانين ، وفي حالة الولايات المتحدة فهي فقدت عناصر كثيرة من خططها الإستراتيجية وذلك لأنها تعتمد على الإقتصاد الحر وعلى رأس المال ، لأن المال هو الذي يحرك السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية على عكس الصين ، فالصين دولة ذات إقتصاد مخطط ومنظم كما أسلفنا ، وهناك في الصين دولة مركزية لديها خطط ودراسات وتقوم بتنفيذ هذه المشاريع وفق جدولة زمنية لتحقيق أهداف قصيرة المدى و بعيدة المدى. بالنسبة للعلاقات الإقتصادية الروسية الأمريكية أصبحت عميقة يعني بعد تفكك الإتحاد السوفييتي كانت هناك مرحلة ضبابية بالنسبة لدول المعسكر الشرقي ، وفي هذه المرحلة الصين قررت أن تتحرك بخطوات بطيئة في إتجاه تحرير السوق والإنتفاح على العالم الإقتصادي المفتوح في الغرب، بقي الحزب الشيوعي وبقيت الدولة المركزية قائمة ومسيطرة على النواحي الإقتصادية في البلاد وهذه أحد عناصر القوة “.
“حقيقة كل الخطوات الإرتجالية والآنية التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية ستعود سلباً عليها أكثر من شركائها الإستراتيجيين في الإقتصاد ، كالصين، والصين لديها إمكانات وإجراءات كثيرة لإلحاق الضرر الأعمق بالإقتصاد الأمريكي ،و بشكل واضح لأن التداخل الإقتصادي والإستثمارات الصينية في أمريكا أقل من الإستثمارات الإقتصادية الأمريكية في الصين ، وبالتالي أي قرارات أو عقوبات تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية من طرف واحد سيكون ضررها أكبر على الولايات المتحدة الأمريكية ذات نفسها ، والولايات المتحدة الأمريكية لايمكن أن تتخذ أي قرار يؤثر على إجراءات الصين والإقتصاد الصيني لأن الإقتصاد الصيني عملاق ،ولكن يمكن أن يؤدي إلى بعض القرارات الإستثنائية بهدف إعادة خلط الأوراق بالنسبة للصين أو بالنسبة إلى روسيا ، والمشكلة في الحقيقة الأمر أعمق بعد الحرب الباردة وفي الحرب الباردة كنا جميعنا نعلم أن الإتحاد السوفيتي يرعى منظومة الدول الشرقية ومعظم هذه الدول كانت دولاً غير منتجة وكانت عبئاً على الإتحاد السوفييتي، لأن التحول بدأ بعد البرويسترويكا وإنهيار الإتحاد السوفييتي فمنذ ذلك الوقت إنعكست الآية ، والحرب الباردة إنعكست على الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد سلباً لأنها تسعى بأي طريقة للسيطرة على العالم وبالتالي معظم الدول التابعة أو الخاضعة للفلك الأمريكي هي دول وظيفية غير منتجة وبالتالي هي أصبحت عبء إقتصادي على الولايات المتحدة الأمريكية “.
“من المتوقع قريباً أن نرى صيغ جوابية و رد روسي صيني منسق وأهم مرتكزاته كما قلنا الشعارات الغربية من حرية وديمقراطية والعدالة الإجتماعية يجب أن تكون بالأساس مدعومة بفكرة الدول القادرة على تحقيق البيئة المناسبة لتحقيق هذه الحريات والديمقراطيات ، والدول والصاعدة مثل الصين والإتحاد الروسي والبرازيل تريد أن تفرض فكرة جديدة ، وأن تفرض فكرة التعاون الإستراتيجي والإقتصادي بين الدول ، وتحرير الدول من المفهوم الوظيفي التبعي دون أن يكون هناك برامج للتنمية المستدامة بين هذه الدول ،لذلك نرى أن الدول الصاعدة وعلى رأسها روسيا والصين قادرة على إتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة ولا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تؤثر في قراراتها بغض النظر عن الأدوات المتاحة الآن للولايات المتحدة الأمريكية في الجانب الإقتصادي من بنوك وخدمات بنكية ، ولكن كل ذلك لايؤثر على هذه الدول التي أصبحت لها بنيتها الإقتصادية الذاتية الخاصة والقادرة على نشر منظومتها الإقتصادية من بنك دولي ومن خدمات بنكية حديثة دون اللجوء الى البنوك أو إلى المساعدات و التسهيلات الإقتصادية الغربية”.